بشار جرار : التخاطر عن بعد!
تداول عشاق الأردن والرياضة وكرة القدم وأخبار مشاركة منتخبنا الوطني
ببطولة كأس العالم، تداولوا مقطعا من دردشة لسمو الأمير علي بن الحسين حول
حماسة الجمهور الأردني لكل ما يتصل بمباريات الأندية الأردنية سيما
المنتخب.
خلاصة حديث الأمير يحفظه الله ويرعاه، أن الحماسة محببة إلى
قلوبنا جميعا وموضع اعتزاز، لكن الأمر فيه جوانب أخرى لعلي أجدها في خانة
«تِلِبَثي» التخاطُر عن بُعد! فالكل معني بالفوز والكل فخور بالمنتخب
والنادي والكل خبراء رياضة وخبراء تدريب وتحكيم وخبراء شؤون «الفيفا» وربما
ما بعدها من المقامات العليا في المحافل الدولية المرموقة.
«حلوين»
بصوت المعلق الرياضي الأردني طيب الذكر محمد المعيدي. من الجميل روح الفريق
وهذه الفزعة الوطنية الشاملة المتخصصة في آن واحد لكل ما يعني الأردن
الحبيب وما يتصل بالأردنيين الغيارى على مكانة بلادهم بين الأمم وفي شتى
الميادين.
لكن في بعض «التخاطر» تفاخر وفي بعض الفزعات شطحات وفي بعض
التنظير عن بعد ما هو أبعد من التأثير غير الحميد إن لم نقلها صراحة
التشهير بادعاء الحمية والفزعة، ونوايا الإصلاح والتعمير.
لرفع ما يسمى
الأعلام الحمراء -ترميزا لما هو خطر يستوجب التعامل العاجل- لا يجوز
الإرباك الذي يتسبب بصدام جماعي عوضا عن تنبيه سائق واحد مثلا إلى ضرورة
تصويب المسار التهدئة أو الفرملة.. ولدق ناقوس الخطر، لا يجوز صم الآذان
وترويع الآمنين في زمن أمس ما نكون فيه جميعا وطنا وإقليما إلى يقظة قد لا
تريدها بعض القوى العاملة على إعادة تشكيل النظام العالمي برمته لا
الإقليمي وحده.
في ثقافتنا الروحية ومنها صهرنا ثقافتنا الوطنية
الأردنية الواحدة الموحدة قلبا وقالبا، علّمنا الكبار منذ الصغر «أدب
النصيحة». السرية واعتماد القنوات المختصة وحدها لإيصال الشكوى أو العتب أو
الاقتراح البنّاء لا الهدّام، الخالص لوجه الله سبحانه وللوطن لا غير ذلك
من المصالح الشخصية السهل كشفها فورا أو بعد حين مهما طال، أقول السرية
والقنوات الخاصة هي أول الضوابط الواجب رعايتها، وإلا صار الأمر غير ما زعم
المتحمسون، مهما بلغت حماستهم من رواج تجحفلت من وراء ألواحها الذكية
عواصف إلكترونية من كيل المديح هنا والقصف بأقذع عبارات التقريع هناك.
أيا
كان موضوعنا تأهيلنا لأولمبياد أمريكا أم تأهيل صناعاتنا واستثماراتنا
إقليميا وعالميا، أم سمعتنا الغالية في أعظم ما بناه الهاشميون والأردنيون
في مملكتنا الحبيبة لصالح الإنسان الأردني والجوار العربي والإنساني من
قطاعات حيوية، في مقدمتها التربية فالتعليم فالصحة، وقبلها وبعدها جميعا،
الأمن والأمان..
من الآخر، غايتي من كتابة هذه السطور أعلاه اقتراح لن
أبوح به، ف «سرّك أوسع لصدرك». أم تراني قد «تخاطرتُ به عن بُعد» مع أخ
آلمه ما يصرح به البعض -خاصة من مواقع المسؤولية أو قريبة منها- أو يدردش
أو -وأنا آسف مسبقا لاستخدام التعبير- يُثرثر فلا يدري ما الذي تحدثه
مزاعمه وإن صحّت وإن صلحت نواياه، من آثار أقلّ ما يقال فيها إنها ليست
بحميدة..
كثير من التخاطر يعيبه التفاخر ويشوبه الاستعلاء والاستقواء
والادعاء بأن المتحدث وحده «الداري» بأحوال «الديرة» أو قطاع أو اختصاص
بعينه! في دولة المؤسسات والقانون والعرف، لا عذر لكلام لا يقال في محله
وبين أهله وفي أوانه. «لكل مقام مقال» وما أوصلت رسالتَه الإشارةُ، أغنت عن
كلمات المقالة. و»اللبيب بالإشارة يفهم». ولا يحتاج الأمر إلى إعادة
اكتشاف العجلة للقول بلا لف ودوران أن العيب في كثير من الأحيان فينا وليس
في «الآخر» وإلا ما ارتبطت فلتات اللسان بما ستكشف حقيقته الجهات المختصة
سواء بالقائل أو فيما قال. سمعة البلد شأن عظيم، تستدعي التروي فيما نقول
وبحضرة من..