الأخبار

محمد صابرين : «النشامى» في الموعد

محمد صابرين : «النشامى» في الموعد
أخبارنا :  

كل العرب اخوان بس الكأس في عمان. ولم لا ؟!. لقد أظهر منتخب النشامى عزيمة لا تلين، وكسبوا احترام الجميع، والأهم أنهم حظوا بتعاطف وحب الجماهير العربية. وبالأمس بارك السعوديون مثلما بارك المصريون من قبل لإخوانهم في الأردن. ويبدو أن النشامى في طريقهم لتحقيق إنجاز غير مسبوق، فلم يكن منتخب الأردن مرشحاً للوصول للنهائي أو الفوز بالبطولة، ولكن النشامى وصل لأول مرة في تاريخه، وبالرغم من غياب أهم نجومه يزن النعيمات.
وأحسب أن المنتخب رسم «صورة ذهنية» جميلة للأردن العزيز، وشعبه المضياف الكريم. وبهذه المناسبة أقدم تهاني لصديقي العزيز معالي الوزير السابق وسفير الأردن الحالي في مصر أمجد العضايلة، والصديق الكاتب الكبير بجريدة الدستور عمر المحارمة، كما أرسل تهنئة لمعالي رئيس الوزراء السابق د. بشر الخصاونة، الرجل الذي ساهم في تعزيز علاقات مصر والأردن، لقد كان صديقي العزيز د.بشر صديقا للجميع. ومما لاشك فيه أن ثمة رابطاً خاصاً يجمع ما بين المصريين والاردنيين. ويشعر المصريون بالفخر لأن كابتن محمود الجوهري ومن بعده حسام حسن كانا جزءا من قصة نجاح الكرة الأردنية.
وبرغم البهجة الغامرة التي تضفيها على حياة الناس، إلا إن ما يربط الفراعنة والنشامى أكبر من كرة القدم، ولا يخفي على أحد هذا الود الجميل ما بين زعيمي البلدين الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني، وهو ما يعكس عمق المحبة ما بين المصريين والأردنيين. وهذه الروح نحتاجها بشدة لتعزيز تعاون دول المشرق العربي.
ومن المعروف أن مصر والأردن ترتبط مع العراق الشقيق بمشروع ضخم أطلق عليه التعاون الثلاثي، ويحلو للخبراء العرب أن يطلقوا عليه مسمي «المشرق الجديد»، والذي يعتمد البعد الاقتصادي بالأساس، وهو تحرك نوعي للتعاون الاقتصادي والاستثماري بين مصر والأردن والعراق، من خلال مساعي تشكيل تكتل اقتصادي على غرار الاتحاد الأوروبي، حيث يمكن أن يؤسس هذا المشروع لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي بين الدول الثلاث، خاصة إذا سارت الأمور بقوة، وجرى وضع المشروعات التي تم الاتفاق عليها موضع التنفيذ، والتي يأتي أهمها: - تنمية التعاون بين الدول الثلاث، في مجالات اقتصادية واستثمارية، تعتمد رؤية تكاملية بين مصر التي تمثل كتلة بشرية كبيرة، والعراق الذي يشكل كتلة نفطية ضخمة، والأردن؛ الذي يمثل حلقة وصل جغرافي بين البلدين، ويمكنه اتخاذ الترتيبات اللازمة لإنشاء منطقة لوجستية مشتركة على الحدود العراقية الأردنية، لتسهيل دخول الشاحنات والبضائع المصرية للأراضي العراقية.
- مد أنبوب نفط من مدينة البصرة العراقية إلى مدينة العقبة الأردنية، يمكن امتداده إلى الأراضي المصرية، بما يتضمنه ذلك من مصالح متبادلة عديدة، منها وصول نسبة كبيرة من النفط العراقي بعيدا عن مضيق هرمز، وحصول كل من مصر والأردن على النفط بأسعار تفضيلية، تصل إلى 16 دولاراً للبرميل.
- تنفيذ مشروع الربط الكهربي (المصري – الأردني – العراقي)بسرعة، وذلك عقب انتهاء الدراسات الفنية من أجل إتمام تصدير الكهرباء من مصر إلى عمان ثم إلى بغداد، حيث يعاني العراق من نقص حاد في الكهرباء منذ سنوات، ويمكن لمصر سد هذا النقص، لا سيما وأن الأخيرة لديها بالفعل خط للربط الكهربائي مع الأردن منذ قرابة 22 عاما، لكن يستلزم مده للعراق، مضاعفة قدرة هذا الخط.
-تطوير شركة الجسر العربي، المملوكة لـ(مصر والأردن والعراق)، والتي تم تأسيسها في نوفمبر من عام 1985 برأسمال مدفوع قدره ستة ملايين دولار أمريكي، مقسمة بالتساوي بين الدول الثلاث، وقد تمت زيادة رأس مال الشركة في عام 2012، حتى أصبح مائة مليون دولار أمريكي، إذ تعتبر هذه الشركة من شركات الملاحة الرائدة في المنطقة، حيث تمتلك خبرة عملية واحترافية في عمليات النقل البحري.
- تسيير خط نقل بري بين الدول الثلاث، يبدأ من القاهرة مروراً بعمان وصولا إلى بغداد والعكس، وذلك من خلال تطبيق البروتوكول الموقع بين جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي وشركة الاتحاد العربي (السوبرجيت) من الجانب المصري، وكل من شركتي جيت الأردنية، والوفود والمسافرين العراقية الخاصة، بهدف تسهيل الحركة والتنقل البري بين الدول الثلاث.
هذا إضافة إلى احتواء هذا المشروع على العديد من المشروعات المشتركة، والتي تشمل، إنشاء مدن صناعية، وتعزيز التجارة البينية وزيادة حجم الاستثمارات المتبادلة، فضلا عن التعاون الأمني والاستخباراتي بين الدول الثلاث في إطار عمليات مكافحة الإرهاب.
وبينما ينتظر الجميع الحكومة العراقية الجديدة فأن العلاقات المصرية الأردنية تتميز بكونها علاقات متينة بما يجعلها نموذجًا يُحتذى في العلاقات ما بين الدول العربية. وهناك توافق وتنسيق دائم بين قيادتي البلدين في المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية.
ويحتضن الأردن جالية مصرية كبيرة يقدَّر عددها بحوالي 800 ألف نسمة، يشكّلون إحدى أكبر الجاليات المصرية بالعالم. بينما يبلغ عدد أبناء الجالية الاردنية المقيمين في مصر حوالي 20 ألف نسمة.
وفي مجال التبادل الثقافي بين البلدين، يبلغ عدد الطلبة الأردنيين في المراحل التعليمية جميعها بمصر حوالي 5 آلاف طالب.
وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، يرتبط البلدان بعدد من الاتفاقيات التجارية الثنائية والإقليمية المشتركة، من أهمها: اتفاقية التبادل التجاري الكبرى التي تشمل عدداً من الدول العربية (منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى)، واتفاقية التبادل التجاري الثنائي الحر في عام 1998، واتفاقية أغادير في عام 2004.
كما تشرف على التبادل التجاري الثنائي لجنةٌ عليا أردنية مصرية مشتركة، تجتمع بشكل سنوي دوري.
وتبلغ قيمة الاستثمارات الأردنية في مصر حوالي مليارَي دولار، كما أنّ لمصر استثمارات في الأردن قيمتها حوالي مليار دولار.
ووصل التبادل التجاري بين مصر والأردن إلى أكثر من مليار دولار خلال عام 2024 مقابل 734 مليـون دولار خلال عام 2020، وتطورت السياحة بين البلدين خلال الفترة 2020 – 2024، وبلغ عدد السائحين الوافدين من الأردن إلى مصر خلال عام 2024 (245.210) سائح مقارنة ب (42.450) سائح خلال عام 2020.
ويبقى أن النشامى دوما في الموعد، وينتظر الجميع تبلور الشراكة الاستراتيجية بين مصر والأردن والعراق على أرض الواقع بسرعة، لأنها يمكن أن تساهم في تأسيس مرحلة جديدة من التكامل الاستراتيجي بين دول المشرق، وخطوة باتجاه تشكيل منظومة تعاون عربي أوسع وأشمل في النهاية.
وإذا كانت كرة القدم قد فرحتنا، فإن التكامل سوف يدخلنا في قلب المستقبل. وعلينا أن نتحلى بروح النشامى في مشروعنا الكبير. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك