الدوحة - عوني الداوود

قال عميد جامعة جورجتاون الدوحة الدكتور صفوان المصري، إن على الاردن التوجه نحو التعليم المهني والتقني، كسبيل لمواجهة البطالة، ناصحا الطلبة والآباء لتوجيه أبنائهم نحو تخصصات الحاضر والمستقبل، مؤكدا أن سوق العمل بحاجة لخريجي التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي، وغيرها من التخصصات، داعيا الشباب والشابات لنبذ « ثقافة العيب « منوّها بأن العيب هو «تكليف الآباء مبالغ طائلة لتدريس أبنائهم تخصصات تجلسهم في البيت « !

وفي معرض اجاباته على أسئلة لـ«الدستور» على هامش انطلاق سلسلة مؤتمرات «حوارات « التي أطلقتها جامعة جورجتاون في قطر مؤخرا قال الدكتور المصري، إن جامعة جورجتاون في قطر ومن خلال تنظيمها لهذه السلسلة من الحوارات انما تسعى لتكون مسرحا لحوارات المواضيع المهمة عالميا واقليميا ومحليا، منوها بأن «حوارات» مختلف تماما عن المؤتمرات الاكاديمية المعتادة، فقد خلق مجالا للحديث من خلال مشاركة اختصاصيين ومعنيين من مختلف الجهات والتخصصات، وخلق مجالا للحديث وتبادل الآراء.

وكانت جامعة جورجتاون في قطر قد افتتحت المؤتمر الأول ضمن سلسلة مؤتمرات «حوارات» الذي يقدم فرصة لطرح وجهات نظر جديدة حول تداعيات غزو العراق عام 2003 وتقديم المسارات المحتملة لمستقبل البلاد، بمشاركة نخبة مرموقة من كبار المسؤولين والوزراء والسفراء والدبلوماسيين.

وقد ناقش مؤتمر «غزو العراق: تأملات إقليمية» الذي أقيم بمناسبة مرور عشرين سنة من غزو العراق الحلول والمبادرات المشتركة لمواجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية العميقة للصراع على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، حيث أقيم المؤتمر برئاسة الدكتور صفوان المصري، عميد جامعة جورجتاون في قطر، بالتعاون مع مركز الدراسات الدولية والإقليمية، وبمشاركة عدد كبير من المعنيين بالشأن العراقي من القادة المؤثرين في تشكيل الرأي العام في العراق والباحثين الدوليين والصحفيين والجمهور العام، وألقى الدكتور برهم صالح، الرئيس السابق لجمهورية العراق، الكلمة الرئيسية في ذلك المؤتمر.

وعن سبب اختيار « غزو العراق : تأملات اقليمية « كنعوان لانطلاق سلسلة مؤتمرات « حوارات « قال الدكتور صفوان المصري أن 20 عاما مرت على غزو العراق تستحق البحث والتأمل، وقد اخترنا غزو العراق عنوانا لسلسلة حواراتنا الاول لأهمية وآثار الحدث على العراق والمنطقة والعالم.

وقال إن سلسلة من « حوارات « سوف تتواصل، فهناك سلسلة حوارات قادمة حول الاسلامفوبيا وآخر حول الأمن المائي بمنطقة الخليج العربي، و مؤتمر حول أفغانستان وآخر حول ثقافة الطاقة.. وهكذا.

وعن تأملاته الخاصة حول هذا الحدث قال د. المصري إنه شخصيا كان ولا زال ضد الحرب على العراق و قد أثبت الواقع بعد 20 عاما أن الحرب كانت خطأ ذريعا، وأن ما سمي بالتحرير كان تدميرا للبنية التحتية والمؤسسات وتفكيكا للمجتمع ومكوناته، و خسائر فادحة دفعها العراق والشعب العراقي جرّاء غزو العراق عام 2003، ذلك الغزو الذي يقول الدكتور المصري أنه استند الى أكاذيب ليس لها علاقة بالديمقراطية.

وفي ما يلي تفاصيل الحوار مع عميد جامعة جورجتاون في قطر الدكتور صفوان المصري الذي بدأ حديثه بالافصاح عن سعادته بوجود طلبة أردنيين يدرسون في جامعة جورجتاون في قطر من بين طلبة وطالبات من نحو 70 دولة، مؤكدا أن هذه الجامعة العريقة تحضّر الطلبة للحياة وليس لمجرد المهنة فقط.

** بداية.. لماذا «حوارات» ؟

- في رده على سؤال لـ «الدستور» : لماذا حوارات ؟ قال الدكتور صفوان المصري لأننا نرى أهمية وضرورة مثل هذه الحوارات.. ولأننا نرى بأن جامعة بحجم جورجتاون في قطر وهي تركز على العلاقات الدبلوماسية شهادات البكالوريوس وشهادات الماجستير في العلاقات العالمية الدبلوماسية فان وجودنا في الدوحة يتطلب منا ان نكون مسرحا للنقاشات والحوارات في مواضيع مهمة تهم المجتمع العالمي والاقليمي والمحلي.

حوارات - يضيف الدكتور المصري - تختلف تماما عن المؤتمرات الاكاديمية الاعتيادية - رغم اهميتها-، والتي تطرح وتناقش خلالها أبحاثا قد تكون بعيدة عن المجتمع، لذلك فنحن هنا في حوارات نناقش قضايا مهمة يشارك بها اكاديميون وغير اكاديميين، والهدف أن تخلق هذه الحوارات مجالا للحديث والنقاشات التي تتناسب مع اهتمامات المجتمعات وبمشاركة مختلف الآراء.

كما أن وجود جامعة جورجتاون في قطر - يضيف د. المصري- يمثل فرصة لنا لتقديم خدمة من خلال حوارات للمجتمع وخدمة للعلم والتعليم ومن هنا انطلقنا بسلسلة الحوارات وكان خيارنا أن نبدأ سلسلة مؤتمرات «حوارات» عن العراق وتحت عنوان (غزو العراق : تأملات اقليمية) وبمناسبة مرور 20 عاما على غزو العراق.

- وحول سبب اختيار هذا العنوان ليكون بداية لـ «حوارات» قال عميد جورجتاون : موضوع العراق مهم جدا، وذكرى مرور 20 عاما على غزو العراق مهم مراجعته وفتح حوارات حوله هنا في الاقليم ذاته، ومرور 20 عاما على الغزو مدة زمنية ثرية بالملفات والنقاشات وتفتح مجالا للاطلاع على التاريخ للبحث والدراسة والمراجعة من جوانب متعددة، ورؤية أكثر وضوحا بعد عقدين من الزمان لتأثيرات هذا الغزو على العراق والمنطقة والعالم، والعلاقات الدبلوماسية والعلاقات الامريكية، ويتيح مجالا للحديث حول السياسة الامريكية في المنطقة.. هنا من هذا الاقليم ذاته وهذه أهمية حوارات لأن الموضوع لو نوقش خارج المنطقة فلن تكون أهميته بنفس المعني أو الأثر.

ويضيف د. المصري قائلا : في مؤتمر حوارات حول العراق نجحنا باستضافة خبراء من مناطق مختلفة من العالم وكان المتحدث الرئيس هو الرئيس العراقي السابق د. برهم صالح اضافة لمشاركة اعلامية متميزة من المنطقة وهذه المشاركة المتنوعة أثرت المؤتمر بجلساته المتعددة وخلقت جوا تفاعليا من النقاشات والحوارات.

* ماذا بعد المؤتمر ؟

- يجيب الدكتور صفوان المصري قائلا : « حوارات « كما ذكرت يختلف تماما عن المؤتمرات الأكاديمية المعتادة، فهو ليس مؤتمرا ينتظر توصيات معينة بل هو حوارات ونقاشات وتبادل وجهات نظر تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي، هي تبادل لوجهات النظر حول موضوعات هامة وتواصل في الافكار..بدأناها بموضوع (غزو العراق : تأملات اقليمية)، وستستمر حوارات بمؤتمر قادم آخر الشهر الحالي حول (الاسلامفوبيا)، ثم مؤتمر آخر حول (الأمن المائي في منطقة الخليج العربي) ، ومؤتمر عن (أفغانستان)..ثم (ثقافة الطاقة).. وهكذا، ونتوقع أن نستقبل ملاحظات وآراء ومقترحات لعناوين أخرى لسلسلة حوارات ندرسها بعناية ونقيمها وقد نأخذ بها، فالمجال مفتوح للآراء والمقترحات.

- وحول وجهة نظره الشخصية - بعيدا عن حوارات غزو العراق - وكيف ينظر الدكتور صفوان المصري الى ذلك الغزو يجيب :

أولا ما حصل لم يكن أبدا تحريرا للعراق، و هو العنوان الذي تم اطلاقه على عملية الغزو (تحرير العراق) فمن أنتم حتى تحرروننا أولا ؟ ولم يكن كذلك من أجل الديموقراطية، ثم ان ما حصل بني على أكاذيب، وكانت هناك أجندات تتعلق بمصالح امريكية وغربية، ولذلك فان ما حدث كان فشلا ذريعا وتدميرا للبنية التحتية وللمؤسسات في العراق..وشكل فشلا وقصر نظر للامريكان.

بالنسبة لي فقد كنت ولا زلت ضد غزو العراق وضد الحرب، وتأملاتي للمشهد اليوم تؤكد ما ذهبت اليه، وأنظر الى الخسائر الفادحة التي تعرّض لها الشعب العراقي في الارواح وفي البنية التحتية والآثار التي لا زالت تعاني منها العراق والدول المجاورة، أنظر الى الوضع الأمني في المنطقة وتأثيرات غزو العراق على أمن الاقليم، لذلك أكرر بأن غزو العراق كان خطأ فادحا.

العراق دولة عظيمة، تاريخ وحضارة، ويجب أن تنهض مما لحق بها من دمار وتخريب، وكثيرون شاركوا في نهبه وتخريبه، لكن يجب على العراق أن ينهض وأن يتطلع الى مستقبل أفضل فالعراق كدولة وكشعب لا يجوز أن تفشل أبدا.

جامعة جورجتاون :

- وعن جامعة جورجتاون التي يتولى الدكتور صفوان المصري عمادتها منذ اكتوبر / تشرين الأول 2022 يقول :

بعد أكثر من 30 عاما خبرة في جامعة كولومبيا في نيويورك واكاديمية الملكة رانيا في الأردن وغيرها من الخبرات جذبتني قطر باهتمامها الكبير في العلم والتعليم والثقافة والفن والرياضة بشكل رائع.. جذبتي المدينة التعليمية حيث يجاور فيها جامعة جورجتاون عدد من الجامعات العريقة كما جورجتاون و هي امتداد للجامعات الامريكية العريقة، اضافة الى جامعة حمد بن خليفة، وكلها جامعات جاذبة للطلاب من مختلف دول العالم.

انجذابي لجامعة جورجتاون في قطر جاء بسبب دورها الفريد في صدارة مؤسسات التعليم العالي في الشرق الأوسط، والتزامها بالصالح العام، وقيمها المتمثلة في «تنمية العقول واكتشاف الحقيقة والتفاعل مع العالم»، و كإحدى الجامعات البحثية الرائدة في العالم.

كما أن جامعة جورجتاون في قطر تقدم برنامجا جامعيا رائدا مدته أربع سنوات في الشؤون الدولية في الدوحة بدولة قطر، كما تقدم درجات ماجستير تنفيذي مصممة خصيصا وبرامج إثراء تعليمية لطلاب المدارس الثانوية.

في جامعة جورجتاون في قطر طلاب من 70 دولة ونقدم منحا دراسية، وأسعد بوجود طلاب اردنيين..ومنهم كانوا يدرسون في «كنغزأكاديمي».

وفلسفتنا في هذه الجامعة اننا نحضّر الطالب للحياة وليس لمجرد المهنة.

التعليم المهني :

- وردا على سؤال لـ «الدستور» عن رأيه كخبير أكاديمي وكعميد لجامعة عالمية عريقة ونصيحته للطلبة من خريجي التوجيهي في الأردن تحديدا.. الى أين يتجهون ؟ وما هي متطلبات سوق العمل ؟ يجيب د.المصري :

- في الاردن هناك «هوس» بالدرجة أو الشهادة الجامعية بعكس كثير من دول العالم المتقدمة، أنظر الى المانيا على سبيل المثال كواحدة من أهم دول العالم اقتصاديا فهناك «ثلث» السكان فقط لديهم شهادة جامعية، وفي الولايات المتحدة الامريكية «نصف السكان» جامعيون.. أما في الأردن فهناك مشكلة خصوصا لدى الآباء والأمهات اذا لم يكن لدى أبنائهم شهادة جامعية فهذه مأساة..حتى ولو(أخذ الشهادة وجلس في البيت) ! هناك مشكلة - يواصل الدكتور المصري - الأردن اليوم بحاجة للتعليم المهني والتقني..والاردن اليوم متقدم في التعليم المهني والتقني وهذا مطلوب جدا.. ولكن لا بد من التغلب على ثقافة العيب التي لا زالت تحول دون توجه الطلبة الى التخصصات المهنية والتقنية..لأن العيب الحقيقي أن « تكلف أهلك مصاريف وكلف تعليم تخصصات لم تعد مطلوبة فتقعد بلا عمل في البيت».

اضافة الى ذلك فهناك اليوم تخصصات جديدة مطلوبة كالتكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي.. وغيرها من التخصصات التي باتت مطلوبة في سوق العمل، وعلينا أن ندرك بأن هناك وظائف جديدة ستخلق خلال السنوات العشر المقبلة وستحتاج بالتأكيد الى تخصصات أخرى جديدة، فهل توقعنا مثلا خلال السنوات الماضية الدخول اليوم الى عالم الذكاء الاصطناعي؟.. لذلك من المهم جدا أن يكون الطالب ذكيا وأن يحسن الاختيار، كما على المعلم القيام بدوره من خلال تحضير الطالب للمستقبل وأن يكون قادرا على استيعاب ومواكبة الأفكار الخلاّقة.

ويختم الدكتور صفوان المصري عميد جامعة جورجتاون في قطر حديثه لـ «الدستور» بالتأكيد على أننا اذا أردنا مواجهة البطالة والتخفيف من نسبها في الأردن، فالحل هو التوجه نحو التخصصات المهنية والتقنية.

جـامـعـة جـورجـتـاون فـي قـطـر

- جامعة جورجتاون في قطر هي الحرم الجامعي في قطر لجامعة جورجتاون الذائعة الصيت عالميًا الموجودة في واشنطن العاصمة.

- تأسس الحرم الجامعي في واشنطن في عام 1789 وتأسس الحرم الجامعي في الدوحة في قطر في عام 2005 بالشراكة مع مؤسسة قطر.

- تقدم جامعة جورجتاون في قطر برنامجًا جامعيًا مدته أربع سنوات في الشؤون الدولية يمنح شهادة بكالوريوس العلوم في الشؤون الدولية .

- تعد جامعة جورجتاون طلابها لحياة مهنية في عدة مجالات دولية من الاعمال، من خلال التركيزعلى الدراسة متعددة التخصصات للشؤون الدولية.

- يُعد إكمال المنهج الأساسي متعدد التخصصات في أول عامين من الدراسة الطلاب للالتحاق بواحد من التخصصات الأربعة المقدمة وهي: الاقتصاد الدولي (IECO) ، والسياسة الدولية (IPOL) ، والثقافة والسياسة (CULP) والتاريخ الدولي (IHST).

- يقرر الطلاب التخصص في الفصل الدراسي في الخريف من عامهم الثاني، ثم يتابعون عادةً الفصول الدراسية للتخصص الرئيسي في العامين الثالث والرابع من الدراسة.

- في جميع التخصصات، يقوم الطلاب بتطويع برنامج دراستهم عن طريق اختيار الفصول في المجالات المتعلقة بمجالات اهتمامهم.

- لا يكمل الطلاب الفصول الرئيسية في الحرم الجامعي فحسب، بل تتاح لهم الفرصة لأخذ فصول جنبًا إلى جنب مع الطلاب في الولايات المتحدة أو الدراسة في الخارج في واحدة من أكثر من 100 جامعة.

البروفيسورصفوان المصري

عميد الجامعة

صفوان المصري هو عميد جامعة جورجتاون في قطر وأستاذ ممارس متميز في كلية والش للشؤون الدولية بجامعة جورجتاون.

قبل انضمامه إلى جامعة جورجتاون في أكتوبر 2022، شغل البروفيسور صفوان المصري منصب نائب الرئيس التنفيذي للمراكز العالمية والتنمية في جامعة كولومبيا، وباحثًا أول في كلية كولومبيا للشؤون الدولية والعامة.

وقبل ذلك، كان أستاذًا في كلية كولومبيا لإدارة الأعمال، حيث شغل أيضًا منصب نائب العميد.

درس الهندسة سابقًا في جامعة ستانفورد وكان أستاذًا زائرًا في INSEAD (المعهد الأوروبي لإدارة الشؤون) في فرنسا.

للعميد صفوان المصري مؤلفات من بينها كتاب تونس: فرادة عربية (2017).

وهو أيضا باحث في التعليم والجغرافيا السياسية المعاصرة في العالم العربي .

يركز عمله على فهم الديناميات التاريخية الأبعاد وحقبة ما بعد الاستعمار بين الدين والتعليم والمجتمع والسياسة.

وهو عضو مدى الحياة في مجلس العلاقات الخارجية وزميل فخري في جمعية السياسة الخارجية.

قاد العميد صفوان المصري تأسيس أكاديمية « كنغز أكاديمي « في الأردن، وأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين في الأردن.

وهو عضو في مجلس أمناء الكلية الدولية في بيروت.

ويشغل منصب مدير مؤسسة AMIDEAST وبرنامج إنديفور الأردن.

حصل العميد صفوان المصري على درجة الدكتوراة في الهندسة الصناعية والإدارة الهندسية من جامعة ستانفورد.

ــ الدستور