الأخبار

ابراهيم عبد المجيد القيسي : الحكومات بتروح وبتيجي المهم الصحة

ابراهيم عبد المجيد القيسي : الحكومات بتروح وبتيجي المهم الصحة
أخبارنا :  

يمكن أن تقول «الدنيا كلها خلل»، وتكتفي بهذه النظرة الاستسلامية السوداوية، ويمكن أن ينعم الله عليك بأن «تفهم» سياسة، وبما أننا في زمن حائر بين الجدّ والهزل، فلا أستأذن أحدا بتذكير الناس والدولة «بأشياء»..
طابت أوقاتكم أيها الشعب المحتشد على الشاشات، تقلبونها بكل الأصابع، ويجود الأجواد بكل ما يرد في ذهنهم، ولأننا نعيش موسما «دستوريا» يقتضي ترويحة الحكومة ومجلس النواب، وهو نفس الموسم الذي يجري فيه التحضير لانتخاب مجلس نواب عشرين، وتعيين حكومة لا أعرف شو رقمها على قائمة الحكومات، وهو كذلك نفس الموسم الذي نجتر خلاله الحديث السياسي المثير بالنسبة للبسطاء، الطبيعي جدا بالنسبة للعارفين بالسياسة..
إن أهم المهم بالنسبة لي، ولكل من يهتم بشأن الدولة وليس شأن الحكومات والمسؤولين والكراسي، متعلق بالإنجاز الذي تقدمه أية حكومة أو وزارة أو مؤسسة، أو حتى شخصية، والأهم منه هو البرامج والخطط أو «الإستراتيجيات»، وفي هذا الصدد، قلنا كثيرا مثلا عن وزارة الزراعة، التي قدمت الجميل الكثير «المحسوب سلفا»، وصمدت على عهودها ووعودها، ونفذت كل الممكن المعلن عنه سلفا، وأتمنى لو أننا لا تخيب آمالنا للمرة المليون، ويجري التفكير بهذا الجانب عند تعيين حكومة أو وزير، فالقصة ليست توازنات ولا ترضيات ولا عصفا ذهنيا، بل هي التزام بالخطط والرؤية وتنفيذها بالكامل، ومع فارق التشبيه بين مهام وزارة الخارجية ووزارة الزراعة، فهناك شبه استقرار في أداء وزارة الخارجية، الأمر الذي يجعل من استمرار وزير الخارجية في مكانه، وقيامه بواجباته التي «يحفظها عن ظهر قلب»، بكل التزام وحذر، نحتاجه في وزارات كالزراعة والداخلية والتعليم، فاستقرار خطط وقيادة الصف الأول في بعض الوزارات والمؤسسات، هو نصف علامة النجاح بالنسبة للوزارة نفسها في الحكومات الجديدة..
حين يجري تعيين رئيس وزراء ضعيف، مرتبك، يلجأ هذا الرئيس إلى سياسة الترضيات والتوازنات الغريبة، ويكون ذلك على حساب إنجاز الحكومة، واستقرارها في الدوار الرابع، ومدى ثباتها وصلابة موقفها أمام الانتهازية السياسية التي يجري انتاجها في مجالس النواب، علما بأنها انتهازية مشروعة، سيما ونحن مقبلون على توسيع المشاركة الحزبية وتمكينها، وهذا أحد الخيارات الأردنية في التغيير وتطوير أداء المنظومة السياسية، وقد قيل الكثير عن إيجابية هذا الخيار، وديمقراطيته، وهنا تكمن أهمية التشكيلة الحكومية، التي يجب أن تبتعد عن الترضيات والرضوخ للابتزاز، ولا يمكن أن تتجاوز أي حكومة جديدة هذا الاختبار بنجاح إلا في حال أن يكون رئيس الحكومة الجديدة، قويا ومقنعا، بل «عنيدا» في موقفه ضد هذا النوع من الابتزاز والرضوخ لإملاءات قوى الشد العكسي.، فهو حقا سيكون رضي والدين وقويا إن تجاوز عن تعيين وزراء مناطقية وترضيات اجتماعية وسياسية، وملتزما بخطط واستراتيجيات معلنة وموقوتة، وقد كان للحكومة الحالية بعض الأسبقيات الطيبة في هذا المجال، في وزارة الزراعة والداخلية على وجه التحديد، مع الاحترام لجهود وإنجازات الوزارات الأخرى.
بضاعة التلميع والدعاية المكررة المعروفة يجب أن تتوقف، فهي لم تعد مجدية ولا ممكنة في مثل هذا الزمن، هي باختصار بضاعة قديمة متخلفة، لا تخدم وطنا ولا دولة، وتعمل على إرهاق الحكومات وتكسير مجاديف الدولة، وتبعث على السخط في نفوس الناس، حيث يكفينا «دعاية متخلفة ورخيصة» يجري فيها إعادة إنتاج الفساد، وتطويل عمره في مفاصل السلطات المختلفة، وكما نطالب الناخب بأن يتوقف كثيرا قبل اختيار من يمثله في مجلس النواب، نطلب من أي رئيس وزراء يتم تكليفه لولاية دستورية جديدة، أن يتوقف كثيرا عند اختياره لوزير ما.
الله يعين الملك، ويرشد الحكومات ومجالس النواب للالتزام بالدستور وبقضايا البلاد والعباد.. وبس. . ــ الدستور

مواضيع قد تهمك