الأخبار

محمد التل يكتب : حتى لا تكون حربا منسية

محمد التل يكتب : حتى لا تكون حربا منسية
أخبارنا :   محمد حسن التل :

نجحت إسرائيل في فتح جبهات خارج الأراضي الفلسطينية في محاولة لإزاحة الأنظار قدر ما تستطيع عما ترتكبه من جرائم في غزة والضفة الغربية التي تشهد أحداثا لا تقل خطورة عما تقوم به في غزة ، من قتل وتدمير وإعتقال وتنكيل أمام نظر العالم الذي لازالت مساحة كبيرة منه تقف إلى جانب إسرائيل بحجة أن من حق الأخيرة أن تدافع عن نفسها ، ومعظم التصريحات السياسية إزاء الصراع لا تتعدى الحديث في الهواء !! فتدفق السلاح لازال قائما إضافة إلى الدعم السياسي المطلق في المحافل الدولية ، وهذا أمر طبيعي ذو جذور تاريخية قوية ، فالغرب لن يتزحزح عن دعمه لإسرائيل بسهولة فهذا أمر بحاجة إلى معارك سياسية كبرى ومتراكمة وآليات إقناع مدروسة .. أن كل ما يفعله ويتحدث به الكثير في الغرب لا يغادر مساحة الجوانب الإنسانية مقابل الدعم العسكرى والسياسي اللامتناهي للطرف المقابل ، في ظل واقع عربي وإسلامي غارق في الفوضى وتناقض في المواقف وتخل عن الواجب تجاه فلسطين إلا قلة تكافح من أجل سماع صوتها وخلق موقف موحد قدر الإمكان على المستوى العربي والأسلامي ، والخطورة في هذا الواقع أن تدخل الحرب في غزة مساحة النسيان ككثير من الحروب والنزاعات في العالم ، ويظل الشعب الفلسطيني يعاني ما يعانيه في مساحة زمن مفتوحة وتظل إسرائيل مستفردة به وتعمل على إنهاكه وقتل إرادته في الصمود والتشبث بأرضه وحقوقه لا سيما أن عمقه الاستراتيجي يعيش اليوم في حالة قطرية مستحكمة تنكفيء فيه كل دولة على مصالحها .

صحيح أن حرب غزة نجحت إعادة القضية الفلسطينية إلى أولويات العالم ، ولفتت الأنظار إلى أهمية حل هذه القضية ولكن في المقابل ومع مرور شهور الأزمة استطاعت الحكومة الإسرائيلية أن تغرقها في متاهات السياسة والمماطلة والتقلبات في المواقف في الوقت الذي تستمر به في تنفيذ مخططاتها الرامية إلى دفع الفلسطينيين الخروج من وطنهم بحثا عن سبل النجاة والحياة ، فهم بالنهاية بشر طاقاتهم لها حدود ، ويجب ان لا نطلب منهم أكثر مما قدموا من صمود وتضحيات يعجز الوصف عنها .

لقد نجح نتنياهو في الإفلات من أي التزام سياسي وأخلاقي على إمتداد الشهور الماضية ، واستمر ومن معه في مشروعهم التلمودي الذي يسعى إلى إنشاء دولة يهودية لليهود فقط على كامل الأرض الفلسطينية ، في ظل دعم عالمي واسع كما أشرت رغم كل المواقف المعلنة دون فعل يذكر على الأرض لصالح الفلسطينيين حتى على مستوى الحياة الكريمة الآمنة .

لقد سعت إسرائيل منذ اليوم الأول للحرب إلى توسيعها وتحويلها إلى حرب إقليمية تختلط فيها الأوراق وتتناقض فيها المواقف حتى تستكمل جريمتها في غزة وتبعد عن فعلها هناك الأنظار وقد نجحت في هذا ولو بمساحة غير واسعة حتى اليوم ، ولكن من يضمن أن لا يتعمق هذا النجاح وتنفلت الأمور في المنطقة وتتحول الشرارة إلى حريق كبير يأتي على الاستقرار فيها ، وهنا تدفع فلسطين الثمن وتدخل قضيتها في مجال التهميش والتجاهل بحجة الأولويات وتكون إسرائيل ساعتها قد حققت هدفها ، لذا من الواحب اليوم على كل الأطراف في هذا الجزء من العالم ألا تنجر وراء الاستفزازات الإسرائيلية حتى لا تكون ولو بشكل غير مباشر وغير مقصود شريكة في إنفاذ الخطة الإسرائيلية الهادفة إلى العبث في أولوية القضية الفلسطينبة وضرورة أن تبقى هذه القضية مقدمة على كل الأولويات لأنها بؤرة الصراع وهي كذلك بؤرة الاستقرار عندما تصل إلى نقطة الحل ..

لا بد من الإشارة إلى وجوب أن تتخلى الدول عن طموحها أو أطماعها في تحقيق مكاسب سياسية نتيجة الحرب على غزة كاإيران مثلا حتى تغلق الباب امام المظلومية الإسرائيلية المزعومة انها مستهدفة من الجميع في المنطقة حتى تظل فلسطين تحت دائرة الضوء ولا تستفيد إسرئيل من أي نزاع مفتعل في وتسترد ما خسرته من تعطف عالمي مهما كان صغيرا..

مصلحة إسرائيل أن يعتاد العالم على حرب غزة كحدث عادي لا يتعدى ذكره إلا في خبر ثانوي معتاد في الإعلام حتى تستمر باستنزف الحياة فيها دون إهتمام من أحد وأن تكون حربها هناك معتاد عليه الجميع من باب اليأس في الوصول إلى حل ، وهذا أخطر شيء على الفلسطينيين حيث سيتعمق فقدانهم لكل مقومات الحياة والأمل .

من أجل ذلك كله من اللزوم العمل والسعي بكل قوة وبكل الامكانيات لتظل الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية في بؤرة الاهتمام الدولي.. وعدم الانجرار خلف أي أزمات مفتعلة للوقوع في الفخ الإسرائيلي.

مواضيع قد تهمك