الأخبار

بشار جرار : بيّاع الورد قلاّع شوكه

بشار جرار : بيّاع الورد قلاّع شوكه
أخبارنا :  

الورد الذي أعنيه هو ذلك الذي زرعه الشاعر اللبناني الكبير سعيد عقل، في المغناة الفيروزية الأيقونية «أردن أرض العزم».. هو ذلك الورد الذي لا يجرحنا شوكه، لكنه شوكة في حلق من رمى الأردن المفدى -عن قرب أو بعد- ولو بكلمة سوء أو إساءة بالتقصير أو الصمت المريب في الدفاع عنه.

للورد ألوان وأشكال، ولكل عطره وبوحه. تحاكينا الطبيعة من حولنا، سماء ماء وأرضا. ليست الأرض وحدها «بتتكلم عربي» كما غناها الموسيقار المصري الكبير سيد مكّاوي، بل وردها وأعشابها البرية أيضا ناطقة بألسنة أمم وشعوب هذه الأرض المباركة.

في كل عام، أسائل أصحاب محلات الورد في عمّان التي نزرع «بالورد مداخلها بابا بابا» كما في رائعة الشاعر الأردني الكبير حيدر محمود، بارك الله في عمره، مغناة نجاة الصغيرة، أسائلهم عن وردتنا الوطنية. القليل منهم ما عرفوها! إنها السوسنة السوداء يعني «بلاك آيرِس» لمن اعتمد التسميات بلغات أجنبية. لم أجد «طُلبتي»، فعاجلت صاحب محل الورد في أحد أحياء عاصمتنا الجميلة العريقة ذات الدخل المرتفع نسبيا، عاجلته بطلب البدائل التالية: زهرة عبّاد الشمس (بوصلتها الشمس فقط)، الخزامى «لافندر» وورد غورانيّ أحمر (الغور- وادي الأردن).

جرى بيننا حديث -بالعامية طبعا يتخللها بعض المفردات الإنجليزية بلكنة أمريكية- وعدني على إثره الأخ «بياع الورد» وعدني و «وعد الحر دين» أن يطرح الأمر على صاحب الاستثمار بإدراج السوسنة السوداء بين الخيارات، لا للأردنيين في الوطن والمهجر فقط، بل لضيوفنا من لاجئين ونازحين وسواح. هذا الرمز «البلاك آيرِس» أيقوني يحرص كثير من المغتربين والمهاجرين على زرعه داخل بيوتهم وفي حدائقهم المنزلية الأمامية حتى يغرسوا في قلوب وعقول فلذات أكبادهم هذا الحس الجمالي الوطني، تماما كما في زيتون عمّان وجرش وإربد وعجلون، حيث لا بد من أخذ «قصفة» تصير شتلة فشجرة نزرعها حيثما كنا.

إن كان الورد رمزا للمحبة فالشوك ليس عدائيا ولا عدوانيا، الشوك كما رموش العين تعرف كيف تحميها من غبار ميمعة أو جعجة من لا يعرفون إلا «ذر الرماد في العيون».

ولأن الشيء بالشيء يذكر، حمى الله رموش العين وحدقتها، جفنها الذي لا ينام، لا يغفو ولا يسهو، جيشنا وأمننا. شوكتنا قوية وإن اختفت عن الأعين. شوكتنا لا خشنة ولا ناعمة، شوكتنا قوية خارقة حارقة متفجرة إن لزم الأمر، ذودا عن عيون فلذات أكبادنا وأحفادنا من الإرهاب الأسود وتجار السموم المسماة المخدرات من أي حدود تسللت.

سوستنا السوداء لا شوك فيها، تسر الناظرين وترعب المتربصين وتردعهم دائما بعون الله وهمة القائد والجيش والشعب الجيش.. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك