الأخبار

سليم ايوب قونة : «اليوم التالي» صار يومين..!!

سليم ايوب قونة : «اليوم التالي» صار يومين..!!
أخبارنا :  

عندما عصر رئيس الحكومة الاسرائيلية «نتنياهو» أفكاره غداة هزة » طوفان الاقصى» في 7 اكتوبر الماضي، اختار من حقل اعلامه المتحذلق عبارة ملفتة على الطريقة الهولوودية هي» اليوم التالي»، لتكون عنوانا لحملة جيشه المحتّمة في غزة، ويختم بها «نصره المؤزر"!

لكن حتى الان تكرر هذا اليوم أكثر من 190 مرّة، دون ان يعرف حتى صاحب المقولة نفسه متى سيتوقف العد! المفارقة هي ان هذا «اليوم التالي» المأمول لغزة، قد ولد له لاحقا توأم، لكن في مكان اخر وفي ظروف مغايرة!.

"فاليوم التالي» الاول المنشود لغزة على الايقاع «الليكودي» المتطرف قصد به ان تدار شؤون غزة اليومية، على غرار التجربة المستمرة في الضفة الغربية والجولان المحتلين منذ عقود. لكن أول وأهم العوائق التي واجهت اقتراب هذا اليوم، كان وما يزال، الفشل في العثور على اي جهة تنطبق عليها المواصفات والشروط المطلوبة لهذه المهمة «التاريخية» المحفوفة بالمخاطر والغموض.

مع ذلك بدأت فصول هذه الحرب المجنونة ضد غزة بملاحقة عناصر المقاومة، مرورا بتدمير المستشفيات والجامعات والمدارس ومنشأت البنية التحتية، وانتهاء بكل شىء له علاقة ببقاء الانسان على قيد الحياة كالماء والطعام والطاقة. وها هي الاشهر الستة تمضي دامية دون انجاز ملموس لاسرائيل، معنويا او استراتيجيا، من منظور ميزان القوى بين الطرفين.

فلو استعرضنا على عجالة الاخفاقات الاسرائيلية المتتالية في الحملة العسكرية القاسية على غزة وشعبها، لتبيّن ان هذه الحملة واخفاقاتها الكارثية قد أدت، داخل المجتمع الاسرائيلي ذاته، الى معضلة لا تقل تعقيدا وخطورة عن صدمة السابع من اكتوبر الماضي. وهو الامر الذي غفل عنه مخططو الحملة في لحظة الغضب الاولى والاندفاع المتهور لممارسة أبشع انواع الانتقام الاعمى.

في هذا الاتجاه، حتى الولايات المتحدة بإدارة «بايدن» لم تتمكن من العد للعشرة، قبل أن تقفز نحو الخندق الاسرائيلي، كشريك استراتيجي بكل امكاناته العسكرية والمالية والدبلوماسية لمساعدة حكومة «نتنياهو» على الوصول بأقصى سرعة «ليومه التالي» في غزة.

خلال الاشهر الستة الماضية من الحرب المفتوحة ضد غزة وشعبها، تلقت حكومة إسرائيل ضربات وصفعات كثيرة ومن أكثر من جهة. بعضها خارجي كالدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا ضدها امام محكمة العدل الدولية، وقرارات مجلس الامن الدولي المدينة لمسلك اسرائيل، تعطل الملاحة من والى ميناء ايلات المطل على البحر الاحمر، المناوشات العسكرية المحسوبة بدقة على الجبهة الشمالية مع لبنان، المظاهرات الحاشدة في كل القارات المنددة بالحرب الاسرائيلية في غزة، انعكاسات جرائم حرب اسرائيل المتكررة ضد ممثلي وسائل الاعلام وموظفي هيئات الاغاثة الانسانية الدولية والاطقم الطبية.

يضاف الى كل هذا اختلاف وجهتي نظر حكومة نتنياهو وادارة «بايدن» حول بعض التفاصيل «الفنية» وفي مقدمتها سيناريو» اليوم التالي» في غزة، وتوسيع رقعة الحرب التي تشي كل تصرفات نيتنياهو انه يسعى اليه لاسباب لا تخفى على أحد، وبالتالي جر الحليف الاكبر الى صراعات متشعبة، هنا وهناك، هو في غنى عنها.

على الساحة الداخلية في اسرائيل لا تقل الصورة قتامة، ان لم تكن أسوأ بدرجات: فالاقتصاد شبه مشلول، والمستوطنات في الشمال والجنوب دانت للاشباح، والهجرة المعاكسة مضطردة، والانقسام السياسي والايدولوجي متفاقم، والمظاهرات الصاخبة المناوئة لحكومة نيتنياهو لا تتوقف، والاشتباكات بين الفلسطينيين والمستوطنين في ارجاء الضفة الغربية في تصاعد. وكذلك الامر فيما يتعلق بموعد الانتخابات أو استعادة الاسرى أو «نصف الحرب» على الجبهة الشمالية.

بعد نصف عام بشع، تجد حكومة نتنياهو نفسها في مواجهة أزمتين مستعصيتين في أن واحد: واحدة في غزة، والثانية في تل ابيب. المفارقة التي باتت تهدد استقرار المنطقة كلها، هي رفض هذه الحكومة الاعتراف بان تفكيك الازمة الداخلية غير ممكن، ما لم يتم ايجاد مخرج من رمال غزة المتحركة!.

مواضيع قد تهمك