د . محمد رسول الطراونة : اعتمادية المؤسسات الصحية.. ضرورة أم «إكسسوار»؟
لم أتردد الاسبوع الماضي في قبول الدعوة والمشاركة في احتفالية مجلس اعتماد المؤسسات الصحية بعيد ميلاده الخامس عشر، على الرغم من أنني ومنذ دخولي نادي المتقاعدين قبل ثلاثة أعوام كنت قد حددت نطاق نشاطي كمتقاعد نظريا وتطبيقا «بالجيمات» الثلاث، الجيم الاولى حيث أبدأ يومي من (الجامع) لأشحن نفسي بخير الكلام، كلام الله عز وجل، والجيم الثانية من (الجم)/ النادي الصحي، لأشحن جسدي بما يلزم من طاقة بعد أن أفنيته لثلاثين عاما (مقرمزا) في الوظيفة العامة، أما الجيم الثالثة فهي مع جماعة عمان لحوارات المستقبل حيث الحوار مع ثلة من الرجال الصادقين، قلوبهم وعيونهم على الوطن لا على مكاسبة، بين هذه الجيمات الثلاث قبلت دعوة المدير التنفيذي لمجلس اعتماد المؤسسات الصحية العزيزة سلمى الجاعوني لاسباب كثيرة لعل من أهمها، أنها اقنعتني يوما ما أن الجودة في القطاع الصحي تتكون من منظومة متكاملة والاعتماد جزء اساسي منها كعملية تقييم للمؤسسات الصحية من قبل جهة غير حكومية ومستقلة لضمان استيفاء مجموعة من المعايير المصممة في المؤسسة بهدف تحسين جودة الرعاية الصحية، ولان كلنا (أنا وهي وآخرون) مقتنعون بان الاعتماد من الأدوات المعترف بها عالميّاً التي أثبتت فعاليتها في تحسين نوعية الخدمات الصحيّة المقدمة للمواطنين بالاستناد الى معايير معترف بها دوليّاً، يتم تطبيقها في معظم دول العالم، وهو ما اظهرته رسالة مجلس اعتماد المؤسسات الصحيّة، كمؤسسة مستقلة غير حكومية وغير ربحية، تتمتع بحيادية و تعمل بشفافية، بعيدا عن تقييم مقدمي الخدمة الصحية، فالمجلس ومنذ ولادته يعتبر أنموذجا للشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، أثبت أنه من ركائز التطوير الدائم والمستمر للقطاع الصحيّ في الأردن، فهو الجهة الأولى والوحيدة في منطقة شرق المتوسّط، وواحد من ثلاثة عشر مجلس في العالم يتبع معايير الجمعية الدولية للجودة في الرعاية الصحية (الاسكوا)، وحاصل على شهادات الاعتماد الثلاث. لبيت الدعوة لعلمي بان القائمين على تنفيذ الاعتمادية في المجلس يؤمنون بأهمية إشراك جميع العاملين في القطاع الصحي في إجراءات تطوير الجودة وسلامة المرضى ليبقى الأردن دائماً في الطليعة في مجال الرعاية الصحية وتقديم الخدمات اللازمة للمرضى وعائلاتهم. الاعتماد، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، أهم نهج لتحسين نوعية الرعاية الصحية المقدمة، فهو ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحسين الجودة موجه لبناء المؤسسات الصحية على معايير واضحة وقابلة للقياس، تغطي الكثير من النواحي بالاستناد الى أسس ومبادئ تقديم الخدمات الصحية المتكاملة ذات الجودة، للمحافظة على سلامة المرضى، منها الملف الطبي وادارة الدواء وضبط العدوى والادارة الداعمة والموارد البشرية المتخصصة وحقوق المرضى وغيرها، الاعتمادية ضرورة ملحه لانها أداة لتحسين الجودة في المؤسسات الصحية الهدف منها هو تقييم هذة المؤسسات وتحفيزها للعمل على برامج التحسين.
اليوم أكثر من 240 مؤسسة صحية في المملكة حصلت على الاعتمادية، منها 25 مستشفى في القطاع العام و الخاص و 94 مركزا صحيا و20 وحدة تصوير ثدي شعاعي، وما زال المجلس مستمر في سعيه المتواصل إلى تحسين نوعية وسلامة مرافق وخدمات وبرامج الرعاية الصحية من خلال تطوير معايير مقبولة عالمياً، وبناء القدرات ومنح الاعتماد بالشراكة مع أصحاب المصلحة محلياً وإقليمياً، دون تدخل في تقييم أداء مقدمي الخدمات الصحية من الناحية الطبية والعلاجية.
الاعتمادية ضرورة وليست اكسسوار، لان العديد من الدراسات أظهرت أن مستوى رضى متلقي الخدمة كان مرتفعا لدى المستشفيات التي حصلت على الاعتمادية مقارنة بالمستشفيات التي لم تحصل عليها، و تجمع معظم المؤسسات الحاصلة على الاعتمادية على وجود فرق واضح في جودة خدماتها ورضى العاملين لديها ورضى مراجعيها بعد تطبيقها للمعايير التي وضعها المجلس حيث تحسنت العديد من مؤشرات الخدمات الصحية.
الاعتمادية ضرورة وليست اكسسوار، لانها تهدف الى تعزيز سلامة المرضى وتحسين جودة العمل وضمان بيئة امنة للمرضى والكوادر، تحسن الكفاءة والفعالية، تقلل من المخاطر التي قد يتعرض لها المرضى والكادر، توفر ميزة تنافسية في السوق وتوفر المعرفة حول الممارسات التي يمكن اتباعها.
الاعتمادية أم الضرورات، لانها وسيلة لتطبيق أفضل الممارسات الطبية للوصول إلى الفعالية القصوى فى تحقيق النتائج المرجوة، ومنع الهدر من خلال الاستخدام الأمثل للموارد، وتحقيق رضى المرضى بتوفير أفضل خبرات وخدمات لهم.
خلاصة القول، الاعتمادية ضرورة وحتى من أجمل الاكسسوارات، لكن لاحداث تغيير ايجابي في النظام الصحي لا بد من دعم المؤسسات الصحية وتسهيل طريقها للتوجه نحو الاعتمادية، فلعلها مناسبة لتوجيه الشكر لمعالي وزير الصحة لاعلانه نية الوزارة تقديم أوراق اعتماد 200 مركز صحي و 6 مستشفيات، ومناسبة ايضا لدعوة الزميل مدير عام الخدمات الطبية الملكية للاستمرار في تقديم المزيد من المرافق الصحية للحصول على الاعتمادية لان هذا من شانه تسليح الكوادر بأسس ومبادئ سلامة المرضى ويعزز من تحسين جودة الخدمات وزيادة رضى متلقي الخدمة.
خاتمة القول، بوركت أيادي النشامى والنشميات في مجلس إعتماد المؤسسات الصحية على الجهود التي يبذلونها، عفارم عليكم، كل عام انتم بخير. amman992001@gmail.com
ــ الراي
أمين عام المجلس الصحي العالي السابق