فارس الحباشة : أين المراحيض في عمان؟
إذا ما انحشرت في عمان، ورغبة في تلبية نداء الطبيعة، فاين سوف تذهب؟ ولا يوجد مراحيض عمومية. وكلما أصابتني فاني ألجأ الى مراحيض فنادق ومطاعم، ومقاه، وكافي شوبات، واحيانا تتخذ من الحيطان المستورة والمهجورة مكانا لقضاء حاجة بيولوجية.
و في مدن متقدمة ومتحضرة، صناع القرار التنظيمي والتخطيطي اول ما يفكرون في بناء مراحيض عمومية.. وقبل ان يدشنوا على المخططات فندقا او برجا او مولا او مسرحا او ملعبا او ما تشاؤون في عالم العمران.
واذا ما أصابتك حشرة التبول، والرغبة بالافراغ، فلا تعرف أين تذهب.. وقبل أيام التقيت صدفة في سائحة ايطالية في وسط البلد، واوقفتني تسأل عن مرحاض عمومي، وقالت لي بصراحة أنها محشورة وتريد التبول.
و فكرت، وسألت المارة واصحاب محلات تجارية، واعتذروا جميعا عن الجواب او انهم لا يملكون جوابا.. واحدهم، قال لي : لماذا لا تذهب الى المسجد الحسيني؟
فكرت في اقتراح المسجد، واخبرت السائح، ووافقت دون تردد، وعندما ذهبنا الى المسجد كان مغلقا، وفي سؤال الموظف، قال لي إن المسجد لا يفتح باحاته ومرافقه الا في اوقات الصلاة. و كما أنه لايوجد في المسجد مرافق خاصة للنساء.. فعلا، امر غريب.. السائحة تشعر بالحرج، ومع مرور الوقت تشتد عليها الرغبة بالتبول وتلبية نداء الطبيعة، والحاجة البيولوجية، فهل تفعلها في الشارع العمومي؟ و سألت شيخا كان يقف في ساحة المسجد الحسيني، هل صحيح أن المسجد يخلو من مرافق صحية للنساء؟ استغرب من سؤالي، وكان يظن اني سائح، وقال لي : هل أنت اردني ام اجنبي؟ قلت له، هل يفرق مع جوابك عن سؤالي، من أكون انا ومن اين اكون؟ الشيخ مشى مندهشا، وقال، وهو يسير الى الوراء.. مراحيض للنساء؟
كان يتكلم بصوت عال ومنخفض، وهو يظن اني لست اردنيا ولا افهم على كلامه، وكان منطوقه في لهجة محلية صرفة. اوقفت تكسي، ركبت السائحة، وطلبت من السائق التوجه الى فندق في العبدلي. و الاشد غرابة، ايضا ان فنادق ومقاهي ومطاعم في وسط البلد لا يوجد بها مراحيض.
و ان وجدت مراحيض، فانها قذرة ومكاره صحية، وخارج الخدمة، وغير صالحة ومؤهلة لاستخدام مرافقها.
كم هو شعور انساني وبيولوجي خطير وقاتل، وعندما تعجز عن تلبية نداء الطبيعة ! أقترح، وقبل أن نفكر ونخطط في « مدينة جديدة» أن نحل ازمة المراحيض في عمان.
و في الصيف الفائت زرت مدريد وبكين، واسمحوا لي ان انقل تجربة المراحيض من قارتين وبلدين اسيوي واوروبي.
المراحيض متوفرة وكثيرة، ولا يفصل في مدريد بين المراحيض سوى مئات الامتار، وكما في بكين هناك مراحيض آلية ورقمية، والدفع الالكتروني، وفي المرحاض «رجل الي» روبوت يقوم بالتنظيف واعادة الاستعمال. ــ الدستور