تركيا تقتحم الصناعة الحربية الأوروبية.. تصنيع مسيّرات في إيطاليا.. وحاملة طائرات لتعزيز حضورها في المتوسط

تسعى تركيا إلى التعاون والإنتاج الحربي في قلب القارة الأوروبية بالرهان على بلدين، وهما إيطاليا، التي ستُصنّع فيها طائرات مسيّرة، وإسبانيا، التي ستنسّق معها من أجل بناء حاملات طائرات لتنافس في البحر المتوسط قوى بحرية كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة وروسيا.
كانت دول أوروبية كثيرة ترغب في اقتناء الدرونات التركية، ومنها ألمانيا، إلا أن الكبرياء التاريخي يمنعها من ذلك
وكانت الشركة التركية للصناعة العسكرية "بايكار” قد استحوذت على نظيرتها الإيطالية "بياجيو” لصناعة الطائرات، نهاية السنة الماضية، وتطلبت المصادقة الأولية على الصفقة وقتًا ومفاوضات بسبب مراعاة الأمن القومي الإيطالي، وتحفّظ بعض الدول الأخرى مثل فرنسا. وفي هذا الصدد، أورد الموقع العسكري "غالكسيا ميلتاري”، هذه الأيام، بعد التوقيع النهائي على عملية الاستحواذ والشراء الرسمي، منذ أسابيع فقط، خبر عزم الشركة التركية بدء إنتاج الطائرات المسيّرة "بيرقدار تي بي 2” وكذلك "أكنسي”، وهي من الدرونات الأكثر تطورًا في العالم في الوقت الراهن، إلى جانب درونات كل من الولايات المتحدة والصين وروسيا. ومن ضمن ما ستربحه الشركة التركية هو التنسيق مع شركة "ليوناردو” للصناعات الفضائية والطيران من أجل تركيب رادار على الدرونات التركية، الأمر الذي سيجعلها أكثر تطورًا وفي قائمة أهم الدرونات العالمية بلا منازع.
وعمليًا، يعتبر القرار منعطفًا، بحكم أن دولة من الجنوب ستبدأ بتصنيع أسلحة متطورة في دولة متقدمة في الصناعة الحربية، وتُعدّ من الدول السبع الكبار، وهي إيطاليا.
وكانت دول أوروبية كثيرة ترغب في اقتناء الدرونات التركية، ومنها ألمانيا، إلا أن الكبرياء التاريخي يمنعها من ذلك، بعد بدء تصنيع الدرونات التركية في أوروبا، ورهان الاتحاد الأوروبي على تركيا لتكون ضمن الجيش الأوروبي، الذي تقرر إنشاؤه بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خفض مستوى الدفاع عن أوروبا. وقد اشتهرت الدرونات التركية باستعمالها من طرف القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا في الحرب الدائرة بينهما. ويُعدّ "بيرقدار تي بي 2” الدرون الأكثر مبيعًا في العالم الآن.
وفي ملف صناعي حربي آخر، تتخذ طموحات تركيا البحرية منعطفًا حاسمًا مع تأكيد رئاسة هيئة الصناعات الدفاعية التركية على المضي قدمًا في مشروع مشترك مع إسبانيا لتطوير حاملة طائرات بطول 300 متر، وفقًا لما أوردته منذ أيام صحيفة "ديلي صباح” الصادرة في إسطنبول. ستصبح حاملة الطائرات الجديدة أكبر سفينة حربية تركية حتى الآن، وتتجاوز حاملة الطائرات التركية "الأناضول”، التي يبلغ طولها 232 مترًا تقريبًا، كما أنها تتفوق على معظم السفن الهجومية البرمائية الأوروبية.
من ضمن ما ستربحه الشركة التركية التنسيق مع شركة ليوناردو للصناعات الفضائية والطيران من أجل تركيب رادار على الدرونات التركية
وتنوي تركيا صناعة حاملات الطائرات رفقة الشركة الإسبانية "نفانتيا”، وقد جرى التعاون بينهما في صنع السفينة الأولى "الأناضول”. وكانت هذه الأخيرة مصممة لاستعمال المقاتلة الشبحية "إف-35″، لكن شراء تركيا لأنظمة الدفاع الجوي "إس-400” دفع بواشنطن إلى إقصائها من مشروع المقاتلة، وبالتالي قررت وزارة الدفاع التركية جعل سفينة "الأناضول” مخصصة للطائرات المروحية والدرونات. غير أن حاملات الطائرات المقبلة ستكون مصممة لكل أنواع السلاح الجوي من مقاتلات ودرونات وطائرات مروحية.
من الناحية الإستراتيجية، يُمثّل هذا المشروع إعادة تقويم مهمة لعقيدة أنقرة البحرية والجيوسياسية. ففي البحر الأبيض المتوسط، حيث تشتد المنافسة على النفوذ البحري، ستُعزز حاملة الطائرات هذه من قوة الردع والمرونة العملياتية لتركيا، لا سيما في المناطق البحرية المتنازع عليها. كما سيؤثر وجودها على توازن القوى في البحر الأسود، حيث يواصل حلف شمال الأطلسي وروسيا والدول الساحلية الأخرى صراعها وسط ديناميكيات معقدة.