الأخبار

د . بسام الساكت : (رسالة «صدام حسين» من العراق، ورسالة «إبراهيم رئيسي» من إيران)

د . بسام الساكت : (رسالة «صدام حسين» من العراق، ورسالة «إبراهيم رئيسي» من إيران)
أخبارنا :  

على خلفية صواريخ اطلقها الرئيس صدام حسين، التي وصلت تل ابيب، تم لقاء في جمعية الشؤون الدولية قبل غزو الحلفاء للعراق، ترأسه جلالة المرحوم الملك حسين، وأداره د.كامل ابو جابر، بحضور اعضاء الجمعية التي كان يرأسها د.عبد السلام المجالي. جرى في اللقاء مناقشات للموقف الأردني والإقليمي. واذكر أنني ممن تكلم، فذكرت التالي: لقد قطعت صواريخ صدام، والتي لم تكن تحمل رؤوسا نووية، فتجاوزت تضاريس وعبرت حدود وسهول وجبال، وسقطت على تل ابيب دون إصابات بالناس والبنية التحتيه هناك! وتلك كانت رسالة منطقية لإسرائيل وللغرب بأن الحد?د والجبال والاحتلال لاتضمن أمن إسرائيل. فلنتصور وضع اخطر، لو تمكّن فرد مُلِمٌ بالعلوم الفيزيائية بصنع قنبلة ذكية (Dirty Bomb) في داخل فلسطين المحتلة او من الخارج من جنوب لبنان او من جنوب سوريا والأردن، وألقيت على تجمع سكاني، فالمحصلة كارثية تثير العالم. لذا فإن على ساسة إسرائيل ان تدرك انه مايعطيها أمناً، ليس الحدود والجبال، ولا الدعم الخارجي، بل إنهاء الاحتلال والتصالح مع الفلسطينيين.

لقد دفع حديثي المرحوم الملك الحسين، إلى إشعال سيجارة، فعلَّق وأثار نقاشاً ذكيا. كان صواريخ صدام حدثٌ سياسي، ورسالة، أثّرت وتفاعل الاقليم والعالم معها. لقد انعش ذاكرتي بذلك اللقاء، اليوم،"رسالة صواريخ ايران» قبل يومين، على إسرائيل!! هي صواريخ عبرت الحدود والأجواء ولم تحدث أضرارا بشرية او مادية (وفق ما نشر). لست عسكري، ولا ممتهن السياسة، بل ممن يحاول تفعيل العقل بالأحداث. لقد كان مفعول الصواريخ الأخيرة، كرسالة صدام، لكن على نطاق اكبر، تفتح الاعين على اخطار قادمة أكبر، إن استمر الاحتلال!؟

قيل من البعض ان ايران، وفق ما تمّ، قد إنكشف عنها أمراً يثير الشك، كون الصواريخ لم تحدث أضرارا ملموسة على"المحتل»، ولم تكن تحمل رؤوساً نووية. فكانت كسابقتها من صدام؛ وقيل أنها مسرحية مفتعلة، قد تصل الى اتهامها بتنسيق مع حلفاء إسرائيل في الغرب كبوابة لاعادة التفاوض حول الاتفاق النووي الاميركي الإيراني، وتقاسم النفوذ! وقيل ان نتانياهو يريد بحملته العسكرية مسارب هروب وطوق نجاة وإبعاداً عن الاهتمام بغزة؛ وقيل كذلك، إن إسرائيل خسَّرَت سياحيا وماليا! لكننا نعرف. فجيوب الداعمين تعوِّضها: بالسلاح والمال.

نعم تلك تحليلات محتملة، لكن من باب آخر، كانت الصواريخ الإيرانية بمثابة رسائل أشعرت إسرائيل بمحصلة، كسابقتها من صواريخ صدام، هزّت وتهز مفاهيم امن إسرائيل المستقبلي! فهي الرسالة الثانية تأريخيا التي تخترق مفاهيم الامن عند إسرائيل. إنه مؤلم حقاً، انه قد تبع رسالة صدام الاولى، احداث وزلزلة، واحتلال لبغداد، وتفتت الحوكمة والولاية في العراق. لكن حصادها كان حلواً عند إسرائيل! فالحذر مطلوب منّا خاصة وان الحكومة الاسرائيلية مأزومة وقد يراودها توسيع الحرب إلى اخرى إقليمية شرسة بها مكاسب أخرى: من احتلال أراضٍ جديدة ف? سوريا وجنوب لبنان؛ وإلهاء عّما تبتلعه من اراضي غزة وما فيها من مصادر الطاقة والغاز والماء والشواطئ. ناهيك عن المزيد من التشريد والقتل وزعزعة الاستقرار في المنطقة، التي نحن منها!.

قد يقال ان الاحداث الأخيرة مفتعلة بحيث يلتقي الأضداد والخصوم (اميركا وايران، وغيرهم) حول مصالحهم! بحيث تحلِّلُ أميركا ما يحرِّمه العرب من إبقاء نفوذ ايران في العراق وأكثر؛ ويخفف عن الرئيس الاميركي بايدن، الضغوط المحلية الانتخابية، التي جرَّتْها احداث غزه، ونزيف السلاح والمال والسمعة الأخلاقية، عند الشباب والناخبين في الشارع الاميركي والأوروبي وعند حلفائه المُكرَهِين، في أوروبا والعالم العربي. كما وارى انه ربما تخدم الاحداث هذه الرئيس بايدن- إن صدقت النوايا- بإشعار إسرائيل، والتي هي الان، أكثر من اي وقت مضى? في امس الحاجة لاميركا للدفاع عنها، بفعل مقاومة اهل غزة وصواريخ ايران التي وصلتها- بأن الوقت حان لإسرائيل أن تسمع لنداءات من اميركا ومن بعض الأوروبيّين، ونداء الأردن المتواصل، بوقف القتال في غزة، وبحلٍ ممكنٍ عادل للفلسطينيين!.

الكبار يتصارعون على ساحات وخدمة مصالحهم، وعلى حساب غيرهم. وقد يكون من بين الحصاد لمنطقتنا، ان تدرك إسرائيل ان لا مستقبل لها، إن استمرّت سياستها واحتلالها وتعاليها، وهضمها حقوق الفلسطينيين؛ بل قد يدرك ساستها الحقيقة: بأن العالم يتغير ولا استمرارية لدعم خارجي، الى الأبد.

والجدير بنا أن «نقف أكثر معاً»، «ونعي ونتفهم أكثر»، كيف تخلط إسرائيل السُّمَّ بالعسل، فيخرج علينا إعلامهم يتحدث عن مواقف الاردن، فيفبرك أخبارا عن إهتمامهم بأمن الأردن، في حين أن هدفهم الحقيقي تسميم المواقف من الأردن، حين يحاول أن يدافع، ويحمي أجواءه وأمنه الوطني! لم تعد تخفى علينا الفتن والدسائس الدولية، فلسنا جهلة، بل واعون لها. أدعو الله جلّت قدرته ان يحفظ الأردن الذي يذود بشجاعة عن حِماه وأمنه، وان ينصرنا وينصر إخوتنا في فلسطين. لقد نجح بلدنا أن يكون قدوةً للشعوب العربية بالوقوف بشجاعة مع أهلنا في غزة، ?بالتواصل مع العالمين، والذي بذكاء وشجاعة يقود السفينة بأمان في أجواء وأمواج سياسية متلاطمة . ــ الراي

مواضيع قد تهمك