الأخبار

د . عدلي قندح : التسهيلات الائتمانية (2).. تحولات وانعكاسات..!!

د . عدلي قندح : التسهيلات الائتمانية (2).. تحولات وانعكاسات..!!
أخبارنا :  

بيَّن التحليلُ في المقال السابق في هذه الزاوية توزيع التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك في الاردن حسب المحافظة والقطاع الاقتصادي أن محافظة العاصمة عمان تستحوذ على 80.9% من مجمل التسهيلات الائتمانية وهذه نسبة كبيرة جداً وإن كانت متوقعة، أما تركز التسهيلات (66.4%) في أربع قطاعات رئيسية (الانشاءات، الخدمات والمرافق العامة، التجارة العامة، الصناعة) فهو أمر مفهوم أيضاَ، فهذه القطاعات متشابكة مع عشرات القطاعات الاخرى وهذا أمر صحي وينعكس على باقي مكونات الاقتصاد الكلي. وتجدر الاشارة الى أنه وفقا لبيانات عام 2022، 60.5% من مجمل التسهيلات الائتمانية مقدمة من أكبر 6 بنوك من اصل 20 بنكا عاملا في المملكة، مقارنة مع 58.3% عام 2018، كما قدمت أكبر ثلاثة بنوك حوالي 38.7% من مجمل التسهيلات الائتمانية عام 2022 مقارنة مع 41.8% عام 2018. وهذا مؤشر على تحسن في مسألة التركز في العمل الائتماني في القطاع. دعونا نأخذ التحليل وجهة أخرى.

خلال جائحة كورونا، تضرر الاقتصاد الأردني بشكل كبير، وخاصة قطاع السياحة، الذي تراجع بنسبة 76% خلال عام 2020، وما لبث أن استعاد عافيته في السنوات اللاحقة وحتى الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول 2023. وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأردني قد عانى بدرجة أقل من بلدان الشرق الأوسط الأخرى، الأ أن الصعوبات الاقتصادية انعكست بشكل واضح على معدلات البطالة التي استمرت في الارتفاع، لتصل إلى 25% في عام 2021–وهو أعلى مستوى منذ أكثر من 25 عامًا، بزيادة 6 نقاط مئوية عما كانت عليه في عام 2019، وضعف النسبة في عام 2011. وبالرغم من انخفاض معدل البطالة الى 21.4% في الربع الرابع عام 2023 ألا أنها لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا، لا سيما بالنسبة للشباب والنساء وحاملي الشهادات الجامعية. ولمعالجة هذه المعضلة، تم تبني رؤية للتحديث الاقتصادي 2022-2033 هدفت الى خلق مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر القادمة. والسؤال الذي يطرح هو «كم فرصة عمل خلقت التسهيلات الائتمانية التي قدمتها البنوك لمختلف القطاعات الاقتصادية خلال السنوات 2022 و2023 والربع الأول من عام 2024؟!»

وفيما يتعلق بأداء القطاع المصرفي، فقد ظل قوياً وتم تجنب حدوث أزمة ائتمانية جراء تداعيات الجائحة، ويعزى ذلك إلى مزيج من دعم السياسات النقدية التي اتبعها البنك المركزي، ومن أبرزها: أولاً، ضخ السيولة عن طريق تخفيض نسبة الاحتياطي النقدي الالزامي من 7% الى 5% حيث وفرت هذه الاداة سيولة مباشرة للبنوك بقيمة 550 مليون دينار، وتوفير البنك المركزي لبرنامجين للاقراض بشروط ميسرة تجاوزت قيمتهما 2.3 مليار دينار تم استغلال جزء كبير منهما خلال السنوات القليلة الماضية من قبل أكثر عشرة قطاعات محركة للنمو في الاردن ومن قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة. ثانياً، إعادة جدولة القروض نتيجة توقف الاعمال وشح التدفقات النقدية. ثالثاً، تقديم ضمانات إضافية للشركات الصغيرة والمتوسطة عن طريق شركة ضمان القروض. ورابعاً، الطلب الائتماني القوي من الشركات الكبيرة. وكانت نتيجة ذلك أن نما الائتمان المصرفي بشكل مطرد وانعكس بالايجاب على ربحية القطاع المصرفي. وكان الطلب على الائتمان متزايداً بشكل رئيسي لأغراض إعادة جدولة القروض ودعم رأس المال العامل.

هذه السياساتجنبت حدوث تدهور كبير في جودة الائتمان، حيث لم تتجاوز نسبة القروض المتعثرة في القطاع المصرفي الأردني 5.5%، وهي نسبة بعيدة كثيرا على الخطوط الحمراء والتي يقدرها الخبراء بحوالي 10%. وبذلك ظلت جودة الائتمان بين المقترضين من الشركات الكبيرة والشركات الصغيرة والمتوسطة تحت السيطرة وبشكل مطمئن جداً. وتجدر الاشارة الى أنه وبشكل عام تعد جودة محفظة الشركات الصغيرة والمتوسطة أقل منها في محفظة الشركات الكبيرة كما أن هناك تباين بسيط بين البنوك لصالح البنوك الكبيرة.

علاوة على ذلك، شهدت السنوات التي تلت جائحة كورونا تغييراً جذرياً في هيكل الجهاز المصرفي، فقد حصلت عدة حالات اندماج واستحواذ بين البنوك، مما قلص عدد البنوك العاملة في المملكة من 25 بنك عام 2018إلى 20 بنك عام 2024 بعد عمليات الاستحواذ التي حصلت في السنوات القليلة الماضية،موزعين على النحو التالي: 15 بنكاً أردنياً و5 بنوك غير أردنية؛ منها 4 بنوك إسلامية و16 بنكًا تجارياً. وعلى أثر ذلك، دخلت 4 بنوك اردنية ضمن لائحة أكبر 1000 بنك في العالم. كما وحصل تحول في العديد من مجالات الخدمات المصرفية، بما في ذلك الأنشطة التشغيلية، مع دفعة قوية نحو المزيد من التحول الرقمي الملحوظ على كافة الاصعدة، وخاصة بانتشار ظاهرة فروع البنوك الرقمية بالكامل. ــ الراي

مواضيع قد تهمك