الأخبار

احمد الحوراني : عمر النابلسي

احمد الحوراني : عمر النابلسي
أخبارنا :  

مات عمر النابلسي الاستاذ والمحامي ورجل الدولة والوزير والدبلوماسي والذي لم يسبق لي وأن التقيته ربما لفارق السن إذ يكبرنا رحمه الله بالقدر والعمر والمكانة ولكنني لطالما سمعت اسمه يذكر امامي بكل ما يمكن ذكر سيرته وصفاته الحسنة وخصاله النبيلة التي ظل مدافعا ومرافعا عنها طيلة حياته إلى أن لاقى وجه ربه راضيا مرضيا لان قيمة الإنسان بعد وفاته إنما تكمن في الذكر الحسن والثناء عليه ممن بقوا بعده أحياء.

في مسيرة الراحل عمر النابلسي الكثير من المحطات التي يمكن الكتابة فيها وحولها فهو من جيل أردني عاصر احداثا مفصلية في عمر الدولة الأردنية واكاد أجزم انه لو شرع الباب لذاكرته وقام بتوثيق ما كان شاهدا عليه لسد فراغا لا يستهان به على رفوف مكتبتنا الوطنية، فالنابلسي كان قد بدأ حياته العملية في وقت مبكر من عمره وفي عناوين سيرته الحافلة انه عمل في جامعة الدول العربية ملحقا دبلوماسيا سياسيا واقتصاديا قبل أن يصبح مساعدا لرئيس الديوان الملكي ثم وزيرا للاقتصاد الوطني في حكومة الشهيد وصفي التل ثم انتقل الى سفارة المملك? الاردنية الهاشمية في لندن قبل أن يعود ويتسلم حقيبة وزارة الزراعة في حكومة زيد الرفاعي الذي عاد واسند إليه وزارة الاقتصاد الوطني ثانية لتكون الكويت الشقيقة هي المرحلة التالية في سيرته عندما عمل هناك مستشارا قانونيا واقتصاديا للصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي، ثم كان على موعد آخر مع الوزارة وتسلم هذه المرة وزارة العمل ثم بعد ذلك عين في مجلس الاعيان وكان ذلك مطلع التسعينيات من القرن الماضي.

سيرة حافلة ومخزون وطني رفيع وعقل فذ لرجل دولة أفضى إلى لقاء ربه، ونحن في هذا المقام إذ نستحضر القليل من الكثير من سيرة رجل تنقل في خضم الحياة بين مواقع عديدة لنؤمن أن الموت حق ولكننا نعود ونتساءل عن زخم تجربة النابلسي التي لا شك أنها غنية بما يمكن أن يثري جانبا مهما من تاريخ الدولة خاصة إذا ما اعتبرنا أن حياة هؤلاء هي جزء من منظومة متكاملة تشكل في النهاية تاريخ وطن ومسيرة دولة.

في كتاب حمل اسم (نبع وروافد.. قصص حياة شخصيات نابلسية تاريخية ومعاصرة) من إعداد الباحث نبال خماش، يجد المتتبع لسيرة الراحل عمر النابلسي الكثير من الاضاءات على مفاصل هامة في حياته التي تنوعت كما اسلفنا بين السياسة والاقتصاد والمحاماة والرجل على امتداد سيرته العطرة ظل ذاكرا ومحافظا على عهد الاخوة والصداقة لثلة من رجالات الدولة الذين عمل معهم أمثال دولة السيد زيد الرفاعي والمرحوم احمد طوقان والمرحوم عبد الحميد شرف والمرحوم احمد اللوزي.

رحل النابلسي عن ثمانية وثمانين عاما كان فيها مخلصا ونزيها وامتدادا لعائلة كانت وما زالت تعتبر من مكونات اجتماعية تميزت بماض عريق في تاريخ مدينة نابلس، وبقي القول انه قد نال شهادة البكالوريوس في الحقوق من جامعة القاهرة سنة تسعة وخمسين ثم اتبعها بحصوله على دبلومي الدراسات العليا بالقانون العام من نفس الجامعة.

خلاصة القول إن كتابة سيرة حياة رجالات الدولة لأمر مهم لا سيما اذا ما أردنا أن نمهد الطريق أمام ابنائنا وبناتنا الشباب ليقتفوا أثر قصص نجاح حققها اشخاص كانت القوة والعزيمة والكلمة الحق هي سلاحهم في مسيرة البناء والنماء والتنمية التي حققها الأردن بتناغم كبير بين القيادة الهاشمية والشعب الصادق في انتماءه وعطائه. ــ الراي
ahmad.h@yu.edu.jo

مواضيع قد تهمك