الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : الرئيس القادم

اسماعيل الشريف يكتب : الرئيس القادم
أخبارنا :  

خلال الزيارة الأخيرة لمجرم الحرب نتن ياهو إلى الولايات المتحدة، برز الدور المؤثر الذي تلعبه زوجته سارة -حمالة الحطب- في المشهد السياسي؛ فقد رافقته في جميع اللقاءات الرسمية، وكانت أول من صافح ترامب، كما شاركت في العشاء الرسمي وزيارة البنتاغون.

لم يقتصر دورها على الحضور الرمزي، بل تدخلت في المناقشات السياسية مع ترامب حول الوضع في غزة، وتشير تقارير إلى احتمالية تأثيرها على قرار انتزاع الضوء الأخضر لضرب إيران.

على الصعيد المحلي، تحضر سارة اجتماعات زوجها مع عائلات المحتجزين في غزة، وتشارك بفعالية في الحوارات، أحيانًا مُصحِّحة لتصريحات زوجها. كما تشير تقارير إعلامية إلى أنها لعبت دورًا في اختيار رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) ديفيد زيني.

وهي غارقة معه حتى أخمص قدميها في قضايا فساد متعددة. وثق فيلم «ملفات بيبي» الوثائقي -الذي يحتوي على تسجيلات مسربة من التحقيقات مع مجرم الحرب نتن ياهو وزوجته- شهادات لمديرة أعمال الملياردير الأمريكي – الإسرائيلي، أرنون ميلتشان، وهي تتحدث عن شرائها مجوهرات باهظة الثمن لسارة نتنياهو بناء على طلبها.

ويؤكد عدد من المسؤولين على النفوذ الواسع لسارة نتن ياهو في عملية صنع القرار؛ فقد استقال الناطق الإعلامي السابق لمكتب نتن ياهو، عمر دوستري، محتجًّا على ما وصفه بالتدخل المباشر في شؤون الحكم، ويصف بن كاسبيت، كاتب السيرة الذاتية لنتن ياهو، الوضع بأن سارة تمارس دور «رئيسة الوزراء الفعلية»، مشيرًا إلى أن نظام الحكم بات يتسم بطابع عائلي فوضوي. من جهته، يقدم نتن ياهو زوجته في المناسبات العامة باعتبارها «شريكة استثنائية»، مما يعكس الدور المحوري الذي تلعبه في مسيرته السياسية.

تُظهر دراسة المسار الشخصي لسارة نتن ياهو أوجه شبه مع تجارب زوجات سياسيين بارزين آخرين، مثل هيلاري كلينتون، في تحويل التحديات الشخصية إلى نفوذ سياسي. كلا المرأتين واجهتا أزمات زوجية علنية، لكنهما اختارتا البقاء في المشهد السياسي وتعزيز مواقعهما فيه. وقد عبّر نزار قباني عن تلك الأزمات بقوله: «أكره أن أكون امرأة خُدعت باسم الحب... خُدشت في كبريائها، وأُهدرت في انتظار رجل لا يستحق.

يمكن تفسير هذا النهج من منظور سوسيولوجي، حيث تحولت الأزمات الشخصية إلى فرص لإعادة تعريف الأدوار وترسيخ المكانة السياسية. هذا التحول من الضحية إلى الفاعل السياسي يعكس استراتيجية براغماتية في التعامل مع التحديات الشخصية والاستفادة منها لتحقيق مكاسب سياسية.

مر نتن ياهو بتجارب زوجية متعددة قبل زواجه من سارة عام 1991. زواجه الأول من مريم فايسمان انتهى بالطلاق عام 1978 بسبب خياناته، وزواجه الثاني من فلور كيتس، التي اعتنقت اليهودية، لم يستمر سوى ثلاث سنوات.

بعد عامين من زواجه من سارة، واجه الزوجان أزمة عندما تسربت معلومات حول علاقة خارج إطار الزواج. رغم هذه الأزمة، استمر الزواج، وتشير تقارير إلى أن سبب استمراره أنها عقدت معه صفقة حصلت بموجبها على دور متزايد في عملية صنع القرار السياسي، مما يعكس تطور نفوذها من الشؤون الشخصية إلى المجال السياسي الرسمي.

تُظهر تجربة هيلاري كلينتون نموذجًا مشابهًا في التحول من الأزمات الشخصية إلى المناصب السياسية العليا. فبعد فضيحة مونيكا لوينسكي، تطورت مسيرة كلينتون السياسية لتشمل عضوية مجلس الشيوخ، ووزارة الخارجية، والترشح للرئاسة عام 2016. تشير تحليلات سياسية إلى أن كلينتون وباراك أوباما يحتفظان بتأثير كبير على المشهد السياسي الأمريكي من خارج المناصب الرسمية.

هذا النمط من التأثير غير المباشر يثير تساؤلات حول طبيعة القوة السياسية وممارستها خارج الأطر التقليدية، خاصةً عندما تتداخل العوامل الشخصية مع الاستراتيجيات السياسية طويلة المدى.

تشير تقارير متخصصة إلى أن اللوبيات الصهيونية تعتبر نتن ياهو شخصية مركزية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، نظرًا لمواقفه الثابتة في القضايا الإقليمية وسياساته التوسعية. فهو يرفض تقديم أي تنازل للفلسطينيين، ويتبنى خططًا توسعية، ويزجّ بالمنطقة في حروب متكررة تخدم مصالح شركات الأسلحة. ورغم الفضائح التي تطارده، لم يسقط، بل عاد إلى الحكم. فهو محمي بمنظومة تفوق حدود السياسة المحلية هذا التوافق الاستراتيجي قد يفسر استمرار نتن ياهو في المشهد السياسي رغم التحديات القانونية والسياسية التي واجهها.

العلاقة بين نتنياهو والإدارات الأمريكية المتعاقبة تعكس تعقيدات الشراكة الاستراتيجية، حيث تتجاوز الاعتبارات الشخصية لتشمل المصالح الجيوسياسية الأوسع. فعلى الرغم من كراهية ترامب له، إلا أنه يستقبله بحفاوة لافتة، وهو المعروف بإهانته لرؤساء العالم، لكن مع نتن ياهو يجلس في هيئة الخاضع. وربما كانت سارة، زوجته، جزءًا من هذه المنظومة المحكمة، هذا التفاعل يوضح كيف تؤثر الديناميكيات الشخصية على العلاقات الدولية، خاصةً في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية.

قالوا: «وراء كل رجل عظيم امرأة»، لكنهم صمتوا عن الشيطان؛ فمن يقف خلفه؟ لا شك أنه، كما أسماه الخُميني: «الشيطان الأكبر».

يثير الدور المتنامي لسارة نتنياهو في الحياة السياسية تساؤلات حول احتمالية دخولها المعترك السياسي بشكل مستقل مستقبلًا. هذا السيناريو ليس مستبعدًا في ضوء السوابق التاريخية لزوجات السياسيين اللواتي تحولن إلى شخصيات سياسية مستقلة.

مواضيع قد تهمك