الأخبار

د. خالد الشقران يكتب : صلابة الموقف الأردني في مواجهة خروقات الاحتلال للقانون الدولي

د. خالد الشقران يكتب : صلابة الموقف الأردني في مواجهة خروقات الاحتلال للقانون الدولي
أخبارنا :  

في ظل تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، تبرز قضية «تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي» في المنطقة «ج» من الضفة الغربية المحتلة كواحدة من أبرز الأدلة على استراتيجية إسرائيل الرامية إلى تفكيك القانون الدولي وفرض وقائع استعمارية لا رجعة عنها.

هذا القرار، الذي أدانه الأردن بشدة، يعد حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تستهدف تغيير الهوية الديموغرافية والقانونية للأرض المحتلة، وتكريس السيادة الإسرائيلية عليها.

في الأبعاد القانونية يستند الموقف الأردني في إدانته إلى مرجعيات قانونية دولية واضحة، أبرزها «قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016) الذي يجرم كل أشكال الاستيطان ويؤكد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ 1967، بما فيها القدس الشرقية، كما يشير البيان الأردني إلى «الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية (2004)» الذي أقر بعدم شرعية الجدار الفاصل والمستوطنات، مؤكدًا أن إسرائيل لا تتمتع بأي سيادة على الأراضي المحتلة.

لكن إسرائيل تتجاهل هذه المرجعيات، وتتعامل مع المنطقة «ج» - التي تُشكل 60% من الضفة الغربية وتخضع لسيطرتها الكاملة بموجب اتفاقية أوسلو - كمنطقة خاضعة لقوانينها المدنية. فـ«تسوية الحقوق العقارية» تعني عمليًا مصادرة الأراضي الفلسطينية وإضفاء شرعية مزيفة على المستوطنات، وهو ما يعد انتهاكا صارخا لاتفاقيات جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة.

سياسيا لا ينفصل قرار «التسوية العقارية» عن السياق الأوسع لسياسات الضمّ الإسرائيلية. ففي كانون الثاني 2025، نشرت حسابات إسرائيلية رسمية خرائط تزعم أن «إسرائيل التاريخية» تشمل أجزاء من الأردن ولبنان وسوريا، بالتزامن مع تصريحات لوزير المالية الإسرائيلي المتطرف «بتسلئيل سموتريتش» يدعو فيها إلى ضم الضفة الغربية وبناء مستوطنات في غزة. هذه الخطوات تظهر توجها استراتيجيًا لتحويل الاحتلال المؤقت إلى سيادة دائمة، مستفيدة من صمت دولي مريب

يعتبر الأردن أحد أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وقد عبرت المملكة عن موقفها بوضوح عبر التركيز على الشرعية الدولية بتذكير المجتمع الدولي بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وضرورة إلزام إسرائيل بوقف استيطانها. كما حذر من أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية يهدد استقرار المنطقة، ويدفع نحو تصعيد غير مسبوق، مطالباً بوقف العدوان على غزة، وحماية المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم.

لكن هذا الموقف يواجه تحديات جسيمة، أبرزها الانقسام الدولي؛ فالفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن يحمي إسرائيل من أي عقوبات فعلية.

كما أن غياب الإجماع العربي يؤدي إلى الحد من تأثير الضغوط الجماعية على إسرائيل.

ختاما، وعلى الرغم من أن الموقف الأردني يعبر عن إجماع عربي ودولي نظريا بخصوص عدم شرعية الاحتلال، إلا أن غياب آلية تنفيذية دولية يجعل هذه الإدانات حبرا على ورق، فالقرارات الأممية تتراكم دون تنفيذ، والمحكمة الجنائية الدولية تواجه عراقيل سياسية في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، في المقابل، تظهر إسرائيل تطرف كبير في خلق وقائع جديدة على الأرض، مستغلة التردد الدولي. وهذا يستدعي تحولا جذريا في آليات الضغط، كفرض عقوبات اقتصادية على المستوطنات، أو دعم الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية كعضو كامل في الأمم المتحدة، فبدون خطوات عملية، ستستمر دولة الاحتلال في تفكيك القانون الدولي حجرا حجرا، وسيبقى شعب فلسطين يرزح تحت نير احتلال لا يعترف إلا بمنطق القوة.

ــ الراي

مواضيع قد تهمك