الأخبار

الدكتور محمد كامل القرعان يكتب : للديمقراطية دور مركزي في مأساة غزة

الدكتور محمد كامل القرعان يكتب : للديمقراطية دور مركزي في مأساة غزة
أخبارنا :  

نحن هنا أمام إشكالية عامة تعاني منها الديمقراطية في كل مكان، ألا وهي ارتهانها للمال والاعمال والإعلام واللوبيات، وقدرة هذه القوى على ابتزازها.

يبقى أن نتساءل: كيف يمكن للدولة الديمقراطية الأولى في العالم وهي الولايات المتحدةالأمريكية، تقديم كل هذا الدعم اللامشروط لدولة مارقة تتحدى كل الأعراف والقوانين الدولية والمواثيق الانسانية، وترتكب كل لحظة مجازر يندى لها الجبين، ودولة ملاحَقة أمام محكمة العدل والجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية؟.

بطبيعة الحال ثمة أسباب عديدة لهذا الدعم الغربي والامريكي تحديدا، لكن السبب الأهم خشية الرئيس الامريكي جو بايدن من فقدان المموّلين اليهود لحملته الانتخابية، ودعمه غير المشروط؛ بحثًا عن هذا الدعم.

وكم هو غريبٍ أن يركّز الخطاب الغربي والأميركي؛ لتبرير الدعم الأعمى لدولة الاحتلال (لإسرائيل) في عدوانها على قطاع غزة، بحجة حق دولة نووية تملك أحد أقوى جيوش العالم في الدفاع عن نفسها، ولا حديث عن حق شعب محتل منذ اكثر من 75 عاما في الدفاع عن نفسه، ممّا يعني أن عليه قبول الحصار والقتل والتجويع والابادة في غزة والاستيطان في الضفة الغربية وتمزيق اواصر الدولة الفلسطينية، وإلا فإنه يوصم بالإرهاب ومعاداة السامية.

من هذه القراءة السريعة، يمكننا أن نستنتج أن للديمقراطية دورًا مركزيًا في مأساة غزة، وإن بآليات ومداخل مختلفة، سواء بإجهاضها في العالم وإفسادها في إسرائيل، وابتزازها في الجامعات الأميركية.

والثابت أيضًا أن هذا العدوان على غزة يضيف لمصاعب الديمقراطية في عملية الانتشار والتمكن في العالم والوطن العربي. ما لا يبدو أن الإدارة الأميركية أخذته بالحسبان، هو أن موقفها المساند للعدوان الإسرائيلي على غزة يساهم في إضعاف حظوظ الدمقرطة في العالم – هذا إذا اعتبرنا أن الأمر جزء من وضع بائس.

وبالتالي هل يعني هذا أن العدوان والكيل بمكيالين أنهى بالضربة القاضية كل حلم ديمقراطي كان يحتذى بأمريكا، وما يجعل النموذج الصيني الروسي أكثر إغراءً للأجيال القادمة لا سيما العربية الجديدة، ناهيك عن اقتناعها بأنه لا جدوى إلا للمقاومة المسلحة والقدوة حماس؟ و يعني أن حتى الديمقراطية العرجاء في إسرائيل قد تنتهي، ومعها تنتهي أسطورة واحة الديمقراطية في العالم و انتهاء أسطورة الجيش الذي لا يقهر، والموساد الذي يحصي دبيب النمل على سطح القمر.

الاستنتاج الأهم الذي يجب أن نسعى لغرسه أنّه إذا أردنا ألا تتكرّر مآسينا، فيجب أن يكون لنا ديمقراطية خاصة بنا من جلدتنا و غير فاسدة، ديقراطية غير قابلة للابتزاز والاغتيال، لها آليات لا تنقلب أدوات قتلها. ويوم يكون لنا مثل هذه الديمقراطية التي تجعل منا شعوبًا من المواطنين لا شعوبًا من الرعايا، ويوم نستطيع أن نبني دولًا ديمقراطية تستطيع أن تبني بينها اتحادًا كالاتحاد الأوروبي والناتو، فلن تكون لنا غزة أخرى، ولن يصرخ طفل ولن تصرخ امرأة في أي شبر من ارضنا إلا وفزع لنجدتها مليون معتصم. ــ الراي

مواضيع قد تهمك