الأخبار

خلدون ذيب النعيمي : قوة الردع بمفهومها الوطني ما بين التلويح بالعصا واستعمالها

خلدون ذيب النعيمي : قوة الردع بمفهومها الوطني ما بين التلويح بالعصا واستعمالها
أخبارنا :  

يذكر متابعو مسلسل «باب الحارة» ان عربة الفول المتجولة كانت القاسم المشترك كضحية رئيسية في مشاجرات القبضايات في هذا المسلسل، فما ان ترتفع الاصوات المهددة المتبادلة وتلف الكوفيات على الايدي التي تشهر الخناجر ايذاناً ببدء المشاجرة حتى تكون عرباية الفول التي يتصادف « عادة في السيناريو « وجودها في الموقع هي الضحية الاولى التي يتم قلبها من قبل اطراف المشاجرة، وتتناثر حبات الفول على الارض ليأتي بعدها عضوات الحارة وأكابرها و « يلملموا « الموضوع وتنتهي المشاجرة، ولكن يبقى التساؤل بالبال لحظتها في ذهن المشاهد ماذا بالنسبة لصاحب عربة الفول المسكين هل تم تعويضه عن خسائره من قبل زعيم الحارة واطراف المشاجرة او تم نسيان موضوع خسائره على مذبح «الصلحة وتبويس الشوارب « بين المتشاجرين..!؟، يبدو ان مخرج المسلسل الراحل بسام الملا لم يهتم بذلك بالنظر لوجود حيثيات اهم بمسلسله تطغى على خاطر صاحب عربة الفول المسكين المعثر فتم اهمال موضوعه من مبدأ المثل الشعبي « الحيط الواطي يعلم الاخرين القفز عليه «.

ولأن الحياة بعامها وخاصها يراها الكثيرون بمثابة مسلسل يحدد الممثلون فيها افراداً او جماعات او حتى دول ادوارهم بالنظر للمكانة التي ارتضاها كل لنفسه على خشبة مسرحها وبالتالي فلا يلومن احد الدور الذي ارتضاه لنفسه، فالحياة بظروفها واشخاصها ودولها لا ترحم الضعيف الذي ارتضى ان يكون الحيط الواطي الذي يتقافز عليه الاخرون، فكأن المبدأ الشامل الذي حدده الله تعالى لعباده من خلال قوله « وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم «، وكان هنا كما تشير الآية الكريمة تهيئة الذات وتقويتها كمدعاة هنا لعزة النفس في وجه من يتربص بنا جهراً وسراً وهم هنا كما تذكر هذه الآية الذين يعلمهم الله تعالى ونجهلهم لسبب او لاخر والذين يكونون بالعادة اشد خطراً من الجهريين بعداوتهم كما ابرزت تجارب الحياة.

قوة الردع بمفهومها الاستراتيجي والعسكري العام هو امتلاك القوة المختلفة من اجل احساس العدو بمغبة القيام باي نشاط معادي من قبله، وبالتالي يقع هذا العدو تحت رحمة الخوف من ردة فعل الجهة التي تمتلك قوة الردع والتي قد لا تكون بالمناسبة عسكرية بل قوة اقتصادية او مكانة سياسية على المسرح العالمي، وهو الشيء الذي لا يخفى على احد ان دولة الاحتلال الاسرائيلي امتلكته في المستوى الاقليمي بالنظر لتسليحها الدائم من قبل القوى الغربية و قوتها الاقتصادية بالنظر لحجمها وعدد سكانها وايضاً الدعم الغربي السياسي الغربي وبالذات الامريكي الذي وفر لها كل ذلك مواصلة عدوانها في الساحة الاقليمية بكل اريحية، على الرغم هنا من الهزة العنيفة التي تعرض لها مكانة الردع الاسرائيلية بعد طوفان الاقصى الذي جرى في 7 تشرين الاول الماضي طبعاً اذا استبعدنا هنا الة القتل والابادة ضد الاطفال والنساء في غزة التي دأبت دولة الاحتلال على مدى تاريخها ابرازها كقوة ردع نفسية ضد المدنيين.

ما جرى ليلة 14 نيسان الجاري سيكون له اثره بلا شك على خارطة الردع الاقليمية وهو الشيء الذي سيرزه القادم من الايام والاحداث، اما على المستوى المحلي فإن عبور المسيرات والصواريخ الايرانية سماء البلاد كانت بمثابة اختبار للمستوى العام والذي وان برز هنا التكاتف الشعبي المعهود مع اجهزة الدولة ومنطلقه هنا صون امن الاردن وحماية مقدراته ولكن برزت التحليلات المشككة والعبثية من البعض بل وصولا لتناقل الاخبار من غير مصادرها الرسمية في حين اعلام الدولة المعني بالامر متابع لكل جديد حصل او قد يحصل من اجل استباق أي تحليل عفوي او مقصود قد يكون له انعكاساته السلبية في الواقع المحلي بشكل مباشر، وفي الوقت ايضاً الذي قامت به الاجهزة العسكرية في الدفاع الجوي وسلاح الجو بواجبهم المقدس في حماية سماء الوطن بشكل متكامل يعزز ثقة الوطن وأبنائه في جيشهم الوطني الذي اكد انه المؤسسة الوطنية الاولى التي تتبوأ بحق على هذه الثقة.

وبالمجمل اثبت تاريخ الاردن وتجاربه المختلفة ان قوة الردع الاساسية هي تحصين الجبهة الداخلية والتي اساسها الثقة والتفاهم بين القيادة والشعب ومكانة الجيش لدى حاضنته الشعبية التي عززتها مسيرته في حماية حدود وسماء الوطن وبنائه، وهذا المفهوم بالردع المحلي هو بمثابة العصا والتلويح بها في نفس الوقت بوجه من يضمر الشر لهذا الحمى.

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك