خلدون ذيب النعيي : التشكيك والشخصنة والنقد الهدام
في الوقت الذي يواجه فيه الوطن وقضايا الامة تحديات كبيرة ومفصلية في ظل استمرار حرب الابادة والتهجير الاسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية وبيان العجز الدولي في المواجهة الحقيقية لخطط جوقة التطرف في تل ابيب، يبرز لنا من ابناء جلدتنا من يواجهون الآراء المختلفة بالتشكيك من خلال نسخ الروايات والمواقف الوهمية فضلاً عن التركيز على الاشخاص وحياتهم الخاصة او حركاتهم العفوية بعيداً للاستماع المثمر للراي ومن ثم نقده ايجاباً او سلباً، نعي جيداً ان من يعتلي موقعاً رسمياً يضع نفسه في مرمى النقد الدائم بما يقدمه في الوظيفة وتعاطيه مع احتياجات حياة المواطن واهتماماته المباشرة، ولكن ان يتخذ هذا النقد نهج التشكيك الدائم لسبب او لآخر او الخوض بالحياة الشخصية الخاصة فهو النقد الهدام بعينه حقداً كان ام غباءاً، فضلاً عن دوره في بث بذور التفرقة وشق الصف في هذا الوقت.
في لقائه الاخير مع الاعلاميين اكد جلالة الملك عبدالله الثاني على اهمية صون حق ابداء الرأي في مختلف المواضيع طالماً كان ذلك تحت سقف القانون ووفق ثوابت الدولة الاردنية، وبالتالي يبرز هنا الدور الذي يمثله الاعلام وفق رؤية جلالته في اثراء تنويع الآراء والتي تساهم كمخزون مهم لصاحب القرار يساعده في عمله، ولكن في اللحظة الذي يدخل فيها المشككون والمشخصنون كذباب الكتروني يعمل على التأليب الاعمى وقلب الحقائق واشغال العقول باختلاق المعارك الفارغة والنقاشات العقيمة فأن الفضاء الاعلامي يغدو وقتها معول هدم اكثر منه اداة بناء وحشد مجتمعي ووطني لما فيه الخير، وبالتالي يفقد الاعلام دوره الحقيقي في بناء الاوطان وتثقيف وتوعية الانسان.
وهنا لم يستهدف هذا التشكيك والشخصنة اصحاب الراي بل وصلت لعمل المؤسسات الوطنية المختلفة مثل القطاعات الطبية والتعليمية كمقدرات وطنية يُفتخر بها في وطن بناه أبناؤه رغم قلة الموارد المادية وضعف الامكانات فكانت قصة نجاح بين اشقائه العرب، فتصيد الهفوات البسيطة وتضخيمها والتي تلازم عادة كل عمل ناجح فضلاً عن نسج الاخبار او تأويلها بسلبية سيكون له انعكاساته الداخلية فضلاً عن دوره الخارجي في استهداف السمعة المميزة التي بناها الاردنيون لوطنهم في مختلف الميادين، فالحياة بتجاربها تدل ان البناء المميز الذي استغرق جهد اعوام كثيرة لا يحتاج الا ثواني معدودة لهدمه، حمى الله الأردن من كل مستهدف حاقد ومردد غبي.
البعض يؤكد في نقده الغبي هنا انه تجسيد حقيقي لمن تدله على وجود القمر وتحدثه عن جماله وهو يكتفي بالنظر لأصبعك، وليس بعيداً عنه ذلك الحاقد في تبنيه مقولة ان القصة ليست قصة رمانة بقدر ماهي قلوب مليانة..!!، وهنا اثبتت التجارب انه لا فرق بين الجهل بغبائه والقصد بحقده عندما يتعلق الأمر بخيمة الوطن التي يعيش بكنفها الجميع بالنظر ان نتائج ذلك لا تستثني احد، هي رسالة لتقوى الله في وطن يحتضننا وكف القلم واللسان عن استهداف الاخرين فعذاب «الويل» توعد الله تعالى في كتابه الكريم به المطفف الذي يستهدف أموال الناس وتوعد أيضاً من يستهدف سمعتهم ويلمزهم.