ما تزال دروس الهجرة النبوية ماثلة أمامنا للبعد والعودة لمكة وما كان قبل 1446 عاما من الوداع لأعز وأحب مدينة أخرجت كريما منها، ومهما قيل عن قصة الرحلة من أم القرى إلى يثرب، تبقى جميع الأحداث التفصيلية للعزم والتحضير والتخطيط والتنفيذ حاضرة أيضا لتأسيس دولة انطلقت من المسجد والإيثار والاجتهاد والمحاولة والصبر والمثابرة.

لم يكن الخروج إلا للعودة بوعد ولهذا جاء نصر الله والفتح بعد معاناة البعد والانتظار والبناء والتقدم والمؤاخاة وإرساء معالم الدولة وأسسها الراسخة من الحكمة والروية والتأهيل والتدريب واستثمار الكفاءات وخصوصا الشابة منها للمساهمة في قيام الدولة الإسلامية جنبا إلى جنب مع القيادات التي وفدت إلى المدينة المنورة ومن رجالاتها ونسائها على حد سواء.

أحببت الإشارة لأشهر السنة الهجرية وسبب تسميتها للعلم والتذكير والأهمية حيث ترجع أسماء بعض شهور السنة الهجرية إلى عصر ما قبل الإسلام، حين كان معمولا بها ولكن دون تقويم ثابت وتضم السنة الهجرية 4 أشهر حُرُم، ثلاثة شهور متوالية (ذو القعدة، ذو الحجة، مُحرم) وشهر رجب، وهي أشهر يُحرم فيها القتال إلا لرد العدوان، كما أنها شهور فضلها الله ويضاعف فيها الحسنات ويقبل التوبة والعمل الصالح، والأشهر هي: محرم: الشهر الأول من شهور السنة الهجرية وهو الذي شهد العزم على الهجرة النبوية والاستعداد لها، وأول يوم في التقويم الهجري 1 محرم السنة الأولى يوافق 16 يوليو 622 ميلاديا، كان يسمى مؤتمرا في الجاهلية وصار اسمه «محرم» لأن القتال محرم فيه.

صفر: الشهر الثاني من شهور السنة الهجرية كانت بلاد العرب تخلو من أهلها، فيكثر سفرهم فيه، فيما يرجع البعض تسميته إلى غزو القبائل تركها صفرا خالية بلا متاع.

ربيع الأول: تأتي تسميته كونه صادف موسم الربيع، كما أن يوم 12 ربيع الأول يصادف مولد الرسول الكريم، الذي يتم الاحتفال به في أغلب الدول الإسلامية.

ربيع الآخرالشهر: الرابع من شهور السنة الهجرية، جمادى الأولى: الشهر الخامس من الشهور الهجرية، تتجمد المياه من شدة البرد والزمهرير، ولذلك سُمي جمادي الأول، جمادى الآخرة تبع شهر جمادي الأول.

رجب من الأشهر الحُرُم، وكان يُطلق عليه اسم «مُضر» وهي القبيلة العربية الوحيدة التي كانت توقعه في ميقاته دون تغيير بخلاف باقي قبائل العرب، جاءت كلمة رجب من الرجوب أي التعظيم، ويقال إنه شهد معجزة الإسراء والمعراج.

شعبان: الشهر الثامن فبعد أن بقيت قبائل العرب في شهر رجب دون قتال، تتفرق وتتشعب للقتال والحرب، فكان شهر شعبان.

رمضان: شهرالصيام الذي يُتم فيه المسلمون أحد أركان الإسلام الخمسة، ويأتي من «رمَض» أي شدة الحر، ففي وقت تسميته كان الطقس شديد الحرارة.

شوال: الشهر الذي تنقص فيه ألبان الإبل ويقال تشويل، ومن هنا جاءت تسميته، ويشهد عيد الفطر.

ذو القعدة: أول الأشهر الحُرُم وجاءت تسميته بمعنى قعود العرب عن القتال والحرب وغزو القبائل والاستعداد للحج، ذو الحجة آخر شهور السنة الهجرية الذي يشهد موسم الحج وزيارة الكعبة، وتعود تسميته إلى عهد كلاب بن مرة جد الرسول الخامس.

عودة وإياب ؛ هجرة ووداع، دروس وعبر، سنة وعهد جديد، نشرع مع مطلعها بأمنيات كثيرة تتصدرها رحمة الله بنا وهجرتنا إليه وعودتنا الميمونة إلى الحق والخير والعدد من جديد بأشهر بركة وطيب على بلدنا وسائر الأمتين العربية والإسلامية والفرج على فلسطين وغزة وقبول الشهداء ومعافاة المصابين وتضميد الجراح ووقف النزيف والإبادة وذلك من الله بقريب.

ــ الراي

fawazyan@hotmail.co.uk