الأخبار

د. حمزة الشيخ حسين : “قصار القامة… بين عقدة النقص ومبالغات السلوك”

د. حمزة الشيخ حسين :  “قصار القامة… بين عقدة النقص ومبالغات السلوك”
أخبارنا :  

في المجتمعات، لا تُقاس القامة فقط بالطول الجسدي، بل أحيانًا بما يحمله الإنسان من مبادئ وسلوكيات. غير أن ظاهرة "التمرد السلوكي” التي قد تُلاحظ عند بعض قصار القامة، تستحق التأمل والتحليل الموضوعي.

يُلاحظ في بعض البيئات – وخاصة الضيقة منها – أن بعض الأفراد قصار القامة يظهرون سلوكًا دفاعيًّا مفرطًا، أو ما يُعرف في علم النفس بـ "متلازمة نابليون”، حيث يسعى الشخص لتعويض شعوره الداخلي بالنقص الجسدي عبر الهيمنة، الصوت العالي، أو إثارة الفتن والمشاكل.

ولنكن واضحين، لا يعني هذا أن كل قصير يحمل هذه السمات، فالقامة لا تصنع الأخلاق ولا تحكم على الضمير. لكن ما يمكن رصده – بواقعية – أن بعض قصار القامة يميلون إلى الإفراط في إظهار القوة أو الاستقلالية، مما يدفعهم في أحيان كثيرة إلى افتعال الأزمات أو الدخول في صراعات غير مبررة.

من زاوية لغوية، يتكرر في خطابهم استخدام ضمائر الأنا بكثافة: "أنا فعلت”، "أنا قلت”، "أنا أول من…”، وكأن كل حوار يُحوّل إلى ساحة إثبات ذاتي.

أما اجتماعيًّا، فيسعى البعض منهم – كردة فعل غير واعية – إلى إثبات الوجود بأي وسيلة، حتى لو كانت أنانية القرار أو إثارة الفتنة أو العبث بالمياه الراكدة في محيط العمل أو العائلة أو حتى المجموعات الصغيرة.
السؤال الجوهري هنا: هل المشكلة في الطول، أم في العقل الذي لا يرتفع بقامته؟

المجتمع لا يهمه الطول أو القصر، بل سلامة السلوك ونقاء النية. وكما أن بين طوال القامة من يحملون غرورًا مرضيًّا، فإن بين قصار القامة من هم أعمدة الحكمة والتواضع والنبل. المشكلة لا تبدأ من الجسد، بل من القلب والعقل.

وبينما يستمر البعض في إشعال الفتن الصغيرة، باسم "الطموح” أو "الغيرة البناءة”، فإن الحقيقة لا تغيب عن عين من يفهم: ليست كل قامة قصيرة سببًا في فتنة، لكن كل فتنة يقف وراءها نفسٌ لم تتصالح مع ذاتها..

مواضيع قد تهمك