رشاد ابو داود : سلفانا وناشد.. ذكرى حلوة !
كانت الأكثر حضوراً في كل المناسبات. لها في كل عرس قرص، وتضفي على احتفالات النجاح حلاوة ولا تكتمل تهاني المواليد الجدد الا بحضورها، وفي الأعياد تتوسط غرفة الضيوف بدلال ملكة جمال وحولها وصيفاتها، الملبس على لوز وعلى قضامة، التسالي وسيدها البزر ذو الحبة الكبيرة الذي كانت الأمهات ينشفنه من البطيخ أيام كان للبطيخ طعم حلو ورائحة تشمها عن بعد بمجرد أن تفتح الحبة.
إنها شوكولاته «سلفانا « يا سادة، ولها قصة !
قرأت مؤخراً أن عائلة أرمنية تدعى عائلة «ماردسيان» من أهالي القدس هي أول من صنع الشوكلاته والحلويات في حوش بيتهم الكبير قبل أن تصبح القدس قدسان العام 1948. كانوا يبيعون منتجاتهم في المدينة وتطور الأمر معهم فقرروا أن يرسلوا ابنهم يوسف الى ايطاليا لتعلم هذه الصناعة. هناك أمضى يوسف فترة حضر خلالها فيلم «الرز المر» وبطلته اسمها «سلفانا منغانو» التي أعجب بها.
حين عاد الى القدس جلب معه معدات ايطالية خاصة واقترح على العائلة تسمية المصنع باسم بطلة الفيلم «سلفانا». تم تركيب معدات المصنع الوحيد في المنطقة قرب سوق الخضار في رام الله العام 1953. تطورت صناعتهم وعبأوا المنتج في علب عليها اسم وصورة «سلفانا» الايطالية.
اتسعت سوقهم من الشوارع الى المدن الفلسطينية والأردنية ثم العربية. لكن بعد حرب 1967 والواقع المر الذي فرضه احتلال الضفة الغربية تراجعت مبيعات العائلة الى أن أغلقت المصنع العام 2000 واختفت حلوى سلفانا لكن طعمها الحلو ظل باقياً في ذاكرتنا نحن أبناء ذلك الجيل.
كان البديل حلوى «ناشد» السورية التي اكتسحت الأسواق قبل أن تغزوها الماركات الأجنبية ذات الأسماء البراقة والعلب الفاخرة و..الأسعار العالية.
لم نكن نحتار ماذا نجلب من هدايا عند عودتنا في العطلة الصيفية من جامعة دمشق وحلب. ناشد وبرازق في المقدمة وفي المتناول. ليس نحن الطلبة فقط بل كل من كان يزور سوريا أيام كانت الحدود مفتوحة بلا داعش وماعش وما كان يخطط لبلاد الشام الطبيعية.
ظلت ناشد في ذاكرتي وعندما أزور الرمثا أسأل عن «ناشد» فأراها لم تزل عند بعض المحلات. أشتري منها لأتذوق طعم ذلك الزمن الجميل. واحتفظ بعلبة منها كشاهد على الحلوى العربية.
الأجيال الحالية لا تعرف قصة سلفانا ولا ناشد. لا أن الأولى فلسطينية أردنية والثانية دمشقية سورية ولا أننا كنا أمة واحدة قبل أن تتكالب علينا الأمم وحثالات الأمم ! ــ الدستور