المخدرات والدراما

أمل محمد أمين
تُعدّ المخدرات من أخطر الآفات التي تهدد المجتمعات الإنسانية في العصر الحديث، لما لها من تأثير مدمر على الأفراد والأسر، وانعكاسات سلبية على التنمية والأمن والاستقرار. ورغم التحذيرات المتكررة من مخاطرها، إلا أن انتشارها في بعض الأوساط لا يزال مستمراً، مما يتطلب تضافر الجهود لمكافحتها والتوعية بأضرارها.
ولأن الفن أقرب إلى قلوب الناس فهو من أفضل الوسائل التي تساعد على تقليل معادلات الإدمان حيث تقدم الدراما رسائل قوية تحذر من مخاطر تعاطي المخدرات وأيضاً التحذير من مجبات التجارة فيها خاصة أن العديد من الدول وضعت الإعدام عقوبة الاتجار بالمخدرات.
أسباب تعاطي المخدرات
تتنوع الأسباب التي تدفع بعض الأفراد إلى تعاطي المخدرات، ومنها:
الفراغ والبطالة: غياب الأهداف وانعدام العمل قد يدفع بعض الشباب إلى تجربة المخدرات للهروب من الواقع.
الضغوط النفسية والاجتماعية: مشكلات الحياة، كالفشل الدراسي أو العائلي، قد تقود البعض إلى المخدرات كوسيلة مؤقتة للراحة.
رفاق السوء: كثيراً ما يبدأ الإدمان نتيجة التقليد الأعمى للأصدقاء، خصوصاً في سن المراهقة.
ضعف الوازع الديني: غياب الوعي الديني يؤدي إلى ضعف الضمير وتلاشي الخوف من الله، مما يسهل الوقوع في المحرمات.
تأثير المخدرات على الأسرة
لا يقتصر ضرر المخدرات على المتعاطي فقط، بل يمتد ليشمل أسرته:
تفكك أسري: غالباً ما يؤدي الإدمان إلى انهيار العلاقات داخل الأسرة، بسبب العنف، وسوء المعاملة، وفقدان الثقة.
أعباء مالية: ينفق المدمن المال بشكل مبالغ فيه على المخدرات، مما يثقل كاهل الأسرة ويعرضها للفقر.
الوصمة المجتمعية: أسرة المدمن كثيراً ما تواجه العزلة الاجتماعية والعار بسبب سلوك فرد منها.
تأثير سلبي على الأبناء: وجود مدمن في الأسرة يخلق بيئة مضطربة قد تؤثر في نشأة الأطفال وتوازنهم النفسي.
تحريم الإسلام للمخدرات
جاء الإسلام لحفظ النفس والعقل والمال، وهي مقاصد عظيمة تتعارض تماماً مع تعاطي المخدرات. لذلك أجمعت فتاوى العلماء على أن تعاطي المخدرات محرم شرعاً، كونها تذهب العقل وتضر البدن وتؤدي إلى الفساد في الأرض. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام"، والمخدرات لا تختلف عن الخمر في الإسكار والضرر.
دور الدراما في التحذير من المخدرات
تلعب الدراما دوراً كبيراً في تشكيل وعي الجمهور، ولذلك فإن استخدامها في التوعية بخطر المخدرات هو سلاح فعّال، من خلال:
عرض قصص حقيقية: تسليط الضوء على النهايات المأساوية لضحايا الإدمان يساعد على خلق وعي مجتمعي.
إبراز الأثر الأسري والاجتماعي: توضيح كيف يدمر الإدمان حياة أسر بأكملها يدفع الجمهور للتفكير ملياً قبل الاقتراب منه.
تقديم القدوة الإيجابية: تجسيد شخصيات تتغلب على الإدمان يمكن أن يُلهم المدمنين بالسعي نحو التعافي.
دون شك أن مكافحة المخدرات مسؤولية جماعية تبدأ من الأسرة، وتمر بالمؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية، ولا بد أن تتكامل الجهود للحد من انتشار هذه الآفة. فبالعلم والوعي والدين، وبالدراما الواعية، يمكن أن نحمي شبابنا ونصون مستقبل أمتنا.
وعلى الرغم من أن الدراما لها دور فعال جداً في الحد من المخدرات والتنبيه من الحيل التي يلجأ إليها بعض ضعاف النفوس لإدخال غيرهم في الإدمان ومنها إيهام الضحايا بأنها تساعد على تحسين القدرة على السهر والدراسة لفترات طويلة، والبعض يوهم ضحاياه بأنها تعطي السعادة وهنا تلعب الدراما دورا كبيرا في التحذير من تلك الألاعيب.
لكن أحياناً يكون للدراما تأثير سلبي فنرى نماذج لأحد أصدقاء البطل أنه ظريف ويحب الحياة وأحد أشكال هذا الحب تعاطي المخدرات وكأنها نكتة خلال أحداث الفيلم مع العلم أنه أمر خطير ولا يمكن المزاح فيه.
لذا أتمنى أن ينتبه كتاب الدراما لما يُكْتَب والانتباه إلى عمق التأثير الذي تحدثه كلماتهم وما يقدمونه خاصة إذا أدى الدور ممثل محبوب وله جماهيرية.
ــ الوطن