الأخبار

د. احمد بطاح : ما الذي يترتب على عودة «ترامب» أميركياً وشرق أوسطياً.. ودولياً؟

د. احمد بطاح : ما الذي يترتب على عودة «ترامب» أميركياً وشرق أوسطياً.. ودولياً؟
أخبارنا :  

بعد مناظرته المتفوقة مع «بايدن» أخذت فُرص «ترامب» في العودة إلى السلطة بعد الانتخابات في 5/11/2024 بالتزايد، إذْ من المؤكد أنّ حزبه الجمهوري سوف «يرشحه» في مؤتمره الوطني بعد شهرين تقريباً، كما أنّ رصيده الشعبي في تزايد رغم مُحاكماته العديدة، بل وإدانته الفعلية في قضية «شراء الصمت» في ولاية «نيويورك» مؤخراً.

إنّ عودة «ترامب» إلى السلطة سوف يكون لها ما بعدها أميركياً، وشرق أوسطياً، ودولياً فعلى الصعيد المحلي الأميركي من المرجح أنْ يحدث ما يلي في ضوء ممارسات ترامب أثناء توليه السلطة (2016–2020)، وفي ضوء ما يعلنه من توجُّهات يومياً:

أولاً: سوف يقف ضد المهاجرين بشكل عام وبالذات من الدول العربية والإسلامية، كما قد يطرد كل من ليس لديه أوراق ثبوتية كاملة، الأمر الذي يعني الكثيرين وبالذات من الدول التي لا يُكنّ لها «ترامب» وداً كبيراً.

ثانياً: سوف يقف ضد موضوع الإجهاض (Abortion) وحق المرأة في ذلك، وقد أعلن موقفه هذا بوضوح، وامتدح في سياقه موقف مجلس القضاء الأمريكي الأعلى (Spreme Court) الذي أحال موضوع الإجهاض إلى الولايات، وأغلق بعض النوافذ أمام الإجهاض.

ثالثاً: سوف يعود إلى سياسته القديمة في تقليص الضرائب على الشركات والأغنياء، مما يعني «تأبيد» الغنى للأغنياء، وتقليص فرص الفقراء في تجاوز فقرهم وتحسين أحوالهم.

وعلى الصعيد الشرق أوسطي فمن المرجح أن يؤكد «ترامب» على ما يلي:

أولاً: تدعيم إسرائيل بأكثر مما فعله «بايدن» ويجب ألّا ننسى أنّ «ترامب» هو الذي نقل السفارة الأميركية إلى القدس معترفاً بأنها «العاصمة الأبدية والموحدة» لإسرائيل، فضلاً عن أنه أعترف «بشرعية» احتلالها للجولان السوري بل وضرب بعرض الحائط القرارات التي أدانت «الاستيطان الصهيوني» معترفاً به وبامتداداته على حساب الأرض والحقوق الفلسطينية. وقد دلّل على موقفه السياسي هذا في مناظرته مع «بايدن» حين طلب ترك إسرائيل «لتنهي المهمة» (أيّ القضاء على المقاومة الفلسطينية) في قطاع غزه بدون أية قيود أو ضوابط.

ثانياً: تحجيم إيران كقوة اقليمية ومحاولة ضرب حلفائها أو» أذرعها» في المنطقة كحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والمقاومة الإيرانية في العراق.

ثالثاً: التفاهم مع تركيا كقوة اقليمية وكعضو في حلف الأطلسي، ومحاوله احتوائها وتوجيهها ما أمكن لتكون في دائرة المصالح الأمريكية.

رابعاً: توثيق العلاقات مع بعض الدول العربية المهمة.

أمّا على الصعيد الدولي فإنّ من المتوقع في ضوء سياسات «ترامب» السابقة، وتوجهاته الحالية المُعلنة أن يحدث ما يلي:

أولاً: تحسين العلاقة مع روسيا وحجب أو تقليل المساعدات الأمريكية السخية لأوكرانيا، الأمر الذي قد يقود إلى «حلحلة» الأزمة الأوكرانية، والوصول إلى تفاهم ما مع الرئيس «بوتين» والذي لا يمكن أن يتم بدون الاعتراف «بالواقع على الأرض» والذي تمخّض عن المعارك الشرسة بين روسيا وأوكرانيا.

ثانياً: مناوشة الصين ومحاولة تأخير نموها الاقتصادي (هي الآن ثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة) من خلال فرض الرسوم على وارداتها وإن كان من غير المتوقع أن تكون هذه السياسة فاعلة في «لجم» العملاق الصيني وتمدده التدريجي ليس فقط في الميدان الاقتصادي بل على المسرح السياسي الدولي في نفس الوقت.

ثالثاً: التقليل من الالتزامات الأمريكية مع دول «الاتحاد الأوروبي» والناتو وربط استمرار الالتزامات الأمريكية (بالحماية وما يترتب عليها من كُلف مالية) بمدى المساهمة الأوروبية في تحمل التبعات والنفقات، وقد قال «ترامب» بصراحته الفاقعة أحياناً بأّن كل دولة أوروبية لا تدفع ما عليها من التزامات مالية سوف يتم تركها لتواجه مصيرها أمام روسيا!

رابعاً: محاولة تصفية الأونروا (الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) نهائياً وبخاصة بعد الحملة الإسرائيلية الأخيرة عليها، ووقف تمويل بعض الدول الغربية عنها، ولا ننسى في هذا السياق أنّ ترامب كان قد قطع التمويل الأمريكي (وهو الأكبر بالنسبة للوكالة) عن الأونروا عندما كان رئيساً، وهو موقوف بالفعل الآن بسبب الاتهامات الإسرائيلية وتفاعلاتها.

إنّ الدول الأوروبية (باستثناء بريطانيا حليف أمريكا الوثيق والتاريخي) تتلمس وضعها الآن، وتنظر بعين الريبة إلى موضوع عودة «ترامب» إلى السلطة وما يمكن أن يترتب عليه وبالذات فيما يتعلق «بحلف الناتو»، وما يتعلق » بالاتحاد الأوروبي».

إنّ «ترامب» بسياسته السابقة وتوجهاته المُعلنة الحالية قد يكون خطيراً بالفعل وفيما يتعلق بنا في الأردن بالذات فإنّ نجاحه في سياسته الشرق الأوسطية قد تكون على حساب المصالح الأردنية العليا، وقد سجل الأردن اثناء تولي «ترامب» لعهدته الأولى (2016- 2020) مواقف مشرّفة ضد ترامب، ولكن من المتوقع أن تكون ضغوطه أكثر هذه المرة وبصورة أكثر انكشافاً، الأمر الذي يدعو إلى الحيطة والحذر.

وعلى الصعيد الفلسطيني الذي يتصل بالصعيد الأردني ويترافق معه فإنّ الفلسطينيين سوف يجدون أنهم إزاء رئيس يعلن بكل صفاقة ووضوح أنه ضد الحقوق الفلسطينية ومع غطرسة نتنياهو وسياساته اليمينية الاستعمارية التي عبّر عنها في خطابه الأخير في الأمم المتحدة حيث عرض خارطة خلت من أيّ كيان للشعب الفلسطيني وكأنه غير موجود على وجه الأرض!

وأخيراً فإن «ترامب» قد لا يرجع رئيساً ولكن الحكمة تقتضي أن نتحسّب لكل شيء، وأن نخطط بأسلوب علمي منهجي لما يجب أن نتخذه من سياسات وقرارات في حال عودته فعلاً. ــ الراي

مواضيع قد تهمك