(ما بحرث البلاد إلا عجولها).. هكذا قالتها الدكتورة هبة الشمايلة بلهجة كركية جميلة، استحضرت فيها روح حابس المجالي وعلياء الضمور.

ليست المرة الأولى التي تسجل الدكتورة هبة في ذاكرتنا كلاما نقوله ونسمعه يوميا في المجالس، قالت مثله أمام جلالة الملك، وقالته قبل أيام أمام رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة.

كرك أهل الهيّة، كرك التاريخ والجغرافيا، في كل مناسبة تأبى الكرك إلا أن تكون ببناتها وابنائها مختلفة، قولا وفعلا، منذ فجر التاريخ حين اقتاد الأتراك بندر إلى السجن كانوا يعرفون أن المرأة الأردنية أكثر بأسا وهمة من كثير من الرجال.

وإلا ما الذي دعا دولة إسلامية إلى اعتقال مجموعة من نساء الكرك وإيداعهن في السجن.

هناك في السجن ولدت حابس، هل يا ترى لو ولد حابس في مستشفى غاية في الرقي، هل سيكون حابس «ما غيره» هو ذات القائد الكبير الذي أذاق الصهاينة أياما عصيبة ومرغ انوفهم بالتراب في معركة اللطرون وباب الواد؟.

(الكرك من وين ما جيتها كرك).. التاريخ والجغرافيا، كرك القلعة، كرك معاذ صافي الكساسبة، كرك سائد محمود المعايطة، الشهيدين الذين علمونا ان الشهادة خيار وان الوطن قبلة للاحرار وان الحب ليس له سوى بوصلة واحدة هي الوطن.

لله دركم يا (كركية) كل يوم تسجلون لنا موقفا كبيرا على مقاس القلعة، كل يوم تعطون لنا درسا تلو الاخر على ان ابناء وبنات الهيّة هم ذاتهم من ربوع شيحان الى الربة الى قرى الكرك جميعها، ذات النهج وذات العزيمة وذات الإصرار وذات العشق الذي عبرت عنه نشميات الاردن بالشعر، والاردنيون المرهفون حين يعبرون بالشعر، اعرف انهم وصلوا حد العشق، عبرت عنه الأردنيات والأردنيون بقولهم: (كتيبة قايدها حابس.. تقش الأخضر واليابس).

حالة عشق فريدة للأرض، اجدها عند كل ابناء الأردن، لكنها حالة فريدة متماهية مع روح جعفر الطيار أجدها فقط في الكرك.

من الشمال علمنا وصفي أن الوطن ليس شعارا، وليس قصيدة غزل، في الجنوب علمنا حابس أن شعار الجيش فوق كل الشعارات، وأن الفوتيك هو لباس الوطن وكأنه يؤكد مقولة النشمية الكركية حين رددت على مسامع الأردنيين بلهجة كركية جميلة (ما بحرث البلاد غير عجولها) وأتبعتها بجملة: (صحّ ولا لأ)؟. ــ الراي