الأخبار

أ.د. محمد عبده حتاملة : الاستعمار الأوروبي للعالم الإسلامي

أ.د. محمد عبده حتاملة : الاستعمار الأوروبي للعالم الإسلامي
أخبارنا :  

عبر الغربيون عن عقدة الأندلس أيضاً بحركة الالتفاف الصليبي على العالم الإسلامي، فما أن سقطت دولة الإسلام في الأندلس حتى بدأت أوروبا بقيادة إسبانيا والبرتغال، ومن بعدهما بريطانيا وهولندا وفرنسا، عملية الالتفاف التاريخية المعروفة على عالم الإسلام عبر خطوطه الخلفية في أفريقيا وآسيا، التي كانت بمثابة حركة الاستعمار القديم التي ابتلي بها العالم الإسلامي فيما بعد، والتي استمرت حتى العقود التي أعقبت سقوط الخلافة العثمانية. وكان المماليك في مصر والشام قد بلغوا مرحلة الإعياء، وكان اكتشاف الطريق البحري الجديد حول رأس الرجاء الصالح قد وجه لتجارتهم – التي هي بمثابة العمود الفقري لمقدرتهم المادية – ضربة قاصمة.

أما العثمانيون فكان جهدهم منصباً على اختراق أوروبا من الشرق، ولم تكن لديهم الجسور الجغرافية التي تمكنهم من وقف محاولة الالتفاف تلك كانت في بدايتها الأولى. ولكنهم ما لبثوا بعد عدة عقود أن تحركوا لمجابهة الموقف، ومع ذلك فقد دافعت الشعوب والقيادات الإسلامية في المناطق التي ابتليت بالغزو دفاعاً مستميتاً، وضربت مثلا صلبا في مقاومتها المتطاولة للعدوان، وألحقت بالغزاة خسائر فادحة على طول الجهات والمواقع الساحلية التي سعى هؤلاء إلى أن يجدوا فيها لهم موطئ قدم.

وحين حاول البرتغاليون والإسبان السيطرة على ساحل المغرب الإسلامي، بالإغارة عليه وضربه، سارع العثمانيون إلى السيطرة على المغرب كله ما عدا مراكش، واستطاعوا مواجهة الإسبان في حوض المتوسط وجزائره وسواحله، واستطاع العثمانيون أن يسيطروا على ساحل شرق إفريقية وشمال المحيط الهندي في مطلع القرن الثامن عشر الميلادي، فأرهب ذلك الأوربيون بعد أن كان الأسطول البرتغالي – كما تذكر بعض المصادر – قد وصل عام 1504 م إلى منطقة جده وموانئ الجزيرة واحتل في العام 1506م جزيرة سوقطرة في خليج عدن. وتمكن الأوربيون من التسلل سرا إلى الأماكن المقدسة في الحجاز، كما تمكنوا من إغلاق طرق التجارة العربية الإسلامية التي كانت تمر عبر العراق وبلاد الشام.

واستطاعت عمان الوقوف في وجههم، حيث فقد البرتغاليون الأمل في استرداد هه المنطقة. وقد كانت همان بعد سقوط الأندلس أكبر قوة عربية ودامت نهضتها من (1092هـ إلى عام 1250هـ).

وقد استولت عمان على ثغور البحر الأحمر البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج، فأفريقيا الشرقية إلى رأس الرجاء الصالح، وفي بعضة أجيال صار أهل عمان سادة هذه البحار العظمى الثلاثة وصار لهم أسطول ضخم هاجم الأسطول البرتغالي وأجلاه من جميع الثغور الهندية والفارسية والأفريقية. ولم يصبر الإنجليز على هذه الدولة البحرية التي كانت تهدد أملاكهم في آسيا وأفريقيا، فعملوا على إضعافها ومن ثم القضاء عليها، وضرب الأسطول البريطاني مدنها بالقنابل.

وعمل الإسبان والبرتغاليون بعد سقوط الأندلس على الانتقام من العالم الإسلامي، فوجهوا هجماتهم على العالم الإسلامي من خلال الأساطيل البحرية في كل من المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، وكانت رغبتهما قوية في تطويق العالم الإسلامي من جهة الشرق أيضاً، فكان اكتشاف طريق راس الرجاء الصالح، ومع اتجاه البرتغال نحو المشرق الإسلامي، بدأت تحتل المدن السياحية في بحر العرب وخليج عدن والخليج العربي، وتلاقت أطماعها مع أطماع شاه إيران إسماعيل الصفوي، فكانت التحالفات بينهما على القضاء على الدولة العثمانية، وتم وضع القوات البرتغالية تحت إمرة الشاه الصفوي متى احتاجها، وكان البرتغاليون الصليبيون يعاملون المسلمين حيثما وجدوهم بوحشية وقسوة، فقط اعترضت أساطيلهم سفينة عائدة من الحج إلى الهند قرب ساحل الملبار، وعليها 380 راكبا، فقصفتها والتهمتها النيران بمن عليها دون تمييز.

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك