د. كميل الريحاني : «عبق اللون» مبادرة أردنية ترسم الأمل في عيون لا تبصر
في وقتٍ أصبح فيه الفن وسيلة للتعبير وتجاوز التحديات، سطعت من الأردن مبادرة إنسانية رائدة، حملت في طياتها الأمل والإبداع والانفتاح على الآخر، أطلقها الفنان التشكيلي الأردني سهيل بقاعين، وحملت اسماً بقدر ما هو بسيط، بقدر ما هو عميق الدلالة: «عبق اللون».
هذه المبادرة الإنسانية التي انطلقت منذ عدة سنوات، جاءت لتمنح المكفوفين سواء فاقدي البصر كلياً أو جزئياً فرصة حقيقية لملامسة عالم الفن والرسم من خلال حاسة الشم، في تجربة فريدة قلّ نظيرها.
اعتمد بقاعين في فكرته الرائدة على ربط كل لون برائحة مألوفة، ليتمكن فاقدو البصر من تمييز الألوان والشعور بها بطريقة حسّية:
الأخضر برائحة النعناع، الأصفر برائحة الليمون، البني برائحة القهوة، الأحمر برائحة الفراولة.
وهكذا، بدأ الأطفال والفتيات بتعلم الرسم والتلوين رغم فقدانهم للبصر، وتحوّلوا إلى مبدعين يشاركون بأعمالهم في معارض محلية وعالمية، لينقلوا هذه المبادرة من الأردن إلى العالمية، وليصبحوا قدوة في قوة الإرادة وقهر المستحيل.
تقديراً لهذه الفكرة الاستثنائية، كرّم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الفنان سهيل بقاعين بمنحه وسام الاستقلال، عرفاناً بجهوده الإنسانية والفنية التي جمعت بين الفن وتمكين ذوي الإعاقة.
وإذ نرفع القبعة لهذا الفنان الملهم، فإننا نناشد الجهات الرسمية والخاصة تقديم الدعم المستدام لهذه المبادرة، وتوسيع نطاقها داخل الأردن وخارجه، لما لها من أثر عميق في تحقيق الدمج وتعزيز الثقة بالنفس لدى فئة مهمّشة تستحق أن يُنظر إليها بعين التقدير لا التعاطف. ونحن إذ نحيّي صاحب هذه الفكرة الرائدة، نوجّه له أسمى آيات الشكر والعرفان، ونناشد الجهات الرسمية والخاصة تقديم الدعم المستمر لهذه المبادرة الإنسانية، والعمل على توسيع نطاقها لتشمل مزيداً من الفئات والمجتمعات.
مبادرة «عبق اللون» ليست مجرد مشروع فني، بل قصة نجاح أردنية تستحق أن تُروى وتُدعم، لأنها ببساطة... ترسم الأمل في العتمة.