برؤية ملكية.. «العقبة الخاصة» بوابة الأردن للعالم
العقبة - ابراهيم الفرايه ونادية الخضيرات
عادت العقبة من جديد إلى
دائرة الضوء، لا كمدينة ساحلية أو مركز جذب سياحي فقط، بل كمحور وطني تنموي
شامل يُعاد استحضاره بقوة ضمن الرؤية الملكية الشاملة التي تؤمن بأن
العقبة ليست مجرد مدينة على البحر، بل بوابة للأردن على العالم، ومنصة
اقتصادية واستثمارية وسياحية ولوجستية كبرى قادرة على إحداث الفارق على
مستوى الاقتصاد الكلي للدولة.
فالعقبة منطقة اقتصادية خاصة تم تأسيسها
برؤية ملكية تهدف إلى تحويلها إلى وجهة استثمارية وسياحية متكاملة، مع
التركيز على التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات. هذه الرؤية الملكية، التي
تجسدت من خلال سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، تسعى إلى تحقيق
التنوع الاقتصادي وتعزيز مكانة العقبة على المستويين المحلي والإقليمي.
ما
تشهده العقبة اليوم ليس نشاطاً حكومياً روتينياً، بل محطة مفصلية تُختبر
فيها قدرة الدولة على تحويل الرؤية إلى واقع، والفرص إلى منجزات.
العقبة
التي جمعت البحر والصحراء، والجغرافيا والسياسة، أصبحت في قلب معادلة
التنمية، وها هي الآن تتقدم بخطى واثقة نحو دور أكبر، يحتاج إلى العمل أكثر
من الأقوال، وإلى استثمار لا يعرف التردد.
في هذا السياق، جاءت الزيارة
الميدانية المكثفة التي أجراها رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان إلى مدينة
العقبة، والتي شملت تسعة مواقع حيوية، رافقها اجتماع موسّع في سلطة منطقة
العقبة الاقتصادية الخاصة، تلاه تفاعل نيابي موسّع تمثل بزيارة لجنة العمل
والتنمية والسكان النيابية، وعقدها سلسلة لقاءات مع عدد من الجهات الرسمية
والاستثمارية الكبرى.
رئيس الوزراء، وخلال حديثه أمام مجلس مفوضي سلطة
العقبة، قالها بصراحة ووضوح:»حجم العمل في العقبة كبير، ويجب ألا نضيع
الفرصة.»بهذه العبارة، فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التقييم الصارم،
والقرارات الجريئة، والإرادة التنفيذية التي تسعى إلى تسريع الإنجاز وتحقيق
الأثر التنموي المستدام.
العقبة.. من مدينة ساحلية إلى بوابة أردن المستقبل
في
كلمته، شدد الدكتور حسان على أن التفكير في العقبة يجب أن ينطلق من كونها
نموذجًا متقدمًا لأردن المستقبل، يُطبق فيه أحدث ما وصلت إليه التجارب
العالمية في الإدارة الحضرية والتنمية الاقتصادية والتقنيات المستدامة،
بحيث تتحول إلى مرجعية لباقي مناطق المملكة في مجال الخدمات الذكية
والتخطيط الشمولي.
وأكد أن العقبة ما زالت تحظى باهتمام كبير من جلالة
الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد، اللذين يوجّهان باستمرار إلى تطوير
المدينة وتعظيم الاستفادة من موقعها الجغرافي وإمكاناتها الطبيعية
واللوجستية.
وأشار إلى أن المدينة شهدت توسعًا سكانيًا واقتصاديًا
كبيرًا خلال السنوات الـ25 الماضية، ما يتطلب مواكبة في الخدمات والبنية
التحتية وتكاملًا في الأداء بين الجهات المعنية.
زيارة حكومبة ميدانية لمواقع استراتيجية
خلال جولته، زار رئيس الوزراء عدداً من المشاريع القائمة والمخططة، من أبرزها :
معبر
حدود الدرة،حيث وُجه الدكتور حسان بتسريع مراحل تطوير المعبر الذي يشهد
مرور أكثر من 100 ألف مسافر شهريًا، ويخدم حركة السياحة والشحن، ويُقام على
مساحة 300 دونم، ويحتوي على مرافق لوجستية وتجارية متطورة.
ميناء
العقبة الجديد: يضم 9 أرصفة من بينها رصيفان مخصصان لصوامع الحبوب، والذي
تمَّ تطويره وتوسيع قدرته على المناولة لتبلغ 6 ملايين طن سنوياً، ساهمت في
نمو عمليات المناولة بنسبة 9% مقارنة مع العام الماضي.
ميناء الحاويات:
مشروع شراكة ناجح مع القطاع الخاص، دخل مرحلة جديدة من التطوير باتفاقية
بلغت قيمتها 242 مليون دولار لتحويله إلى ميناء «أخضر» ضمن أهداف التنمية
المستدامة.
المجمع الصناعي: وضع حجر الأساس لخزان أمونيا ثنائي الجدار،
بسعة 55 ألف طن، يخدم الصناعات المتخصصة، ويعزز أمن التزوّد الصناعي
والسلامة العامة.
مستودعات الغاز البترولي: إطلاق مشروع خزانين بسعة 2000 طن متري، بكلفة تتجاوز 15 مليون دينار، لتقليل كلف النقل وتعزيز أمن الطاقة.
مركز
الإسعاف والطوارئ التابع لشركة مناجم الفوسفات: يقدم خدمات طبية متكاملة
للعاملين في المنطقة الصناعية والمجتمع المحلي، ويعمل على مدار الساعة
مجانًا.
المركز الدولي لمحمية العقبة البحرية: مبادرة بيئية متقدمة
لحماية الشعاب المرجانية النادرة في خليج العقبة، وتعزيز الاقتصاد الأزرق،
بالشراكة مع مؤسسات علمية محلية وعالمية.
مركز العقبة الدولي للمعارض: يقع على مساحة 170 ألف م²، ويُعد منصة استراتيجية لسياحة الأعمال والمؤتمرات.
مضمار
سباقات السيارات: يعزز موقع العقبة في خارطة السياحة الرياضية الإقليمية،
ويستهدف استقطاب البطولات الدولية وزيادة الجذب السياحي.
السلطة: رؤية شمولية ومشروع توزيع أراضٍ قيد الدراسة
من
جهته، أكد رئيس مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة «شادي
رمزي» المجالي ، أن ملف توزيع الأراضي على المواطنين بأسعار رمزية قيد
الدراسة أمام المجلس كون عدد المتقدمين للاستفادة من هذا المشروع كبير جدا
كما ان تكلفته عالية وسيتم تنفيذه بطريقة سليمة.
وأضاف المجالي ، أن
سلطة منطقة العقبة رؤية ملكية حققت النجاح وجعلت من العقبة مركزا تجاريا
واستثماريا ولوجستيا على المستوى المحلي والعالمي .ونجحت في استقطاب
استثمارات استراتيجية جعلت منها مدينة جاذبة ومرنة، مؤكداً أن السلطة تضع
في أولوياتها المحاور الخمسة: الاستثمار، السياحة، المدينة الذكية،
التدريب، والابتكار.
وقال إن العقبة أصبحت انموذجا للحكومة المركزية
وفيها بيئة تشريعية مستقرة ولديها شراكات حقيقية مع القطاعين العام والخاص
وحوافز استثمارية وتدعم التدريب المهني وهي اكبر مشغل وظائف على مستوى
المملكة .
العمل النيابية : رقابة ودفع باتجاه تسريع الإنجاز
خلال زيارتها للعقبة، عقدت لجنة العمل والتنمية والسكان النيابية سلسلة لقاءات نوعية، استعرضت خلالها الإنجازات وناقشت التحديات.
وأكد
رئيس اللجنة النائب معتز أبو رمان، أن العقبة اليوم هي «رئة الأردن
الاقتصادية»، داعياً إلى تفعيل «المثلث الذهبي» الذي يربط العقبة بالبتراء
ووادي رم، ويمثل مشروعاً سياحياً وطنياً متكاملاً.
وطالبت اللجنة بإنشاء
مستشفى حكومي رديف، وتنفيذ خطة لتسكين 15 ألف عائلة، وتسريع مشاريع سكة
الحديد والناقل البحري، وتسهيل إجراءات التخليص في الموانئ، وخلق بيئة
خدمية تناسب حجم المدينة ومكانتها.
شهادات : تطوير العقبة والفوسفات والموانئ
في
لقاء اللجنة مع شركة تطوير العقبة، أكد الرئيس التنفيذي حسين الصفدي ، أن
الشركة تسير في تنفيذ مشاريع استراتيجية تشمل تطوير الشاطئ الجنوبي، وساحة
الثورة، وسوق السمك، والمرافق السياحية، مشيراً إلى أن التمكين والتشغيل
المحلي يمثلان أولوية قصوى.
وفي شركة الفوسفات الأردنية، استعرض الدكتور
محمد الذنيبات ، التحول الذي شهدته الشركة من خسائر عام 2016 إلى أرباح
تراكمية بقيمة 2.05 مليار دينار، وارتفاع القيمة السوقية من 234 مليون إلى
4.3 مليار دينار، وتخصيص أكثر من 1.2 مليار دينار للمشاريع المستقبلية.
أما
في شركة إدارة وتشغيل الموانئ، فقد قدم الدكتور محمود خليفات ، عرضاً
شاملاً حول ارتفاع المناولة بنسبة 10%، والخطط لتطوير البيئة المينائية
وتحسين عمليات التفويج وتسهيل المعاينة والتخليص.
أرقام العقبة: صورة النمو والتحول
عدد السكان: ارتفع من 217 ألف نسمة عام 2021 إلى أكثر من 250 ألفاً حالياً، مع توقعات بالوصول إلى 267 ألفاً في 2028.
عدد الموانئ: 12 ميناءً، و30 رصيفاً.
المناولة: ارتفعت من 765,662 حاوية إلى 906,882 حاوية، ومتوقع تجاوز 977 ألفاً بحلول 2028.
الشركات المسجلة: ارتفعت من 1682 شركة إلى 1935 شركة حالياً.
الغرف الفندقية: من 5818 غرفة في 2021 إلى 7133 حالياً، ومتوقع أن تصل إلى 10,849 غرفة في 2028.
الجامعات: 4 جامعات، مع توسع في التعليم الطبي والمهني.
والسؤال : هل تكون العقبة، بالفعل، عنوان المرحلة المقبلة في التنمية الوطنية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
ــ الدستور