الأخبار

د . محمد حيدر محيلان : العلم رمزية الانتماء ودلالة الهوية

د . محمد حيدر محيلان : العلم رمزية الانتماء ودلالة الهوية
أخبارنا :  

العلم او الراية، تلك القطعة من القماش ذات اللون الواحد او متعددة الالوان، ذات الرموز والاحرف والاشارات، التي تمثل رمزية الدولة، وتترجم هوية البلد القومية واصالة ابنائها، وتراثها وقيمها، عاداتها وتقاليدها. وتعبر عن استقلالها وسيادتها، وليس للبلدان وحسب انما كان الملوك والنبلاء وزعماء القبائل يتخذون اعلاما وبيارق تميزهم وتشير لهم، وكانت القبائل ايضا تتخذ اعلاما وبيارقا ورموزا واشارات ووسوما، تمثلهم وتحدد مناطقهم الجغرافية وحتى تميز انعامهم.
اتخذت الدول من قديم الزمان اعلاما تميزها وتترجم حالها وتشير لها اينما ارتفعت او رفرفت، فهي ترتفع فوق السفارات والسفن والمرافق العامة التي تتبع الدولة، واينما وجدت او لصقت او ارتفعت دل ذلك على انتماء او ملكية ذلك الشيء لتلك الدولة، فلا يجوز انتهاك حرمة العلم، ولا المرفق الذي يعتليه او المنطقة التي يرفرف فرقها، او المراكب والسفن التابعة لتلك البلد.
واتخذت الاردن كدولة مستقلة وذات سيادة وكيان جغرافي محدد علماً وراية تمثل عزة وسؤدد الوطن وقيادته واهله.
وبالتأمل في رمزية العلم الاردني الهاشمي، نجد انها امتدادا لراية الهاشميين وراية الرسول عليه السلام، الذي اتخذ رايتين بيضاء وتحمل جملة لا اله الا الله محمد رسول الله، وسوداء تسمى العقاب، كانتا ترفعان في السلم والحرب.
ثم تناوب الخلفاء الراشدون على رفع الرايتين البيضاء والسوداء، وكانت جيوش المسلمين تحمل الرايات البيضاء والسوداء والحمراء والخضراء. ومن ثم اتخذ الأمويين الراية البيضاء، والعباسيون الراية السوداء، والفاطميون الخضراء، ثم فيما بعد اتخذ الهاشميون في عصر السلطان سليم الاول اللون الاحمر الغامق لرايتهم.
ومع انطلاق الثورة العربية الكبرى اتخذت لها راية تتالف من مثلث احمر اللون عنابي وتلتصق فيه ثلاثة الوان افقية متوازية، الاسود اعلاها ثم الاخضر ثم الابيض، تترجم بذلك مجد وعزة العرب وتلتقي مع انفة الهاشميبن وسؤددهم.
تفرعت من راية الثورة العربية الكبرى رايات، المملكة العربية السورية، والمملكة العراقية، والمملكة الاردنية الهاشمية.
في حين تشكل علم المملكة الاردنية الهاشمية من الوان راية الثورة العربية الكبرى، إلا انه تم ابدال موضع اللون الابيض ليتوسط اللونين الاسود الذي يمثل راية الرسول عليه السلام، من اعلى، والاخضر الذي يمثل شعار ال البيت من اسفل، ثم كان اللون الاحمر على شكل مثلث تلتقي به الالوان الثلاث والذي يمثل راية الهاشميين، وتتوسط المثلث نجمة سباعية تشير للسبع المثاني في فاتحة الكتاب.
ثم هناك علم جلالة الملك، والراية الهاشمية، التي تم تسليمها للقيادة العامة للجيش العربي لتنظم لرايات واعلام الجيش العربي، التي طالما شكلت في جوهرها رسالة خالدة للأمتين العربية والاسلامية، وللأجيال الاردنية والعربية، وللإنسانية جمعاء، تمثل في جوهرُها رسائل المحبة والعدالة والوسطية والسلام، والدفاع والذود عن حمى امة العرب والاسلام بعزة وكبرياء.
ان العلم الذي هو رمز البلد، وهوية ابنائه، ليس قطعة قماش ملونة ترفرف في سمائه وفوق مرافق الدولة لتشير لهذا البلد وتعبر عن كيانه وجغرافيته، انما هو عزة وكبرياء وسيادة الدولة، واستقلالها وأنفتها وسموها، فلا يجوز تنكيسه ولا انزاله الا بقرار من رئيس الدولة، معبرا بذلك عن معان ودلالات، تترجم حزنا او أسفا لمصيبة او فقدان عزيز.
والعلم يبقى مرفوعا سامياً كجباه ابناء الوطن الذين ينضوون تحت رايته الخفاقة الشامخة، فلا يطاح به او ينزل ما دام جباه ابنائه وهامات جنوده مرفوعة عالية، وسواعدهم شديدة، واكفهم تقبض على سواري الرايات بعشق وفداء، وتذود عنه وعن الوطن الاعداء والغاشمات والنائبات بعزيمة وكبرياء.
وما دام ابناء الوطن يعتزون بعلمهم وينتصرون لبقائه مرفوعاً سامقاً، ويلتفون حوله لحمة ووحدة وائتلافاً، مادام لهم المنعة والقوة والمهابة، في عيون الاصدقاء والاعداء، فاحترام العلم والحفاظ على قدسيته، هو احترام الفرد لنفسه ولوطنه ولدولته.
فليبق علمك يا وطني مرفوعاً زاهياً أبياً. ولتبق جباه ابنائك شامخة سامقة للسماء، وليحفظ الله الاردن والاردنيين والقيادة الهاشمية بحفظه ولطفه، وبيوم العلم نقول عاش العلم الاردني زاهياً سامياً أهيبا... ــ الدستور

مواضيع قد تهمك