الأخبار

الاب رفعت بدر : خمس ومضات من «ضو الكنايس»

الاب رفعت بدر : خمس ومضات من «ضو الكنايس»
أخبارنا :  

(1) مؤلم الإحتفال بالفصح على مرحلتين، وبالأخص هذا العام، حيث كان الفرق بين التقويمين الغربيين أصلاً: اليولياني والغريغوري بواقع 5 أسابيع. لكنّ الأمر ليس بأيدي رؤساء الكنائس الحاليين الذي يحمّلهم الشعب المسؤولية، فهم ورثوا هذا التقويم أو ذاك. وما زال مسعى الوحدة الكاملة بعيد المنال. سامح الله «البدر المكتمل» الذي حلّ ضيفًا سريعًا بعد الربيع، ممّا استدعى احتفال التقويم الغربي مبكرًا. واضطرّ أصحاب التقويم الشرقي للإنتظار إلى الآن، ذلك انّنا احتجنا إلى انتظار اكتمال البدر الذي تأخر علينا.

وعلى فكرة، العام المقبل 2025 ستحلّ ذكرى 1700 سنة على انعقاد مجمع نيقية الذي أقرّ قانون الإحتفال بعيد الفصح. على أمل أن تجتمع القلوب بمجمع نيقية جديد يعود الجميع فيه إلى صيغة واحدة، وقبل ذلك قلب واحد واحتفال واحد وأخوّة حقيقيّة. والاّ فسنحتفل بالذكرى فقط ونقطع كعكة نيقية، وسنحتفل سوية العام المقبل (بحسب الحساب الفلكي)، ثمّ نعود الى الإفتراق.

(2) غزة العزّة، احتفلت كذلك بالفصح بحسب التقويمين: كنيسة العائلة المقدّسة للاتين قبل شهر، واليوم كنيسة القديس برفيريوس للأشقاء الأرثوذكس. ومن الجميل كما رأينا في عيد الميلاد، وكذلك في الفصح، قيام الكاهن مع مجلس رعيته في كل كنيسة بزيارة الكنيسة الشقيقة، وتقديم التهنئة للكاهن والرعيّة الشقيقة، والتي تعاني مثل شقيقتها من ذات العدوان وذات الخطر وذات الصعوبات.

وهي مناسبة اليوم لتأكيد الحضور المسيحيّ في غزة. هو قليل العدد نعم، لكنه حضور لم ينقطع منذ عهد القديس برفيريوس (القرن الرابع)، وقبل ذلك مرور العائلة المقدّسة من بيت لحم إلى مصر، مرورًا في غزة. بالرغم من الأعاصير التي هبّت على غزة، إلا أنّ الحضور المسيحي ما زال حاضرًا، بالرغم من تقلّصه، فهو شأنه شأن الملح في الطعام ونور السراج المضيء.

(3) يأتي الفصح هذا العام، بعد أيام قليلة من لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع البابا فرنسيس، في حاضرة الفاتيكان، وهي الزيارة السابعة لجلالته إلى الحاضرة، في عهد البابوات يوحنا بولس الثاني وبندكتس السادس عشر وفرنسيس. وكلّ منهم زار بلادنا المقدّسة. وهي زيارة هامّة في ذكرى مرور 30 عامًا على إنشاء العلاقات الدبلوماسيّة بين الأردن والكرسي الرسولي، في عهد البابا يوحنا بولس الثاني والملك الحسين بن طلال رحمه الله عام 1994. وقد سبقتها بثلاثين عاما زيارة البابا بولس السادس 1964. كما انّ الزيارة الملكية تأتي بعد 10 سنوات على زيارة البابا فرنسيس، وفي احتفال الأردن باليوبيل الفضي (25 سنة) لجلوس «عميد القادة العرب» الذي ما فتىء يدعو إلى تعميق الإخاء والوئام بين الأديان، ووقف إطلاق النار الفوري، الأمر الذي تلتقي به دبلوماسيّة الفاتيكان مع الدبلوماسيّة الهادئة والسلميّة للمملكة الأردنيّة الهاشمية. وإلى المزيد في أردن الخير والقداسة.

(4) تضاء الكنائس ليلة سبت يحمل اسم النور. وهو ليس فقط مشعلاً نحمله في أيدينا، ونطوف به، مع كلّ التقدير للتقاليد التي ما زالت حيّة في القلوب والضمائر. وكانت ليلة السبت تسمّى «بالسهرونيّة الفصحيّة» حيث كانت كنيسة القدس الرئيسية، أي كنيسة القيامة، تضيء الشمعة ذات الأذرع الثلاثة (أو شمعات القصبة)، وقد حدثنا عنها الأب الدكتور عزيز حلاوة في كتابه الرائع «كنيسة المدينة المقدّسة وليتورجيتها في القرون الخمسة الأولى»، حيث كانت الكنيسة في تلك القرون التأسيسية ترنّم: «إنّنا الآن نعلم مزايا عمود الشمع هذا، وقد حان لنشعله لمجد الله، نار ساطعة». وإن شاء الله سنتحدّث عن هذا الكتاب لوحده في مقال آخر.

(5) وعلى قصة نور الكنائس، فقد دعيت قبل أيام لمناسبة خاصة في بيت أحد الأصدقاء من «بني معروف»، أي من دروز الأردن التاريخيين والشاهدين على احترام المملكة لكلّ من فيها من أصول دينيّة وإثنية. وحين بدأوا في الغناء الشعبي، لفت سمعي أغنية تقول: «من نجد لبني سايس، أصحاب العمامة البيضاء، تشبه ضو الكنايس».

جميل هذا التشبيه أصحاب العمامة البيضاء النقيّة التي لا يشوبها شائبة، وجد الآباء والأجداد تشبيهًا لها لائقًا، وهو ضوء الكنايس أو الكنائس، التي فعلاً من سبت النور وصاعدًا تتلألأ بأجمل الأنوار. أمّا ان حدثتكم عن أجمل ضوء يسطع في قلب الإنسان فهو ضوء المحبّة والأخوّة للجميع والمسامحة التي هي عند المقدرة.

دمتم بضوء دائم وقلوب بيضاء تشبه ضوء الكنايس. ــ الراي

مواضيع قد تهمك