كمال زكارنة يكتب : استقواء تفاوضي اسرائيلي امريكي.
كمال زكارنة :
كلما اقترب الوسطاء والوفود المتفاوضة من التوصل الى تفاهم حول صفقة التبادل ،يخرج نتنياهو بموقف او شرط او تصريح صحفي ،يبطل فيه او يؤجل وقد ينسف كل ما تحقق.
التصريحات المنسوبة لنتنياهو التي نشرتها صحيفة وول ستريت الامريكية ،والتي قال فيها انه لن يوقف الحرب في قطاع غزة ،الا بعد انهاء المقاومة الفلسطينية ومنعها من ادارة قطاع غزة ،هذا الكلام لا يصدر عن مسؤول يسعى الى التوصل لاتفاق لتبادل اسرى ،ولا الى وقف الحرب واراقة الدماء،بل يتحدث به فقط شخص متعطش للدماء والقتل والدمار ،ولا يفكر ابدا بالتوصل الى حلول تفاوضية او سلمية ووقف العنف.
الاسوأ من نتنياهو وزير الخارجية الامريكي بلنكن،الذي يتحدث عن المفاوضات كقائد عسكري يقود الحرب على قطاع غزة ،ويصرح من وسط الجبهة وفي الميدان ،بصفته طرفا اساسيا في الحرب والعدوان على غزة وليس وسيطا،عندما يقول ان المقاومة الفلسطينية مضطرة للتوصل الى اتفاق بأي شكل او ثمن ،لانه لم يعد هناك من يدافع عنها او ينقذها ،وقد خسرت كل شيء وتم تدمير بنيتها العسكرية،الافضل للوزير بلنكن ومعه سوليفان وكيربي ،ان يرتدوا الزي العسكري الاسرائيلي عندما يزوروا منطقتنا.
لغة الاستقواء والاذلال التي يتعامل بها الاسرائيلي والامريكي ،قد تصلح للاستخدام في اية قضية او مع شعب آخر،الا القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني،والميدان يشهد على ذلك يوميا.
توقفت المفاوضات عند مسألتين مهمتين ،الاولى عدد الاسرى الذين سيطلق سراحهم من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي،وهنا نتنياهو يسعى الى الافراج عن الاسرى الاسرائيليين مرة واحدة في المرحلة لاولى دون ان يقدم ثمنا لذلك،او اطلاق سراح اكبر عدد ممكن منهم ،وبعدد يصل الى 34 اسيرا اسرائيليا ،من بينهم عسكريين ،بينما تعرض حماس عددا اقل لا يتضمن جنودا اسرائيليين في المرحلة الاولى،لكنها لا تمانع ان يتم تنفيذ الاتفاق مرة واحدة ،بما في ذلك وقف دائم للحرب وانسحاب اسرائيلي كامل من القطاع واطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين المتفق على عددهم واسمائهم،والبنود الاخرى الواردة في الاتفاق ،بمعنى حرق المراحل واتفاق الحزمة الواحدة او المرحلة الواحدة.
المسألة الثانية ،اسماء الاسرى الفلسطينيين الذين تطالب حماس بالافراج عنهم ،ومحكومياتهم الطويلة ومسألة بقاءهم في فلسطين او ابعادهم خارج الوطن.
نتنياهو ما يزال يراهن على امكانية تحرير الاسرى الاسرائيليين بالقوة ،مثل الفريق الذي يحاول ان يفوز بالمباراة في الوقت بدل الضائع،وكلما سمع تصريحا من ترامب، يحمل تهديدا او تحذيرا ،ويطالب بالافراج عن الاسرى ،قبل العشرين من الشهر المقبل،يقع نتنياهو في حيرة من امره ،ويلعب على الحبلين،مرة يبقى على موقفه المتشدد الرافض والمانع للتوصل الى اي اتفاق ،ومرة اخرى يرخي ربابته قليلا لخداع الجميع وارلأي العام ،بأنه مع التوصل لاتفاق ،لكن سرعان ما يتراجع ويفشل كل شيء.
سوف يماطل نتنياهو ويتهرب حتى اللحظة الاخيرة ،الا اذا رفع ترامب الكرت الاحمر في وجهه ،فهو ضد المفاوضات من حيث المبدأ،ولا يعنيه اي اتفاق ولا الاسرى الاسرائيليين ولا حياتهم او سلامتهم،وكل ما يهمه استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني .
الاسبوع الاخير من هذا العام قد لا يحمل بشرى سارة لذوي الاسرى الاسرائيليين، بسبب نتنياهو ومواقفه الرافضة لجميع الحلول،وربما تستدعي المفاوضات تدخلا ترامبيا اكثر قوة وحسما ،لان ادارة بايدن فشلت حتى الان في صناعة الاتفاق ووقف الحرب ،لانها تقف على يمين نتنياهو منذ البداية وما تزال .