الرجوب: وقف العدوان علي غزة أولوية وطنية…ونحتاج إلى خطة دولية شاملة لإعادة إعمار غزة
ندعو الفصائل لتنظيم السلاح تحت مظلة السلطة لتحقيق "وحدانية السلاح
الرجوب: الواقع الفلسطيني والإقليمي يفرض إعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية
القاهرة - أكد الفريق جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، أن المرحلة الراهنة تفرض تحركًا فلسطينيًا استباقيًا لترتيب البيت الداخلي ومنع فرض حلول خارجية لا تعبّر عن الإرادة الوطنية، مشددًا على أن مصر تُعد الطرف الأقدر على رعاية هذا التحرك، بالنظر إلى ما تمتلكه من خبرة تاريخية، ومكانة إقليمية، وعلاقات موثوقة، إضافة إلى دورها الثابت كضامن للهوية الفلسطينية عبر مختلف المراحل المفصلية من الصراع.
وقال الرجوب في حوار مع مراسل ( القدس بالقاهرة ) إن مصر هي الدولة الوحيدة القادرة على إدارة حوار فعّال بين حركتي فتح وحماس، بما تملكه من قدرة على جسر الفجوات بين الحركتين، مؤكدًا أن القاهرة أظهرت التزامًا واضحًا وراسخًا تجاه القضية الفلسطينية منذ بدايات الصراع، وظلت على الدوام الحاضن العربي الأساسي الذي رفض محاولات إذابة المجتمع الفلسطيني أو شطب هويته الوطنية.
ودعا الرجوب إلى تحرك فلسطيني وطني يعيد ترتيب البيت الداخلي ويمنع تهميش القرار الوطني أو مصادرته من الخارج، في ظل التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة، وتنامي التحركات الإقليمية والدولية الرامية إلى فرض تسويات على الفصائل والقيادة الفلسطينية خارج الإرادة الشعبية.
حوار وطني بين فتح وحماس برعاية مصرية
وقال إن المرحلة الحالية تقتضي بلورة مقاربة سياسية فلسطينية شاملة، تستند إلى حوار وطني جامع برعاية مصرية، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك من الخبرة والمصداقية والعلاقات ما يؤهلها لقيادة هذا المسار، وقد ظلت لعقود الضامن الأساسي للجهد الفلسطيني المشترك
وأوضح الرجوب أن المقاربة المطروحة تبدأ بحوار ثنائي هادئ بعيدا عن الإعلام بين حركتي فتح وحماس في القاهرة، يهدف إلى بناء تفاهمات حول طبيعة النظام السياسي في المرحلة المقبلة، وشكل المقاومة، وتوحيد المرجعيات الوطنية بعد وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن التفاهم على سلطة واحدة وقرار موحد هو مدخل أساسي لإغلاق صفحة الانقسام.
وشدد على أن المقاومة الشعبية، بما تمتلكه من أدوات قانونية وسياسية وميدانية، تمثل الخيار الأكثر فاعلية في مواجهة الاحتلال ومحاصرة السياسات اليمينية المتطرفة التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية الحالية.. مضيفا أن التحول في الوعي الدولي بعد 7 أكتوبر يجب أن يُستثمر لتعزيز الحضور السياسي للقضية الفلسطينية، وفتح أفق جديد نحو إنهاء الاحتلال.
وأشار الرجوب إلى أن اللقاء التمهيدي بين فتح وحماس يجب أن يتبعه مؤتمر وطني شامل ترعاه مصر، وتشارك فيه كافة الفصائل الفلسطينية الفاعلة ذات الحضور الفعلي والتأثير الحقيقي في الشارع الفلسطيني، سواء في الداخل أو الشتات، في ضوء التغيرات التي طرأت على الواقع الوطني، وتراجع دور بعض التنظيمات المرتبطة بأنظمة إقليمية لم تعد قائمة.
وشدد على أن الشراكة الوطنية لا يمكن أن تقوم على تمثيل رمزي أو صوري، بل يجب أن تعكس القوى الفعلية على الأرض، بما يضمن توافقات قابلة للتطبيق.
ورأى الرجوب أن هذا المؤتمر يجب أن يخرج برؤية وطنية موحدة تقوم على عدة مرتكزات أساسية، أهمها توحيد المرجعية السياسية لحل الصراع، استنادًا إلى قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، والاتفاق على شكل المقاومة، مع تركيز خاص على المقاومة الشعبية وحق الدفاع المشروع، خصوصًا في مواجهة المستوطنين واعتداءاتهم، وبناء دولة فلسطينية بنظام سياسي ديمقراطي وسلطة واحدة، ووضع آليات شراكة وطنية حقيقية، عبر عملية انتخابية شاملة تعيد تجديد الشرعيات التمثيلية وفقًا لإرادة الشعب.
حكومة توافق فلسطينية بمعايير واضحة
وأوضح الفريق الرجوب أن هذه العملية السياسية يجب أن تفضي إلى تشكيل حكومة توافق وطني، تستند إلى معايير وطنية وقانونية واضحة، وتكون قادرة على توحيد المؤسسات والخدمات، والإشراف على عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وتهيئة المناخ الوطني لإجراء انتخابات عامة في كل الأراضي الفلسطينية.
وشدد على أن اختيار أعضاء هذه الحكومة يجب أن يتم بالتوافق بين الفصائل المشاركة، مع مراعاة الكفاءة والخبرة في تشكيلها، وأن تضم شخصيات تحظى بقبول فلسطيني وعربي ودولي، بما يضمن قدرتها على التحرك بفاعلية في مختلف الساحات، وخدمة المشروع الوطني في هذه المرحلة المفصلية.
كما أكد أن مرجعية الحكومة يجب أن تبقى منسجمة مع القانون الفلسطيني، ومعبرة عن الإرادة الوطنية الجامعة، بعيدًا عن المحاصصات الفصائلية أو الاعتبارات الضيقة.
تحديات غير مسبوقة
وأكد الفريق جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، أننا نواجه في المرحلة الراهنة تحديات غير مسبوقة، في مقدمتها ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، مشيرًا إلى أن ما يجري في غزة هو حرب إبادة ممنهجة، تتزامن مع اجتياحات واغتيالات في الضفة تستهدف خنق الوجود الفلسطيني ودفعه نحو التهجير القسري.
وشدد الرجوب على أن هذه اللحظة السياسية تستوجب من القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس دورًا وطنيًا مسؤولًا، والشروع في تنفيذ أربع أولويات استراتيجية لإعادة ترتيب البيت الداخلي، بما يعيد زمام المبادرة إلى الفلسطينيين، ويحصّن المشروع الوطني في وجه الضغوط الإقليمية والدولية.
واستعرض الرجوب الأولويات الحالية والتي تتمثل في عقد مؤتمر عام لحركة فتح، لتجديد شرعية الحركة، وضخ دماء جديدة في بنيتها القيادية والتنظيمية، بما يستجيب لمتطلبات المرحلة؛ و إعادة صياغة منظمة التحرير الفلسطينية، عبر تشكيل مجلس وطني جديد على أسس ديمقراطية تضمن التمثيل الفعلي للفلسطينيين في الداخل والشتات؛ و إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة سياسية وتنظيمية موحدة؛ و التوافق مع المجتمع الدولي على مرجعيات سياسية واضحة، ترتكز إلى قرارات الشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
وأوضح الرجوب أن انعقاد المؤتمر العام لحركة فتح لم يعد مجرد استحقاق داخلي، بل تحول إلى ضرورة وطنية تفرضها التحولات العميقة التي تمر بها القضية الفلسطينية، معتبرًا أن المؤتمر يجب أن يشكل محطة لإعادة تعريف المشروع الوطني للحركة، وإجراء مراجعة شاملة لمكانتها السياسية وعلاقتها بالمجتمع الفلسطيني ودورها داخل النظام السياسي، فضلًا عن آليات بناء شراكة وطنية حقيقية.
وأكد أن التحضير لهذا المؤتمر يجب أن يتم بشفافية وجدية، وبمشاركة واسعة من مختلف الأطر والتيارات الفتحاوية في الداخل والخارج، بما يعيد للحركة مكانتها التاريخية كقائدة للمشروع الوطني، والقادرة على بناء تحالفات وطنية صلبة في مواجهة التحديات المصيرية.
دعوة للانضمام كلّ الفصائل تحت لواء منظمة التحرير "بشروط وطنية"
وفي سياق متصل، أشار الرجوب إلى أن تركيبة منظمة التحرير تأثرت في مراحل سابقة بسياقات إقليمية وظروف عربية انعكست على طبيعة بعض الفصائل المنضوية تحت مظلتها، خاصة تلك التي ارتبطت بأنظمة عربية لم تعد قائمة، مؤكدًا أن التغيرات التي طرأت على الإقليم، وتراجع حضور بعض القوى غير الممثِّلة فعليًا للشعب الفلسطيني، تفتح الباب أمام فرصة حقيقية لإعادة بناء المنظمة على أسس ديمقراطية وواقعية، تعكس موازين القوى في الداخل وتعزز شرعيتها كممثل وطني جامع.
وفي هذا الإطار، دعا الرجوب إلى انضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدًا أن الشراكة الوطنية لا يمكن أن تكتمل دون تمثيل القوى الفاعلة.. لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الانضمام يجب أن يكون مشروطًا بالتزام واضح بمعايير العمل الوطني، وعلى رأسها الاعتراف بميثاق المنظمة، واحترام قراراتها، والقبول بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، بما يضمن وحدة القرار الوطني في هذه المرحلة المصيرية.
أولويات ملحة
وأكد الفريق جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، أن الأولوية التي تضعها القيادة الفلسطينية في صدارة تحركاتها السياسية تتمثل في العمل الجاد لوقف التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية، مشيرًا إلى أن استمرار العمليات العسكرية، وما يصاحبها من استهداف واسع للبنية التحتية والسكان، يمثل تهديدًا وجوديًا مباشرًا للوجود الفلسطيني، ويتطلب تحركًا فلسطينيًا منسقًا على مختلف المستويات.
وأوضح الرجوب أن أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة يعانون من ظروف إنسانية بالغة القسوة نتيجة العدوان، مما يستدعي تعزيز مقومات الصمود والبقاء، وتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة، وعلى رأسها المأوى والخدمات الأساسية، إلى جانب السعي نحو تهيئة أرضية مناسبة لإعادة الإعمار، خاصة في ظل الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، والقطاع الصحي، وشبكات المياه والكهرباء.
وأشار إلى أن جهودًا حثيثة تبذلها أطراف إقليمية ودولية، وفي مقدمتها مصر وقطر والولايات المتحدة، لتهيئة الظروف المناسبة لوقف إطلاق النار واستئناف مسار إعادة الإعمار، مؤكدًا أن هذه الجهود تلقى دعمًا دوليًا متزايدًا في ظل تصاعد الأصوات الداعية إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، والعودة إلى مسار سياسي يعيد تثبيت الحقوق الفلسطينية على أجندة المجتمع الدولي.
تحول دولي جوهري في التعامل مع القضية الفلسطينية
وشدد الرجوب على أن المناخ الدولي الراهن يشهد تحولات جوهرية في طريقة التعامل مع القضية الفلسطينية، مع تزايد الإدراك العالمي بأن تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي لن يكون ممكنًا دون تسوية سياسية عادلة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وتؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، بما في ذلك القدس الشرقية عاصمة لها.
واكد على أن القيادة الفلسطينية تواصل تحركاتها انطلاقًا من رؤية متكاملة، تضع في أولويتها تثبيت الفلسطينيين على أرضهم، والحفاظ على وحدة المجتمع الفلسطيني، والتمسك بالحل السياسي كخيار استراتيجي لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، وذلك في إطار من الشراكة الوطنية الجامعة والاحترام الكامل للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
تصور لليوم التالي للحرب
وفي معرض حديثه عن تصورات "اليوم التالي” للحرب، شدد الرجوب على أن أي مقاربة سياسية جدية لمرحلة ما بعد العدوان لا يمكن أن تكون قابلة للحياة ما لم تستند إلى جملة من المرتكزات الأساسية، أولها وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما يشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، باعتبارها الأساس الجغرافي والسياسي لأي حل عادل وشامل.
وأكد أن وحدة النظام السياسي الفلسطيني تُعد ركيزة لا غنى عنها لاستعادة الفاعلية الوطنية، وذلك من خلال توحيد مؤسسات الحكم والقرار تحت مظلة شرعية واحدة قادرة على قيادة المرحلة المقبلة بفعالية، وتحقيق تمثيل حقيقي لكل مكونات الشعب الفلسطيني.
كما شدد على ضرورة توحيد الهدف السياسي الوطني على قاعدة برنامج مشترك يعكس الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، ويترجم تطلعاته في الحرية والاستقلال.
المقاومة الشعبية الوسيلة الأكثر نجاعة
وبخصوص أدوات النضال، أكد الرجوب أن المقاومة الشعبية الشاملة هي الوسيلة الوطنية الجامعة التي ينبغي أن تنخرط فيها كل أطياف الشعب الفلسطيني، لما تحمله من شرعية سياسية وقانونية، ولما تمتلكه من إمكانات فعالة في مواجهة الاحتلال وسياساته الاستيطانية.
ودعا الرجوب إلى ضرورة توفير أفق سياسي حقيقي عبر مؤتمر دولي ذي مرجعية واضحة وآليات قابلة للتنفيذ، بما يكفل إنهاء الاحتلال وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
كما أكد أهمية إطلاق خطة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة، تقوم على نموذج دولي مشابه لـ "خطة مارشال”، تعالج آثار الدمار الواسع، وتعيد تأهيل القطاع للحياة المدنية الكريمة، بما في ذلك البنى التحتية والخدمات العامة.
وحذّر الرجوب، في هذا السياق، من أن أي حديث عن المرحلة المقبلة لا يأخذ بعين الاعتبار هذه المرتكزات الأساسية سيكون طرحًا مجتزأ لا ينسجم مع مصالح القضية الفلسطينية، ولا يستجيب لحجم التحديات والآمال المعلقة على اللحظة السياسية الراهنة.
تحذير من استمرار الانقسام
وفي هذا السياق، حذّر الرجوب من أن تأخّر التوصل إلى توافق وطني فلسطيني شامل، يتضمن اتفاقًا واضحًا على برنامج سياسي جامع وتشكيل حكومة توافق حقيقية، من شأنه أن يفتح الباب أمام فراغ سياسي خطير، يسمح للاحتلال بفرض وقائع جديدة على الأرض، ويُبقي الباب مفتوحًا أمام تعزيز الانقسام من خلال مجموعات ومليشيات محلية قد تُستخدم كأدوات لفرض السيطرة أو ترسيخ الانفصال.
وأكد أن استمرار هذا الواقع دون رؤية موحّدة لليوم التالي، وخصوصًا ما بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، سيؤدي إلى خلق بيئة تصادمية مفتوحة داخل الساحة الفلسطينية، قد تتطور إلى مواجهات داخلية تُقوض أسس المشروع الوطني وتُضعف الجبهة الفلسطينية الموحدة في وجه الاحتلال.
وأضاف أن الطريق الوحيد لتفادي هذه السيناريوهات يتمثل في بناء توافق وطني فعلي، ينطلق من تفاهم استراتيجي بين حركتي فتح وحماس، ويتوسّع عبر حوار وطني شامل برعاية مصرية، يفضي إلى إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية وتشاركية، بما يضمن وحدة القرار وشرعية التمثيل.
لا علاقة لفتح بأي تشكيلات مسلحة تكرس الانقسام
وختم بالتأكيد على أن حركة فتح لا علاقة لها بأي تشكيلات مسلحة أو مجموعات تعمل على تكريس الانقسام في قطاع غزة أو غيره، وهي متمسكة بالأطر الرسمية للشرعية الفلسطينية، وملتزمة بمسار سياسي وأمني يخدم وحدة الصف، ويعيد الاعتبار للمشروع التحرري الفلسطيني، ضمن رؤية وطنية جامعة تضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبارات فصائلية أو تنظيمية.