الأخبار

بسمة العواملة : يأتي متأخراً بحرب

بسمة العواملة : يأتي متأخراً بحرب
أخبارنا :  

قد يبدو العنوان غريباً بعض الشيء، ولكنه الوصف الادق حيال ما نشاهد من حروب ونزاعات بالعصر الحديث، فلقد كانت المنظمات الدولية المعنية بتطبيق مباديء القانون الدولي الانساني حتى وقت قريب تعتمد على ذات المصادر وعلى القواعد الاساسية التي تم اعتمدتها في تطبيق القانون الدولي الانساني، ولكن في ظل التسارع الحاصل والتقدم في صناعة الاسلحة سواء من حيث التطوير في استخدام الاسلحة الكيميائية او من ناحية استخدام الذكاء الاصطناعي في خوض الحروب بحيث يتم استخدام الروبوتات في الحروب والنزاعات، فمثلاً عمدت الولايات المتحدة الامريكية منذ سنوات على دمج الذكاء الاصطناعي في جيشها، بهدف استخدام هذه التقنيات الحديثة في حروبها المستقبلية،

كذلك عمدت قوات الاحتلال الاسرائلي على استخدام الذكاء الاصطناعي في حربه ضد اهالي غزة، وهذا ما اشارت إليه جلالة الملكة رانيا في المقابلة التي شاهدناها على برنامج سي بي اس خلال الاسبوع الحالي، وقد نوهت جلالتها الى موضوع استخدام اسرائيل لإنظمة الذكاء الاصطناعي لتحقيق اكبر عدد ممكن من الأهداف التدميرية وكيف انها قد تخلت عن مبدأ التناسب والتمييز بين المدنيين والمقاتلين بهذه الحرب الطاحنة، و كيف انها اخرجت الانسانية من حساباتها وضربت عرض الحائط بكل القوانين والمواثيق الدولية، وهذا الامر يستدعي ضرورة سن قوانيين وتشريعات جديدة في مبادئ وبنود القانون الدولي الانساني لضبط وتجريم استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب كالطائرات المسيرة والروبوتات القاتلة، فهذه الاسلحة قادرة على تحديد مواقع الاهداف البشرية ومهاجمتها دون تدخل بشري بحيث تُحدث تدميراً وفتكاً اشد واعمق، بحيث لا يكون هناك ضوابط للتفريق والتمييز بين المقاتلين والعسكريين وبين المدنيين من غير المقاتلين.

فالقواعد القديمة التي كانت تحكم للحد من اثار النزاعات المسلحة وقوانين الحرب التي كان معمول بها سابقاً، لم تعد قادرة على حماية المدنيين والاعيان المدنية كالمستشفيات والمدارس ودور العبادة وغيرها، ولا حتى بقادرة على تقديم المساعدات للمتضررين من الحرب كالاسرى والجرحى ولا حتى تقديم المساعدات الانسانية للاطراف المدنية كالغذاء والماء والدواء وغيرها الضروريه لبقاءهم مثل مصادر الغذاء والمياه والمحاصل الزاهية وغيرها

فالقانون الدولي الانساني كغيره من القوانين يحتاج الى اجراء تعديلات على بنوده لمواكبة التطورات الاخيرة التي حدثت في النزاعات المسلحة ولوضع ضوابط ومعايير استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، وهذه المطالبات ليست من باب شرعنة الحروب وإنما من باب الاعتراف بحقيقة أننا لا نملك القوة الكافية لمنع وقوعها، فأقلها لنضع لهذه الحروب الضوابط والقواعد للحد من آثارها وتداعياتها على الانسانية، بحيث تتوافق هذه القواعد مع قوانين اللحرب وتصون بذات الوقت الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية وتضمن إمكانية التعايش معاً من جديد.

و عودة لعنوان المقال، فهذه المقولة كانت هي نافذة البداية لتعمقي في دراسة القانون الدولي الإنساني الذي كانت قواعده تأتي متأخرة بحرب، أي أن الحروب والنزاعات الحديثة تفرز اوضاعاً جديدة تستدعي تطوير لمنظومة القانون الدولي الإنساني ليواكب التطورات الجديدة في كل حرب لم يشهدها المجتمع الدولي من قبل. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك