الأخبار

الأردن يقف بوجه سياسات الاحتلال

الأردن يقف بوجه سياسات الاحتلال
أخبارنا :  

كتبت - نيفين عبد الهادي

تجاوزات إسرائيلية لا تتوقف عند حدّ، وخروقات فاضحة للقانون الدولي مع كل إشراقة شمس صباح فلسطيني، في فلسطين كل فلسطين، إذ يصر الاحتلال الإسرائيلي على مزيد من جرائمه الاحتلالية وانتهاكاته، دون الأخذ بأي قرارات دولية، أو قوانين، بعين الاهتمام، وفي مخالفة جديدة وخرق للقانون الدولي استأنف الاحتلال الإسرائيلي ما يسمّى «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي»، بعدد كبير من مناطق الضفة الغربية المحتلة، ومدينة القدس المحتلة، في مساع لفرض السيادة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية المحتلة.

وفي رد فعل واضح وحاسم وحازم، أكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين رفضها وإدانتها لقرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، استئناف ما يسمّى «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي»، خصوصًا في المنطقة «ج» من أراضي الضفة الغربية المحتلة، بوصفه خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وامتدادًا لمساعي فرض السيادة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية المحتلة، بتأكيد واضح أن استئناف العمل بهذا القرار يتعارض مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي.

وفي هذا المدّ الاستيطاني الإسرائيلي، بخطوات تتجسد على أرض الواقع وبالقوة، وتحديدا في قرارها الاستئناف بما يسمى «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي»، خصوصًا في المنطقة «ج» بالضفة الغربية المحتلة، مخالفات فاضحة للقانون الدولي، تحديدا للقرار 2334 الذي يدين جميع الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي وطابع ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما فيها القدس الشرقية، ويؤكّد أن جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، غير قانونية بموجب القانون الدولي، إضافة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أكّد عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات الإسرائيلية وضمّها للأرض الفلسطينية المحتلة، مشدّدًا على أنه لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة، وفقا لما أكده الأردن أمس.

وفي متابعة خاصة لـ»الدستور» أكدت شخصيات سياسية وإعلامية من الضفة الغربية المحتلة والقدس الشريف أهمية الموقف الأردني تجاه هذه الإجراءات الإسرائيلية، الذي وضع هذه المخالفات الفاضحة للقانون الدولي أمام العالم أولوية تحتاج حسما دوليا لعدم تنفيذ إسرائيل لمخططاتها التي باتت تزداد إجراما يرتقي لجرائم حرب.

وذكر المتحدثون لـ «الدستور» من فلسطين أن بيان الأردن أمس جاء ليجدد موقفًا ثابتًا طالما عبّر عنه الأردن قيادةً وشعبًا في الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني، ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة في فرض الأمر الواقع على الأرض، وخاصة في الضفة الغربية المحتلة.

وأعرب المتحدثون من محافظة القدس عن ترحيبهم بالموقف الأردني الرسمي المعبّر عنه من قبل وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، والذي جدّد رفضه واستنكاره لقرار الاحتلال الإسرائيلي استئناف ما يُسمّى «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي» في المنطقة «ج» من أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

الدكتور واصل أبو يوسف

الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور واصل أبو يوسف أكد أهمية الموقف الأردني، وقال إن ما عبرت عنه المملكة من خلال رفضها للقرار الإسرائيلي يتسق مع الموقف الفلسطيني، ونؤكد أننا نشارك الأردن في رفض هذا القرار، كما نؤكد رفضنا لكل ما هو متعلق بكافة القرارات والسياسات الإسرائيلية التي تدفع باتجاه سلب شعبنا الفلسطيني كافة حقوقه، والدفع باتجاه تهجير الشعب الفلسطيني، وهو ما نتشارك به مع الأردن الشقيق صاحب الموقف بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الأكثر حسما بهذا الشأن مع الأشقاء في مصر والسعودية.

ولفت الدكتور أبو يوسف إلى أهمية الطرح الأردني بضرورة تدخل المجتمع الدولي لمنع إسرائيل من الاستمرار في سياساتها الرامية لتدمير وقتل الشعب الفلسطيني، ومدّ أياديها الاستعمارية، وأكد «نحن مع الأردن بما أعلن عنه بأن القرار يعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وامتدادًا لمساعي فرض السيادة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن ما يقوم به الاحتلال غير قانوني».

ونبّه الدكتور أبو يوسف إلى أنه مطلوب من الجميع اليوم، كما هو الموقف الأردني، رفض ما يقوم به الاحتلال، لافتا إلى أنه مع ترقب القمة العربية، يجب أخذ قرارات عربية بفرض عقوبات على الاحتلال ومحاكمته على جرائمه التي ترتقي لجرائم حرب، ودون ذلك سيبقى مستمرا في خروقاته القانونية وجرائمه.

وقال الدكتور أبو يوسف: واضح تماما أن حكومة الاحتلال تستمر في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في إطار سياسة التدمير والقتل الممنهج الذي يجري في قطاع غزة وأيضا في محافظات الضفة الفلسطينية بما فيها القدس، من خلال تقطيع أوصال التواصل بين المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، فهناك 930 حاجزا عسكريا، تسعى من خلالها لتقطيع أوصال التواصل بين المدن والقرى والمحافظات الفلسطينية، في إطار سياسة العقاب الجماعي والتطهير العرقي وتدمير المخيمات، كما يجري في مخيم جنين وطولكرم ونور شمس وباقي المخيمات، واستباحة الأراضي من خلال إطلاق العنان لعصابات المستوطنين والمستعمرين وحرق الممتلكات وقطع الأشجار وكل ما له علاقة بمحاولة كسر إرادة شعبنا الفلسطيني.

ولفت أبو يوسف إلى أن الاحتلال يحاول الاستفادة من الحرب على غزة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني مع حلفائه ودعمهم له في ظل عدم التزام المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته من أجل التأكيد على أهمية الاستناد على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي بما يحقق الاستعمار والاحتلال ويوقف هذه الحرب العدوانية والإجرامية ويرفض التهجير الذي يعد أيضا نقطة الارتكاز الرئيسية، لافتا إلى الموقف الأردني في هذا الصدد الذي عبر عنه جلالة الملك عبدالله الثاني وحسمه بشكل قاطع.

وأوضح أبو يوسف أن ما يتم الحديث عنه بتشريع ما له علاقة بتسوية الأراضي، خاصة المصنفة تحت البند (ج)، يندرج تحت إطار الاستفادة من الحرب على غزة من أجل كسر إرادة الشعب الفلسطيني ودفعه للتهجير، وهذا الأمر مرفوض تماما، إضافة لكونه مخالفا لقوانين الشرعية الدولية، فهو غير شرعي وغير قانوني وباطل، وكذلك كل ما يقوم به الاحتلال من مخالفات وجرائم.

وشدد الدكتور أبو يوسف على أن ما عبرت عنه المملكة الأردنية الهاشمية من خلال وزارة الخارجية وشؤون المغتربين برفضها لقرار استئناف ما يسمّى «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي»، خصوصًا في المنطقة «ج» من أراضي الضفة الغربية المحتلة، منسجم مع الرؤية الفلسطينية، ونؤكد على رفضنا لكل ما هو متعلق بسياسات الاحتلال التي من شأنها فرض مزيد من الظلم والتدمير والاستعمار في فلسطين.

محافظة القدس

وأعربت محافظة القدس عن ترحيبها بموقف الأردن، مؤكدة أن ما أعلنه الأردن من موقف بشأن استئناف ما يُسمّى «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي» في المنطقة «ج» من أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، ينسجم مع الموقف المقدسي الفلسطيني، ولقي ترحيبا كبيرا في القدس.

وقال الناطق الرسمي باسم محافظة مدينة القدس الشريف معروف الرفاعي: نعرب عن ترحيبنا بالموقف الأردني الرسمي المعبّر عنه من قبل وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، والذي جدّد رفضه واستنكاره لقرار الاحتلال الإسرائيلي استئناف ما يُسمّى «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي» في المنطقة «ج» من أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

وأضاف الرفاعي أن هذا القرار يُشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم 2334، ويأتي في إطار السياسة الإسرائيلية الممنهجة لفرض وقائع على الأرض وتغيير الهوية الجغرافية والديموغرافية للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس.

وتابع الرفاعي: نؤكد أن ما تقوم به سلطات الاحتلال هو جزء من مشروع استيطاني استعماري توسعي يستهدف تصفية الحقوق الفلسطينية، والسيطرة الكاملة على الأرض، وتجريد الفلسطينيين من ملكيتهم التاريخية، خصوصًا في القدس ومحيطها، من خلال إجراءات قانونية شكلية تفتقد إلى أي شرعية دولية.

وقال الرفاعي: نحن نتشارك مع الأردن بدعوته المجتمع الدولي، وجميع القوى الفاعلة والمؤسسات الحقوقية الدولية، إلى اتخاذ خطوات ملموسة لوقف هذه الانتهاكات، ومحاسبة الاحتلال على خروقاته المتكررة، والعمل على حماية حقوق شعبنا الفلسطيني، وضمان وقف جميع المشاريع والإجراءات التي تستهدف تهويد القدس وتفريغها من سكانها الأصليين.

وشدد الرفاعي أن القدس كانت وستبقى العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، ولن تُغيّر هذه الممارسات من الواقع القانوني والتاريخي والديني للمدينة المحتلة.

الدكتور محمود القضاة

من جانبه، قال الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور محمود خلوف القضاة إن موقف الأردن من استئناف ما يُسمّى «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي» في المنطقة «ج» من أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، هام جدا وحاسم، كما هو الأردن دوما، الذي نرى به في فلسطين الداعم الرئيسي للقضية الفلسطينية.

وأضاف القضاة أن الأردن بلد مساند ومناصر ومحب لنا في فلسطين، ويشعر بعمق بهمومنا ودرجة التنسيق هي بأعلى المستويات بين قيادة البلدين الشقيقين.

وأوضح الدكتور القضاة أن الإعلان الإسرائيلي الأخير يمثل رسالة لكل الإقليم بأنه لا يوجد أي أفق لتسوية مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية.

وأضاف القضاة: حكومة بنيامين نتنياهو تضع العثرات أمام كل من يريد أن يدفع التسوية للأمام، وتوقيت الإعلان ليس بريئا كونه جاء قبيل زيارة دونالد ترامب للخليج العربي، وهو محاولة لفرض أمر واقع جديد على الأرض وإظهار إسرائيل وكأنها مستقلة في قراراتها.

ولفت القضاة إلى أن قرار إسرائيل الأخير يعني إنهاء حل الدولتين، لأن الكيان الإسرائيلي يعلن صراحة حرية تصرفه بما لا يقل عن 68% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وهذا بالضرورة يضعف خطاب معسكر السلام في فلسطين والمحيط، مبينا أن الواقع الذي تكرسه إسرائيل على الأرض نتيجته مزيد من البؤس والفقر، والتصعيد، وإشعار الفلسطيني بعدم وجود أمل لحل الصراع وهذا للأسف بيئة مناسبة للجماعات الراديكالية، ويضع أميركا وكل دعاة الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين على المحك.

وأشار إلى أن ما يحصل في عموم الأراضي الفلسطينية يضع العرب جميعا والمسلمين على مفترق طرق وفي وضع حساس فالاستمرار بالصمت وعدم الردع يشعر إسرائيل بأن الأراضي العربية مستباحة بعد احتلال مساحات شاسعة من سوريا ولبنان، ونتيجة الأطماع الصهيونية لا يمكن التنبؤ بنهايتها في ظل الحديث عن الاستمرار بالتوسع على حساب المحيط.

ولوضع الأمر في سياقه الأعمق، بين القضاة أن كل معسكر اليسار والمؤمن بالتسوية في إسرائيل في مهب الريح الآن، فخطوات اليمين المتطرف بإلغاء حل الدولتين نتيجتها الحتمية «حل الدولة الواحدة».

والخلاصة وفقا للقضاة أن مغامرة نتنياهو خطيرة، وكبيرة، ومرعبة، ونتائجها لا تقتصر على الشعب الفلسطيني، لأن اللعب بالنار يتم داخل حدود فلسطين التاريخية وخارجها، وتبقى مسؤولية البرلمانات والحكومات في الإقليم أن تتخذ قرارات تليق بحجم المأساة والواقع الصعب على الأرض.

سهير الرجوب

بدورها، قالت الصحفية الفلسطينية سهير الرجوب: يأتي بيان وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية ليجدد موقفًا ثابتًا طالما عبّر عنه الأردن قيادةً وشعبًا في الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني، ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة في فرض الأمر الواقع على الأرض، وخاصة في الضفة الغربية المحتلة.

وأضافت الرجوب: بصفتنا صحفيين فلسطينيين ومتابعين ميدانيين لتفاصيل ما يجري على الأرض، ندرك تمامًا خطورة ما يُسمى بـ»تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي»، التي تمثل في حقيقتها محاولة منهجية لشرعنة السطو على الأرض الفلسطينية، وسرقتها تحت غطاء قانوني زائف، يضرب عرض الحائط بكل الأعراف الدولية وقرارات الشرعية الدولية.

وأشارت إلى أن الاحتلال، كما يثبت يومًا بعد آخر، لا يكتفي بالعدوان العسكري على قطاع غزة، ولا بالقمع والتنكيل في الضفة الغربية، بل يسعى كذلك لفرض سيادته عبر أدوات ناعمة وخطيرة، مثل مشاريع التسوية العقارية، التي تستهدف خصخصة الاحتلال وطمس الوجود الفلسطيني في أرضه.

وبينت الرجوب أن تصريحات الخارجية الأردنية تعبّر عن موقف سياسي واضح، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وآن الأوان ألا تبقى الإدانات الدولية حبرًا على ورق، في ظل هذا التصعيد الإسرائيلي الشامل، الممتد من قطاع غزة إلى الضفة الغربية وتطال بعض الدول العربية الشقيقة، ويجب وقف هذا التغول الإسرائيلي عند حده.  ــ الدستور

مواضيع قد تهمك