نسيم عنيزات : «اركنوا ربابتكم» ولا تُضيّعوا جهدنا، ولن نتخلى عن مساعدة أهل غزة
حديث جلالة الملك عبد الله الثاني في لقائه عددًا من الإعلاميين أمس عن
ثبات واستمرار الموقف الأردني في دعم قطاع غزة بكل الإمكانيات والسبل
المتاحة، هل سيتغير المشهد لدينا؟
هل ستتغير حالة التخبط والتحريض التي مارسها البعض وقسّم العرب عربَين بين مشكك وناكر؟
نعم،
لقد وضع جلالة الملك النقاط على الحروف وأكد مضيّ الأردن بدوره الإنساني
والأخلاقي ومساعدة أهل غزة الذين يواجهون إبادة جماعية وحرب تجويع لم يشهد
لها التاريخ الحديث مثيلًا، ليقطع الطريق على المحرضين الذين يدّعون خوفهم
وخشيتهم على الأردن جرّاء موقفه المنحاز للقيم الأخلاقية والمبادئ
الإنسانية.
هؤلاء الذين قلبوا المشهد الأردني وحوّلوا ساحته البيضاء إلى
حالة من الجدل والصراع حول قضايا وأمور لا قيمة لها أمام الموقف الأردني
وما يواجهه قطاع غزة، متجاهلين عن قصد، أو أن جهلهم أنساهم أن أفعالهم هذه
لا تطاول الموقف الأردني العظيم، ولن تتمكن من تصغيره أو تقليص حجمه.
حيث
أخذ البعض في ردوده وانفعالاته منحًى نحو النأي بالنفس عمّا يحدث لأهل
غزة، في حين انحدر البعض نحو المِنّة التي لا تخلو من الجميلة على شعب
مُجوَّع يعاني مجاعة وإبادة جماعية، لا يمكن أن تستوعبه عقل بشرية أو
تستقيم له نفس سوية.
متناسين بأن ما نقوم به هو واجب إنساني وأخلاقي،
وقبل ذلك وبعده ديني، دعت له جميع الكتب والأديان السماوية، أي ليس مَنّة
أو طوعًا، إنما واجب وفرض أخلاقي وديني.
كما نقول لمن يدّعون الخوف على
الأردن جرّاء مواقفه ومساندته للفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم، وكذلك
مساعدة المجوّعين، بأن اركنوا ربابتكم جانبًا، ولا تُضيّعوا الموقف الأردني
بجهلكم ومواقفكم غير المفهومة، حتى لا نكون «كالتي نقضت غزلها من بعد قوة
أنكاثًا».
فها هو العالم يتغير، وموقفه يقترب من مواقفنا بعد سنوات من
الجهود الأردنية المتواصلة لإعادة البوصلة العالمية وإحداث استدارة دولية
حول القضية الفلسطينية التي تخلّى عنها العالم، في حين بقي الأردن صامدًا
على موقفه لإيمانه بعدالة القضية الفلسطينية.
ليأتي البعض اليوم
بمهاترات ويُغرقنا بدعوات تحمل في طيّاتها وبين سطورها مصطلحات غير مفهومة
ودعوات مسمومة بمعانٍ مختلفة ومقاصد متعددة، تَغمز من باب التخلي عن القضية
حرصًا على مصالحنا الوطنية.
وكأن موقفنا التاريخي والعادل من القضية الفلسطينية يُهدد دولتنا ووجودنا، ويضرّ بمصلحتنا الوطنية أو يُهدد وجودنا، لا سمح الله.
فالموقف
الأردني تجاه الفلسطينيين وقضيتهم ثابت تاريخي، وقد أخذ العالم يتلمس
طريقه، فبعد فرنسا، ها هي بريطانيا صاحبة وعد بلفور تُلوّح وتهدد بأنها
ستسلك الطريق نفسه، الأمر الذي يؤكد أن الدور الأردني أحدث اختراقًا دوليًا
تاريخيًا غير مسبوق، فلا تُضيّعوا تعبنا وتسمحوا لغيرنا بأن يقطف ثمار
جهدنا.
فسنبقى ندعم فلسطين ونساعد غزة وأهلها حتى يُفك الحصار عنها،
ويأكل شيخها، ويَرضع طفلها، وتَأمن نساؤها، وتنسحب قوات الاحتلال من أرضها.
ويحصل الشعب الفلسطيني على حقه بإقامة دولته المستقلة، وهذه مصلحة كُبرى عليا. ــ الدستور