أ. د . ابراهيم الكردي : الجامعة الأردنية بين الكبار اعتراف دولي جديد بمكانة الأردن العلمية
تواصل الجامعة الأردنية ترسيخ مكانتها الأكاديمية والبحثية على الساحة الدولية، بتحقيقها إنجازًا لافتًا في تصنيف QS العالمي للجامعات لعام 2026، حيث احتلت المرتبة 324 عالميًا، متقدمة 44 مرتبة عن تصنيف العام السابق، مما يعكس مسيرة تطور نوعي وجهد مؤسسي ممنهج.
وقد أهدى رئيس الجامعة، الأستاذ الدكتور نذير عبيدات، هذا الإنجاز الكبير إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وسمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد، تقديرًا لرعايتهما المستمرة للتعليم العالي الأردني، ودعمهما اللامحدود لمؤسسات الوطن الأكاديمية. كما عبّر عن اعتزازه بكوادر الجامعة الذين ساهموا في تحقيق هذا التقدم، مشيرًا إلى أن التميز لم يكن ليتحقق لولا التخطيط الاستراتيجي المبني على الجودة والابتكار.
وقد أظهرت نتائج التصنيف تحسنًا ملموسًا في مختلف مؤشرات الأداء. ففي السمعة الأكاديمية، قفزت الجامعة إلى المرتبة 239 عالميًا، بزيادة نسبتها 15% عن العام الماضي، مما يعكس الاعتراف الدولي المتزايد بجودة التعليم والبحث العلمي في "الأردنية". وفي مؤشر السمعة التوظيفية، حققت المركز 194 عالميًا بنسبة تحسن بلغت 13.1%، مما يدل على ثقة أصحاب العمل العالميين بخريجي الجامعة.
وفي مؤشر تأثير وتوظيف الخريجين، جاءت الجامعة في المرتبة 105 عالميًا، بنسبة تحسن بلغت 8%، وهو إنجاز يؤكد كفاءة وفاعلية مخرجات التعليم في السوق المحلي والدولي. كما تقدمت في مؤشر نسبة الطلبة الدوليين إلى المرتبة 309 عالميًا، محققة تحسنًا بنسبة 21%، مما يؤكد جاذبية البيئة الجامعية وتنوعها الثقافي.
أما في مجال البحث العلمي الدولي، فقد وصلت الجامعة إلى المرتبة 543 عالميًا، بزيادة قدرها 2.2% عن العام الماضي، إضافة إلى ارتفاع في نسبة الاستشهاد بالأبحاث بمقدار 3.8%، ما يدل على التأثير المتزايد لأبحاث الجامعة في المجتمع العلمي العالمي.
أن ما تحقق هو نتيجة لاستثمارات استراتيجية في رأس المال البشري والبحث العلمي والبرامج الأكاديمية الدولية، إلى جانب دعم متواصل من الدولة الأردنية لقطاع التعليم العالي، والتزام الجامعة بدورها الوطني في خدمة المجتمع وتعزيز التنمية المستدامة.
وتسعى الجامعة الأردنية إلى أن تكون مركزًا إقليميًا متميزًا في مجالات البحث العلمي والابتكار، من خلال تعزيز شراكاتها الأكاديمية مع أعرق الجامعات العالمية، والانفتاح على برامج التبادل الثقافي والعلمي. كما تولي اهتمامًا خاصًا لتشجيع الباحثين وأعضاء الهيئة التدريسية على النشر في مجلات عالمية مرموقة، وهو ما ينعكس بوضوح في التحسن المستمر بمؤشرات البحث والتأثير العلمي.
وتُعد الجامعة الأردنية بيت خبرة وطني في إنتاج المعرفة وخدمة قضايا التنمية، حيث تمتلك شبكة واسعة من المراكز البحثية المتخصصة في مجالات البيئة، والمياه، والطاقة، والذكاء الاصطناعي، والتراث الثقافي، ما يجعلها ركيزة أساسية في دعم متخذي القرار وصناع السياسات العامة في الأردن.
وإذ تتقدّم الجامعة في التصنيفات العالمية، فإنها تواصل التزامها الراسخ برؤية جلالة الملك عبد الله الثاني في تحديث التعليم وربط مخرجاته بسوق العمل، عبر تطوير الخطط الدراسية، وتعزيز المهارات الريادية لدى الطلبة، وترسيخ ثقافة الابتكار، لتظل "الأردنية" صرحًا أكاديميًا شامخًا يفاخر به كل أردني.
ويكتسب هذا التقدم أهمية خاصة كونه يبرهن على قدرة المؤسسات التعليمية الوطنية على المنافسة في بيئة معرفية دولية شديدة التحدي، ويعزز ثقة المجتمع الأردني بجامعاته التي تواصل تطوير الأداء رغم محدودية الموارد والتحديات الإقليمية.
كما أن هذا الإنجاز يدعم موقع الأردن كمركز إقليمي للتعليم العالي في العالم العربي، ويُسهم في جذب الطلبة والباحثين من مختلف دول المنطقة، مما يرسخ دور الجامعة الأردنية كجسر للمعرفة والتبادل الثقافي بين الشعوب.
وهكذا تمضي الجامعة الأردنية، بهمة قيادتها وكفاءات أبنائها، نحو آفاق أرحب من التميز والعالمية، لترسخ حضورها كمنارة علم وفكر على مستوى الإقليم والعالم. هي ليست مجرد مؤسسة أكاديمية، بل قصة أردنية ملهمة تُجسّد الإيمان بالعلم، والاستثمار في الإنسان، والوفاء لوطنٍ عزيزٍ على قلوبنا جميعًا. وها هي الأردنية، كما أرادها الهاشميون، شُعلة لا تنطفئ في مسيرة بناء أردنٍ مزدهر، عصري، ومتفوق.