الأخبار

القس سامر عازر يكتب : مسرحية "النهر لن يَفصِلني عنك"

القس سامر عازر يكتب : مسرحية النهر لن يَفصِلني عنك
أخبارنا :  

القس سامر عازر

كل لحظة عشتها في أحداث مسرحية "النهر لن يفصلني عنك"، للروائي والكاتب السياسي رمضان الرواشدة، ومن إخراج الفنان صلاح الحوراني، طارت بي بأجنحة من شعور، وحلّقت بي عاليًا في تصور وحدة القلب والتاريخ والدم والمصير الأردني الفلسطيني، الذي يجمع بينهما نهرٌ مقدّسٌ خالد، يروي روحهما من تاريخٍ مجيدٍ وعريق، ووحدةٍ روحيةٍ مقدّسة يصعب أن تنفصم عراها.

إنها وحدة الحال، ووحدة القضية، والعشق المشترك لأرض باركها الله وقدّسها، شرقيّ النهر وغربه، لتنبض المسرحية بنفحاتٍ روحية ورسالةٍ إنسانية تجمع بين القلوب، وتؤلّف بينها على وقع أجراس الكنائس وصوت الأذان، اللذين يوحّدان القلوب لعبادة الله، راكعين أو ساجدين أو واقفين، ويجمعان الصفّ للدفاع عن الأرض والعِرض والمقدّسات والكرامة الإنسانية التي مزّقتها نار الحروب، ولا سيّما حرب الإبادة الجارية في غزة، والتي تُبكي الحجر قبل العين، وتفطرُ القلب، وتثيرُ في النفس شجونًا وآلامًا يصعب أن تُشفى، لما وصل إليه عالمُنا من غيابٍ للعدالة، وافتقارٍ إلى الإنسانية، وانتهاكٍ صارخ للكرامة.

وما يميز هذه المسرحية الملحمية هو فكر وقلب مؤلفها، الرواشدة، الذي يجمع بين عشق التراب الأردني والتراب الفلسطيني، ووحدة الدم بينهما، كسياسيّ مخضرمٍ يعي أن القضية واحدة، والعشق واحد، والتاريخ واحد، والمستقبل واحد، والألم هو ذاته واحد، وأن النهر المقدس والخالد هو جسر عبورٍ من نصف القلب إلى نصفه الآخر، في قصة عشقٍ ووحدة دمٍ ومصير.

وما قدّمه، وما لا يزال يقدّمه الأهل شرقيّ النهر لغربه، إنما هو نبضٌ من قلبٍ جريحٍ ونازف، ينبض حبًا بالأهل في الضفة الأخرى، وانتماءً لثرى بلادنا المقدسة، بما تحتضنه من مقدساتٍ جمعت في جوانبها روح المكان، وعبق الرسالات السماوية التي توحّد القلوب أمام خالقها، وتجمعهم في التصدي لكل ما ينتزع الحقوق ويزرع الفرقة والفساد.

وكل الشكر والتقدير للمخرج المبدع صلاح الحوراني، وللممثلين المتميزين أريج دبابنة، ونادين خوري، ومنذر خليل، ولكل من ساهم في إخراج هذه المسرحية إلى النور، لتنطق بموسيقاها، وديكورها، وتأثيراتها الصوتية والبصرية، ومشاهدها، وإضاءتها، بما يصعب على الإنسان قوله أو البوح به، فتستنطقُ الحجرَ ليتكلم عن الجرح الغائر غرب النهر، ولتُبرز الدور الكبير الذي يقدّمه الأهل شرقي النهر، انطلاقًا من الواجب الأخوي، والإنساني، والروحي، والوطني، والعروبي، في ظل قيادة هاشمية لا تكلّ ولا تملّ من نصرة الحق الفلسطيني، ودعم الأهل في غربي النهر.

وعلى وقع الصلوات المرتّلة، الموشّحة بنعمة الإيمان والرجاء والمحبة، ارتفعت نفوسنا إلى العليّ القدير، المغيث لكل متألم ومقهور وحزين ومظلوم.

فكل الحب والتقدير نزجيها للأخ الكبير، الكاتب النبيل، رمضان الرواشدة، ابن الشوبك… الجنوبي والشمالي والشرقي والغربي، على كتاباته النابضة بعشق الأرض، وحب الحياة، ووحدة الدم الأردني الفلسطيني.

مواضيع قد تهمك