الأخبار

لما جمال العبسه : تحولات قطاع الطاقة العالمي.. شرقية لا غربية

لما جمال العبسه : تحولات قطاع الطاقة العالمي.. شرقية لا غربية
أخبارنا :  

منذ ما يقارب السبعة اشهر، اي مع بداية العدوان الصهيو امريكي الهمجي على قطاع غزة، زادت سوداوية المشهد الاقتصادي العالمي في ظل التوترات المتصاعدة على الصعيد العالمي، بدأت في شباط العام 2022 من خلال الضغط الغربي الذي أدى بالاتحاد الروسي للقيام بعملية عسكرية خاصة في اوكرانيا والتي تستمر حتى اللحظة، مرورا بحالة عدم الاستقرار في بعض دول الجزء الشمالي من القارة الافريقية والتي ارادت نزع عباءة الغرب عنها واخذ حريتها المطلقة اقتصاديا وسياسيا، والآن تأثيرات الحرب العنيفة على القطاع والتي نجم عنها تهديدات طالت مضيق باب المندب وتأثيره على حركة النقل العالمية والاسعار، وانتهاء باحداث منطقة الشرق الاوسط الاخيرة والرد الايراني على دولة الكيان الغاصب.
كل فعل سبق ذكره وردة الفعل عليه كان لابد ان تترك آثارا وخيمة على الاقتصاد العالمي برمته، وتتفاوت التأثيرات الاقتصادية القطرية كون ان هناك مستفيدين من الحروب وحالة الفوضى العارمة، لكن ما لا يختلف عليه اثنان ان هناك تأثيرات على المدى البعيد تختلف تماما عنها في المدى القصير والمتوسط، بمعنى ان من يستفيد الآن قد يكون الخاسر الاكبر مستقبلا، خاصة في تلك القطاعات الحيوية ذات الاعتماد العالمي عليها، كقطاع الطاقة.
تجاذبات هذا القطاع بدأت منذ العام 2022 عندما بدء حلف الناتو على رأسه امريكا بفرض عشرات الالاف من العقوبات على الاتحاد الروسي، -وللعلم هي مستمرة حتى الآن بهذا النهج الذي اثبت فشله-، لتصبح تكلفة الطاقة في الدول الغربية كابوسا تريد ان تصحو منه بأي لحظة كونه كان حافزا لامراض اقتصادية جمة خاصة على رأسها التضخم وتراجع حجم الاستثمارات وزيادة البطالة في الدول الاوروبية، كونها بدأت بتعويض احتياجاتها من الطاقة خاصة مادة الغاز من امريكا التي حققت مكاسب لا تتوقعها مع زيادة اشعال فتيل الحرب بين روسيا واوكرانيا.
على الطرف الاخر من العالم، نجد ان روسيا تمكنت من التفلت من تأثيرات هذه العقوبات على اقتصادها في العديد من المناحي من خلال تحالفات دولية جديدة او توسيع القائمة منها، وضبطها ضمن منظمة اوبك+ لعوامل العرض والطلب في سوق النفط العالمي حتى تصل الاسعار لمستويات عادلة.
اما في قطاع الغاز، فلم تتوقف موسكو عن الاستثمار فيه على الرغم من التفجيرات التي نالت بعض خطوط نقل الغاز الى الاتحاد الاوروبي، عدا عن خضوع الدول الغربية لقرارات العقوبات على روسيا والتوقف عن استيراده بكلف متواضعة اذا ما قورنت مع ما تكبدته موازناتها خلال العامين الماضيين.
اخر هذه الاستثمارات في قطاع الغاز والتي وبحسب صحف غربية تشكل قلقا امريكيا، خاصة مع تخلي العديد من دول العالم عن استخدام الفحم كمصدر للطاقة، فكان مشروع «اركتيك للغاز المسال-2» الذي يعتبر مشروعا استراتيجيا لروسيا ذلك انه من المتوقع ان ترسم الطلب العالمي المستقبلي على الغاز افاقا مبشرة لهذا المشروع الذي تواجهه حاليا محاولات عرقلة من خلال وابل العقوبات التي تفرضها واشنطن على الاقتصاد الروسي من ضمنها عرقلة وصول المشروع الى ناقلات الغاز المسال.
هذا المشروع سيساعد موسكو بزيادة انتاجها من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من ثلاثة اضعاف، ليواجة التوقعات بزيادة الطلب المستقبلي على الغاز، علما بانه الثاني بعد مشروع «يامال»، ففي خضم انشغال واشنطن بمراضاة مدللها الكيان الصهيوني كانت روسيا تعلن عن اطلاق الخط الاول من المشروع الجديد، ليكون واحدا من اصل ثلاثة خطوط تكنولوجية قدرة كل منها 6.6 مليون طن من الغاز المسال سنويا.
وبالطبع الآن روسيا وغيرها من الدول التي نفضت عنها غبار النظام احادي القطب، وبدأت تستمتع بمزايا النظام العالمي متعدد الاقطاب من خلال ابرامها لاتفاقيات خارج الاطر العالمية الاحادية المعمول بها حاليا، وتتجاوز العقوبات الغربية بحلول عملية، ستتحكم في وصول سعر الغاز لمستويات عادلة ستفرضها عاجلا ام اجلا على العالم، ولتنجح بتقرير مصيرها والاستفادة من ثروتها بالتوافق مع مصالح مجتمعاتها واقتصادها، فهنيئا لها. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك