الدوحة- عادت الحياة بشكلها الطبيعي في قطر، وتجاوز الجميع يوماً عاصفاً على إثر استهداف الحرس الثوري الإيراني قاعدة العديد الجوية، بصواريخ تم إحباط معظمها من قبل الدفاعات الجوية الأمريكية، ما عدا صاروخا واحدا أصاب القاعدة، بحسب المصادر الرسمية، مع تأكيد الدوحة على لسان الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، تعبير طهران عن أسفها للاستهداف.

وخلال جولة "القدس العربي” في أبرز المواقع الحيوية بالعاصمة القطرية الدوحة، ومدنها الرئيسية، لوحظ عودة الحياة لوتيرتها العاديةوالطبيعية، وباشرت معظم الإدارات والمؤسسات أعمالها، مع عودة الطيران لتنظيم الرحلات المجدولة، بعد قرار فتح المجال الجوي الذي أغلق مؤقتاً لنصف يوم.

وكان كورنيش الدوحة القلب النابض للعاصمة القطرية، مكتظاً بالسيارات والحركة كانت انسيابية في جميع الاتجاهات، تحديداً نحو منطقة الأبراج حيث مقار معظم الشركات والمؤسسات الحكومية، والشركات الكبرى.

وفي سوق واقف، الموقع السياحي والتراثي الأشهر في قطر، كانت الحركة مفعمة بالحيوية، مع توافد عدد من السياح، ومن زوار قطر. بينما كانت المولات والمراكز التجارية تعج بالسكان الذين يقضون أوقاتهم، وهي الملاذ المفضل للعائلات والأفراد مع موسم ارتفاع درجات الحرارة.

وكانت المدارس الوحيدة التي تعطلت ليوم واحد، مثلما أعلنت السلطات، وهي تتوقع العودة مجدداً لروزنامتها المحددة سلفاً، ابتداء من الأربعاء. وتستكمل الاختبارات، في حين معظم الصفوف غير المعنية بالاختبارات الرسمية غادر طلابها قبل فترة.

وكان رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أكد في مؤتمر صحافي عقده بالديوان الأميري، أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عبّر عن أسفه لاستهداف طهران قاعدة عسكرية في قطرردا على الضربات الأمريكية، وذلك خلال اتصال هاتفي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وأكد أن قطر ستتخذ إجراءات "دبلوماسية وقانونية” عقب الهجوم الإيراني، مشيرا إلى أن "ما حدث من مس لسيادة دولة قطر أمر غير مقبول وسيتم اتخاذ كافة الإجراءات الدبلوماسية والقانونية لذلك. ونرجو أن يتم احتواء الموضوع في أسرع وقت ممكن. وأن يكون هذا الفصل خلفنا”.

من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الهجوم على قاعدة العديد الأمريكية في قطر، لم يستهدف جارة بلاده الخليجية، بل جاء في إطار "الدفاع عن النفس” بعد الضربات الأمريكية على المواقع النووية.

وقال عراقجي في اتصال هاتفي مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني إن "العملية الصاروخية التي نفذتها القوات المسلحة الإيرانية واستهدفت قاعدة العديد نُفّذت في إطار حق إيران المشروع في الدفاع عن النفس”. وأفاد في البيان الصادر عن وزارته بأنه "يجب عدم تفسير (الهجوم الإيراني) بأي حال من الأحوال على أنه تحرك ضد حكومة قطر الصديقة والشقيقة”.

وكشفت وكالة "فرانس برس” أن رئيس الوزراء القطري، أقنع إيران بالموافقة على وقف إطلاق النار مع إسرائيل بناء على مقترح أمريكي، وذلك بعدما أطلقت طهران صواريخ باتجاه قاعدة العديد.

ونقلت الوكالة عن مصدر قوله، إن "رئيس الوزراء القطري أقنع إيران بالموافقة على الاقتراح خلال اتصال هاتفي مع الإيرانيين”.

من جانبها، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في قطر، استئناف حركة الملاحة الجوية وعودة الأجواء إلى وضعها الطبيعي، بعد اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة بالتنسيق مع الجهات المختصة. وأشادت بـ”التعاون الكبير الذي أظهره جميع الشركاء، وبجهود كافة الجهات في الدولة لضمان سلامة وأمن الطيران في الأجواء القطرية”. وجاء ذلك بعد ساعات من قرار إغلاق المجال الجوي أعقبه هجوم إيراني استهدف قاعدة العديد الأمريكية جنوب غرب العاصمة الدوحة.

وتلقت قاعدة العديد الأمريكية ضربة صاروخية إيرانية هي الأولى من نوعها، في تصعيد غير مسبوق للتوتر بالمنطقة، وذلك ردًا على غارات أمريكية استهدفت منشآت نووية إيرانية.

وأعلن التلفزيون الحكومي الإيراني مساء الإثنين بدء عملية عسكرية تحت اسم "بشائر الفتح”، استهدفت قاعدة "العديد”.

وأدانت الدوحة الهجوم الإيراني واعتبرته "انتهاكًا صارخًا لسيادة البلاد”، مؤكدة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماجد الأنصاري أن قطر تحتفظ بحقها في الردّ على هذا الاعتداء.

وأدانت دول عربية وغربية الهجوم الإيراني على قطر، واعتبرته انتهاكا للقانون الدولي ولسيادة قطر، ودعت إلى وقف التصعيد في المنطقة.

وتُعد قاعدة العديد أكبر قاعدة جوية أمريكية خارج الولايات المتحدة، وواحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، وأكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.

وفي سياق آخر، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن، إن قطر تعمل على استئناف المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل خلال الأيام المقبلة، داعيا الدولة العبرية إلى عدم استغلال وقف إطلاق النار مع إيران لتصعيد عملياتها العسكرية في القطاع المحاصر.

وقال: "نحاول البحث عن فرصة.. نأمل خلال اليومين القادمين أن يكون هناك مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين للوصول إلى الاتفاق”، مضيفا: "نتمنى أن لا يستغل الجانب الإسرائيلي وقف إطلاق النار مع إيران لتفريغ ما يريد تفريغه في غزة ويستمر قصفه”. ــ القدس العربي