ضغوط متزايدة على المملكة لتوفير الخدمات لـ«1.3» مليون لاجئ سوري

كتبت: ماجدة أبو طير
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، تحمّلت دول الجوار، وعلى رأسها الأردن، أعباءً إنسانية واقتصادية هائلة نتيجة لاستقبال ملايين اللاجئين السوريين. وعلى الرغم من تعهدات المجتمع الدولي المتكررة بتقديم الدعم والمساندة، لا يزال التمويل المخصص لتلبية احتياجات اللاجئين في تراجع مستمر، ما ينعكس سلبًا على قدرة المؤسسات الدولية والدول المضيفة على الاستجابة الفعالة.
وفي ظل تصاعد الأزمات العالمية وتزاحم أولويات المانحين، باتت الفجوة بين الاحتياجات الفعلية والتمويل المتاح أكثر اتساعًا.
وبين تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) أن التمويل المتاح لتغطية احتياجات اللاجئين والبرامج الإنسانية في الأردن لعام 2025 بلغ حتى أبريل 15 ٪ من إجمالي المتطلبات المالية البالغة 372.8 مليون دولار أميركي، مما يشير إلى فجوة تمويلية تقدر بـ 317.46 مليون دولار، أي ما يعادل 85 ٪ من إجمالي الاحتياجات.
وأشارت المفوضية إلى أن نقص التمويل قد يؤثر على تنفيذ العديد من البرامج الحيوية، بما في ذلك المساعدات النقدية المباشرة، ودعم الإسكان، والرعاية الصحية، والتعليم، وبرامج التوظيف للاجئين في الأردن، الذين يشكلون جزءاً كبيراً من السكان نتيجة لاستضافة المملكة لعدد كبير من اللاجئين
تحرك حكومي
ويؤكد عضو مجلس النواب الدكتور مصطفى العماوي، أن هذا الموضوع يحتاج إلى تحرك الحكومة الأردنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة عبر القنوات المختلفة من أجل تحفيز دول المجتمع الدولي والمطالبة بصوت قوي بضرورة الالتزام في المساعدات التي تقدم للاجئين السورين وتعمل على بشكل تلقائي على دعم الخدمات الاساسية المقدمة لهم من تعليم وصحة وبنية تحتية وغيره، وهنالك تقصير واضح من قبل المانحين عبر السنوات الماضية يستدعي علاج هذه المشكلة.
و يمثل ضعف التمويل الدولي لملف اللاجئين السوريين في الأردن تحديًا خطيرًا تتجاوز تداعياته الأبعاد الإنسانية إلى أبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية عميقة. فمع استمرار الفجوة التمويلية، والتي تجاوزت 85 ٪ من الاحتياجات في مطلع عام 2025، تجد الحكومة الأردنية نفسها أمام ضغوط متزايدة لتوفير الخدمات الأساسية لأكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري، وسط محدودية الموارد وارتفاع المديونية العامة.
وقدرت الحكومة الأردنية كلفة استضافة اللاجئين منذ عام 2011 بأكثر من 12 مليار دولار، تشمل نفقات التعليم، الصحة، المياه، البنية التحتية، ودعم سوق العمل. هذا العبء المتراكم أسهم في إرهاق الموازنة العامة وتزايد الضغط على المرافق والخدمات في المجتمعات المضيفة، لا سيما في محافظات الشمال والوسط التي تستقبل الكثافة الكبرى من اللاجئين.
في المقابل، يشكّل ضعف الدعم الدولي تهديدًا مباشرًا لاستقرار اللاجئين أنفسهم، مع احتمالات متزايدة لتقليص برامج المساعدات النقدية والغذائية، وخفض جودة التعليم والرعاية الصحية.
احتياجات مستمرة
ويشير عضو مجلس النواب الأسبق، مصطفى العساف الى أنّ مشكلة اللاجئين مازالت قائمة، وهنالك احتياجات مستمرة، ورغم هذا نجد أنّ المجتمع الدولي لا يفي بمسؤولياته تجاه اللاجئين، والتمويل انخفض بشكل كبير وملحوظ، وتغير النظام لا يعني أن الحياة عادت في سوريا إلى شكلها الطبيعي، والسوريون في الأردن يحتاجون إلى سنوات حتى تتضح الصورة أكثر وتتوفر مقومات الحياة الاساسية التي من شأنها أن تحفزهم للعودة.
وبين العساف أن انخفاض التمويل سيؤثر بدون شك على البرامج والخدمات المقدمة لهم، وفي ذات الوقت يزداد الضغط على البنى التحتية في الأردن، والوسيلة الأفضل من أجل زيادة هذا التمويل هو استخدام الأدوات السياسية التي من شأنها توضيح الوضع بشكل دقيق، مع الاعتراف أن الدولة الكبرى المانحة أصبح لديها أولويات مختلفة.
مجموعة تغيرات
من جهته قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات أن هنالك مجموعة من التغيرات حدثت ويجب أخذها بعين الاعتبار، وهذه التغيرات انعكس اثرها على تمويل ملف اللاجئين السوريين. فبالنسبة للولايات المتحدة وهي من أكبر المانحين، فإن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية غير مهتمة بإعطاء المساعدات، أما عن الدول الأوروبية فهي تواجه ضغوطا نتيحة الحرب في أوكرانيا، وحتى الدول المهتمة في المنطقة مثل ألمانيا لديها الكثير من المحاذير، قد تقدم مساعدة ولكنها محدودة، ومن هنا فإن النتيجة الواضحة لدينا أن أولويات الدول قد اختلفت
وبين شنيكات أنّ الأردن من الممكن أن يسهل عودة طوعية لمن يستطيع، وبعد انتهاء الفصل الدراسي الثاني سيكون هنالك عائدون لكن الجزء المهم لن يغادر إلا اذا تم توفير له بديل أفضل ضمن ترتيبات محددة، مع العلم أن انتهاء الأزمة السورية يعني ضمنا انتهاء توجه اللاجئين إلى أوروبا ولن يكون هنالك تدفق جديد للاجئين يقلقهم، ولهذا فإن تحركهم واستجابتهم يمكن وصفها بالضعيفة. ــ الدستور