كمال زكارنة يكتب : مشروعا قرار يتنافسان امام مجلس الامن بشأن غزة !
كمال زكارنة :
تقدمت كل من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية، بمشروعي قرار الى مجلس الامن الدولي بشأن غزة،كل مشروع منهما يختلف عن الاخر بالنص والمطالب والصياغة،وهذه من الحالات النادرة التي يتنافس فيها مشروعا قرار في المجلس بين دولتين دائمتا العضوية، تملكان حق النقض "الفيتو" ،مما يتيح لكل منهما افشال مشروع قرار الاخرى،الامر الذي يعني فشل المشروعين ،كنتيجة ختمية لمثل هذا التنافس ،وحق الاعتراض والفيتو لكل منهما.
المشروع الامريكي ،مشترك عربي اسلامي امريكي ،يتضمن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني واقامة الدولة الفلسطينية ،وهذا تطور في الموقف الامريكي ،كما يتناول الحل الشامل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وفي الشرق الاوسط ،وليس فقط ملف غزة ،بينما تعترف روسيا رسميا بالدولة الفلسطينية منذ سنوات طويلة.
دخول روسيا على خط الحراك السياسي والدبلوماسي حول القضية الفلسطينية ،سوف يخلق نشاطا ينعكس بالضرورة ايجابيا، على نتائج الجهود الدبلوماسية التي تبذل ،عربيا واسلاميا ودوليا من اجل انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والعربي الاسرائيلي،وسيحد من التفرد الامريكي بمصير ومستقبل المنطقة.
مشروع القرار الامريكي العربي الاسلامي ،يخلخل مفاصل نتنياهو واعضاء حكومته،لانه يشير الى حق تقرير المصير والدولة الفلسطينية والتعايش بين الفلسطينيين والاسرائيليين،وهذا يتناقض تماما مع مشروع واهداف ونوايا ومخططات وايدليوجيا نتنياهو ،ويمحو خارطة "الشرق الاوسط الجديد" التي رسمها نتنياهو ويحلم بتحقيقها على ارض الواقع ،وهي اسرائيل الكبرى ،على انقاض الدول والاراضي والشعوب العربية،والحصول على التطبيع المجاني الذي يريده .
نتنياهو لن يكون مسرورا بطرح المشروع الامريكي العربي الاسلامي امام مجلس الامن الدولي ،وسوف يرحب بكل تأكيد ،بالتنافس بين المشروعين الامريكي والروسي ،كي يسقط المشروعان باستخدام حق النقض،الامر الذي يريح حكومة الاحتلال .
تضمين المشروع الامريكي حق تقرير المصير والدولة الفلسطينية،جاء بمطالب وتأثير عربي اسلامي،ونتيجة موقف مبدئي بأن لا تطبيع ولا استقرار ولا سلام في المنطقة، قبل اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وقد تكون الادارة الامريكية توصلت الى قناعة ،بأن الكيان اصبح عبئا ثقيلا على الشعب الامريكي وخاصة دافعي الضرائب،حيث اصبح الانتقاد والمعارضة الشعبية الامريكية لسياسة البيت الابيض تجاه اسرائيل،علنية وواضحة برفض تلك السياسة ،الى جانب ان الدول العربية ،كحليف مفيدة لامريكا اكثر بكثير من الكيان،فهي غير مكلفة،وعلى العكس تدعم الاقتصاد الامريكي بترليونات الدولارات،والاقتصاد الامريكي حاليا في حالة تدهور متسارع،لذلك فان الخيار العربي الداعم اقتصاديا بالنسبة لامريكا، افضل بكثير من الخيار الاسرائيلي المكلف جدا،الذي لم تعد بحاجة له،في ظل التحالفات الاستراتجية العربية الامريكية.
اذا صدقت الادارة الامريكية مع العرب والفلسطينيين،فان المنطقة امام متغيرات جذرية وحقيقية، سوف تغير وجه اسرائيل لتنتج كيانا جديدا،وتحافظ على وجه الشرق الاوسط الحالي.