الأخبار

أ.د. محمد عبده حتاملة : عولمة الحرب الصليبية ضد المسلمين

أ.د. محمد عبده حتاملة : عولمة الحرب الصليبية ضد المسلمين
أخبارنا :  

شكلت أزمة الخليج التي نجمت عن احتلال العراق للكويت في الثاني من آب عام 1990م، فرصة ذهبية أمام الغرب من أجل شن هجمة صليبية عسكرية ساحقة، ليس ضد العراق فحسب، وإنما ضد الأمة العربية جمعاء.

فبحجة إخراج العراق من الكويت، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بحشد الأساطيل والجيوش الغربية من نحو ثلاثين دولة بمشاركة عربية وإسلامية، وقادتها لضرب العراق، ووأد نهضته الواعدة في المجالين العلمي والعسكري، وبخاصة لأن العراق كان من أعند المعادين لمشاريع التسوية السلمية مع إسرائيل، ومن أقوى المرشحين لامتلاك القوة العسكرية المهددة لأمنها. وقد تمكنت تلك القوة الصليبية الهائلة بضربها العراق من تحقيق عدة أهداف، فقد أحدثت شرخاً جديداً بين أبناء الأمة العربية الواحدة باستقطاب بعض الدول العربية إلى جانبها ضد بعضها الآخر، ودمرت الآلة العسكرية العراقية مجربة في ذلك أنواعاً من الأسلحة المحرمة دوليا، كما سيطرت على منابع النفط بشكل مباشر.

ومن جهة أخرى، كانت عملية إخراج العراق من الكويت التي أطلق عليها الغرب اسم (عاصفة الصحراء) إنما هي في الحقيقة عاصفة من اليورانيوم المنضب الذي أطلقته القوات الغربية في الكويت وشمال السعودية وجنوب العراق ليفتك بالأخضر واليابس، ويحول الحياة إلى أشلاء في مناطق واسعة من وطننا العربي، فقد ألقت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 300 طن من اليورانيوم المنضب على العراق، وتأثر بهذا السلاح المدمر العراقيون والأمريكيون والبريطانيون والكنديون والكويتيون والسعوديون على حد سواء، حيث انتشرت أمراض لم نسمع بها من قبل، ومنها مرض حرب الخليج الذي فتك حتى بالأعداء أنفسهم.

وقد كانت النتيجة الحتمية لإخراج العراق من معادلة القوة بين العرب وإسرائيل، ومن قبل إخراج مصر من تلك المعادلة هي رضوخ بقية العرب للهجمة الصليبية السلمية التي استهدفت فرض الاستسلام على العرب لصالح الغرب الصليبي ممثلاً بربيبته إسرائيل. ذلك أن تسلسل الأحداث قاد إلى مدريد ومن ثم إلى أوسلو، فقد أثارت أزمة الخليج موضوع الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، والربط بين تطبيق الشرعية الدولية على العراق وعلى إسرائيل، وتعالت الأصوات المنددة بأمريكا متهمة إياها بأنها تكيل بمكيالين.

والحقيقة أن الانتقائية التي اتبعها الغرب الصليبي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن خافية على أحد، فالغرب كان إصراره ولا يزال عجيباً على تطبيق قرارات الأمم المتحدة واستخدام القوة العسكرية لتطبيقها إذا كانت تلك القرارات تخدم مصالحه، وإن لم تكن كذلك فهو يتغاضى عنها، ولا يقيم لها وزناً. فقد بادر الغرب بقضه وقضيضه لضرب العرب، بينما وقف دائماً ضد أي قرار يصدر بمجرد إدانة إسرائيل. ويتجلى هذا أيضاً في موقف الولايات المتحدة الأمريكية إزاء عملية السلام بين العرب وإسرائيل، فالولايات المتحدة الأمريكية بدلاً من أن تجبر إسرائيل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ الأرض مقابل السلام الذي تبناه العرب، وقفت إلى جانب إسرائيل سواء في تفسيرها المغلوط لقرارات الأمم المتحدة أو في تعنته إزاء تطبيقها أو في تجيير هذه القرارات لصالحها.

لقد أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش بعد الانتهاء من حرب الخليج مباشرة، في 6 آذار عام 1991م، أن الوقت قد حان لوضع حد للنزاع العربي الإسرائيلي على أساس قراري مجلس الأمن (242 و 338) ومبدا الأرض مقابل السلام، ولكن شريطة ضمان أمن إسرائيل. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك