الأخبار

سارة طالب السهيل : «التراث الشعبي الأردني».. جهد عملي يحفظ هوية الوطن (1-2)

سارة طالب السهيل : «التراث الشعبي الأردني».. جهد عملي يحفظ هوية الوطن (12)
أخبارنا :  

الحفاظ على تراثنا الشعبي وصونه للأجيال المتعاقبة، يشكل مرتكزاً أساسياً في الحفاظ على هويتنا الوطنية من الذوبان في الفضاء الكوني الفسيح الذي يفترس بقوة العادات والتقاليد للشعوب بـ"سرطان» فتاك لمن لم يحفظ تراثه.

وقد اعتمدت منظمة اليونسكو عام 2003 اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي واحترام الافراد والجماعات، وقد صادق الأردن على هذه الاتفاقية عام 2006 فتشكلت هيئة عليا للتراث الثقافي غير المادي، لتحديد إطار لبناء استراتيجية وطنية للنهوض بالتراث والمحافظة عليه واستدامته ضمن تشريع قانوني.

ولقد وعي الدكتور أحمد الزعبي هذه القضية مبكراً وعاش عمراً طويلاً في العمل عليها، فحمل على عاتقة رسالة وطنية عاش من أجل خدمتها والانتصار لها ـ وهي حفظ ذاكرة الوطن عبر حفظ التراث الاردني من الضياع، فبذل جهده العلمي والعملي في تحقيق هذا الهدف السامي عبر أكثر ثمانية كتب منها: اللهجة الحورانية, حكايات شعبية أردنية, الأغاني الشعبية

الأردنية, الحيوانات الأليفة والبرية في التراث الشعبي الأردني الألعاب الشعبية الأردنية، الطب الشعبي الأردني، الطعام الشعبي الأردني. وثيقة أُم قيس ورجالاتها. أحداث شعبية أُردنية، مناسبات شعبية أُردنية وغيرها.

وتأتي (موسوعة التراث الشعبي الأردني)، لتكلل جهود سنوات طويلة من العمل لصون التراث الأردني، وتوظيف خبراته الطويله فيه، والتي هي برأيي من أقدس الأعمال التي يهديها للوطن حفاظا على هويته وصونا لعاداته وتقاليده الاصيلة.

الجهد العلمي الذي استغرق سنوات طوال من الجمع والبحث والتدقيق وسهر الليالي لإنجاز هذه الموسوعة وتقديمه بطرق سهلة للجمهور المتلقي، والذي لا يستطيع القيام به سوي كبار الباحثين في المؤسسات المتخصصة، تصدي له الدكتور الزعبي بمفرده، إخلاصاً منه لهذا الوطن بالحفاظ علي مقدساته التراثية، وإيماناً منه بأهمية توثيق التراث الشعبي الأردني للأجيال القادمة بما يضمن المحافظة علي هويتهم الوطنية.

تزخر موسوعة د. الزعبي بكل معطيات التراث الشفوي الاردني، من أغانٍ،والصناعات والحرف اليدوية، واللهجة المحكية، وغيرها، وهي ثمار طرق جمع متعددة بدءا بوالده، ومقابلة كبار السن في الأردن، والتعاون مع المراكز الريادية للطلبة، وتغذت الموسوعة أيضاً بالكثير من المراجع والمصادر الموثقة ممن كتبوا عن التراث الأردني الشعبي من الكتاب والمؤرخين والجغرافيين والادباء وغيرهم.

الدقة العلمية ملمح ملحوظ في هذه الموسوعة، نرصدها بكل سهولة في الترتيب الأبجدي والتبويب من الألف إلى الياء، والتوثيق والدعم بالصور، مما جعلها عملاً علمياً متكاملاً.

تعكس الموسوعة صور الحياة الأردنية بكل تفاصيلها اليومية في البناء والتشييد والفلاحة والزراعة والصناعة والافراح والمناسبات الدينية الإسلامية والمسيحية، مواسم الأمطار وتتبع مسار النجوم لمعرفة بداية المواسم الطبيعية الأربعة، وما يترتب عليها من تغير شكل الحياة من الشتاء للربيع للصيف ثم الخريف.

تقدم الموسوعة للأجيال الجديدة، منظومة الاعراف المتبعة في الريف واختلافها عن المدن والبوادي، وخصوصية كل منطقة في المملكة الهاشمية في التعامل معه مفردات الحياة اليومية، وتنوع اساليب انماط التكسب بين الحرف والمهن التراثية وادوات كل مهنة.

تحضر المقدسات واضرحة الصحابة بقوة في هذه الموسوعة، كما تحتفي بالآثار الرومانية وقصورها وقصور العصر الأموي، والتاريخ في هذه الموسوعة يسجل حياة المرأة والطفل والرجال والعشائر.

قارئ الموسوعة يتمتع بالحياة الاردنية الشاملة السماء والأرض والبحر والمطر والنجوم والجبال والتلال والقلاع والطعام والشراب المتنوع الملابس بكل منطقة ومناسبتها وادوات الزينة والالعاب للكبار والصغار، الكتاتيب ومكونات المجتمع من شيخ قبيلة ومختار وميسورين ورعاة أغنام وفلاحين وصناع، والمرأة أدوارها المختلفة في المجتمع، الثأر وغيرها والمشروبات خاصة القهوة.

والجهد المبذول في هذه الموسوعة لا يكتفي بالجمع والتدقيق والتمحيص والترتيب لتراثنا الأردني فحسب، بل يمتد لنقده ما فيه سلبيات وتأييد ما حواه من قيم ايجابية علينا الحفاظ عليها والعمل بها، تعميقا لهويتنا وخصوصيتنا العربية الاردنية.

ــ الراي

مواضيع قد تهمك