الأخبار

د. كميل الريحاني : ما هو المطلوب أكثر مما يفعله جلالة الملك عبدالله الثاني تجاه القضية الفلسطينية؟

د. كميل الريحاني : ما هو المطلوب أكثر مما يفعله جلالة الملك عبدالله الثاني تجاه القضية الفلسطينية؟
أخبارنا :  

منذ تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مقاليد الحكم، لم تتوقف مواقفه الثابتة والواضحة تجاه القضية الفلسطينية، التي ما زالت تُشكّل جوهر السياسة الأردنية وركيزة مبدئية في فكر الهاشميين. هذه القضية ليست ملفاً سياسياً عابراً بالنسبة للأردن، بل هي قضية وجود وضمير، وقضية هوية ومصير. ومن يتابع تحركات جلالة الملك، على المستويين الإقليمي والدولي، يدرك تماماً أن الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني لم يترك منبراً دولياً إلا وأعاد فيه التأكيد على مركزية فلسطين والقدس، وعلى أن السلام العادل والشامل لا يمكن أن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
الموقف الثابت والدور التاريخي
الأردن لم يتغيّر، ولم يتبدّل موقفه رغم العواصف السياسية في المنطقة. فجلالة الملك عبدالله الثاني سار على خطى والده الراحل الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي التمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وهي وصاية مشرفة تمثل شرفاً ومسؤوليةً تاريخية، حملها الهاشميون منذ أكثر من مئة عام.
لقد كانت كلمات الملك عبدالله الثاني في كل محفل دولي بمثابة صوت الحق العربي، يذكّر العالم بواجبه الأخلاقي والسياسي تجاه مأساة الفلسطينيين، ويفضح الانتهاكات والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى وحقوق أهالي القدس. ومهما تبدلت موازين القوى، فإن الأردن ظلّ ثابتاً في مبدئه، صادقاً في التزامه، واضحاً في خطابه، لا يساوم على القدس ولا يقبل أن تكون القضية الفلسطينية ورقة تفاوض أو صفقة سياسية.
الجهود الدبلوماسية والسياسية
في كل مرة تتصاعد فيها الأزمات في الأراضي الفلسطينية، نجد الأردن في مقدمة الدول التي تبادر بالتحرك الدبلوماسي والسياسي والإغاثي. فقد تحرك جلالة الملك في أروقة الأمم المتحدة، وفي الاتحاد الأوروبي، والبيت الأبيض، والعواصم العربية والإسلامية، ليعيد التأكيد على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية وحماية المدنيين ورفض التهجير القسري، وليدعو إلى إطلاق عملية سلام حقيقية تقوم على الشرعية الدولية.
كما لم يتوقف الأردن عن دعم الفلسطينيين في الميدان، من خلال مستشفياته الميدانية في غزة والضفة الغربية، ودعمه المتواصل لوكالة «الأونروا» رغم التحديات الاقتصادية، فضلاً عن جهوده المستمرة في الدفاع عن القدس الشريف ومقدساتها في وجه محاولات التهويد والتقسيم.
الرد على أصوات المشككين
رغم هذا التاريخ المشرف والدور الكبير، يظهر بين الحين والآخر من يحاول التقليل من شأن الجهد الأردني أو التشكيك في مواقفه، بدوافع سياسية أو إعلامية مغرضة. وهؤلاء يتجاهلون الحقائق الثابتة التي يعرفها القاصي والداني.
فالملك عبدالله الثاني لا يرفع شعاراً إعلامياً، بل ينتهج عملاً سياسياً ممنهجاً يقوم على الحكمة والعقلانية والواقعية. لا يبحث عن الأضواء أو المجد الشخصي، بل يحمل همّ الأمة على كتفيه ويسعى لحماية مصالحها. أما المشككون، فهم إما يجهلون حجم ما يواجهه الأردن من ضغوط سياسية واقتصادية نتيجة مواقفه المبدئية، أو يتعمدون الإساءة لتشويه صورة هذا الدور الريادي الذي يشهد له العالم.
والحقيقة أن كل منصف يدرك أن الأردن لم يفرّط يوماً في فلسطين، ولم يتخلّ عن القدس، بل بقي السند والظهير للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع، مقدماً الدعم والموقف والكلمة، ومتحملاً أثماناً باهظة في سبيل ذلك.
الأردن وفلسطين قلب واحد
في النهاية، لا يمكن لأي منصف أن يسأل: «ما الذي يفعله الأردن؟» بل يجب أن يتساءل: «ماذا بقي للآخرين أن يفعلوا مثلما يفعل الأردن؟»

فالأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، هو الصوت العربي الصادق الذي لم يساوم، ولم يتخاذل، ولم يتغيّر. إن موقفه ليس موقف دولة تبحث عن دور، بل موقف قيادة تؤمن برسالة وتتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية تجاه الأمة وقضيتها الأولى.
وإذا كان البعض يشكك أو يزايد، فإن التاريخ وحده كفيل بأن ينصف الرجال، ويكتب في صفحاته أن الملك عبدالله الثاني وقف في وجه العواصف مدافعاً عن فلسطين والقدس، وعن كرامة الأمة كلها. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك