اسماعيل الشريف يكتب : صاحب المال
«أعطني القدرة على التحكم في المال، ولن أكترث بمن يسن القوانين» – ماير روتشيلد
فجأة، بدا أن بايدن يسعى لتحقيق وقفٍ لإطلاق النار، وبين ليلة وضحاها، بدأت تتوالى أخبار عن هدنة في غزة ووقف لإطلاق النار في لبنان. وفي بداية الأسبوع، تابعنا الرد الصهيوني الضعيف على إيران، في دلالة واضحة على أن الولايات المتحدة، عندما تريد، يمكنها أن تجعل الكيان الصهيوني ينصاع لإرادتها. فمن يمتلك المال والسلاح هو الذي يتحكم بالآخر!
يكشف بحث أعده معهد واتسون للشؤون العامة والدولية في جامعة براون، ضمن مشروع «تكاليف الحرب»، أن الولايات المتحدة موّلت 70% من حرب الإبادة الجارية في غزة. فقد أنفقت، خلال الفترة من السابع من أكتوبر 2023 وحتى الثلاثين من أيلول 2024، ما يقارب 23 مليار دولار على هذه الإبادة، وذلك عبر تزويد الكيان بالمعدات والأسلحة، ونشر حاملات الطائرات الأمريكية، وقصف مواقع الحوثيين.
هذا الدعم الضخم مكّن الكيان من الاستمرار في حربه، ولولا هذا الدعم الأمريكي لما استطاع مواصلة الإبادة. ويُقسّم مبلغ 23 مليار دولار إلى 17.9 مليار دولار كمساعدات عسكرية مباشرة، و4.86 مليار دولار للعمليات العسكرية الأمريكية المرتبطة. ومع ذلك، يبدي التقرير تحفظًا على هذا المبلغ، إذ يُرجّح أن يكون الدعم أكبر بكثير بسبب غياب الشفافية في تمويل الولايات المتحدة للكيان الصهيوني.
من دون هذا الدعم الأمريكي، كان الاقتصاد الصهيوني ليواجه انهيارًا محتملاً، ولتجاوز العجز 4.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى في تاريخ الكيان. ومع هذا العجز الكبير، لن يكون بمقدوره الحصول على التمويل اللازم لسد الفجوة.
كما يشير التقرير إلى دور الولايات المتحدة في تطوير أنظمة الدفاع الصاروخي للكيان، وسد أي عجز في مخزون القذائف والقنابل بشكل فوري.
يُعتبر الكيان الصهيوني «الدولة» الأكثر تلقّيًا للمساعدات من الولايات المتحدة، إذ حصل خلال ستة وستين عامًا على أكثر من 250 مليار دولار. وفي «طوفان الأقصى»، سجّل أعلى مستوى من المساعدات في تاريخه، ويُعد الكيان «الدولة» الوحيدة التي تملك صلاحية توجيه 25% من هذه المساعدات إلى التصنيع.
وفي الوقت الذي تمنح فيه الولايات المتحدة «شيكًا مفتوحًا» للقتل، تواجه تحديات مالية في تغطية أضرار الأعاصير الأخيرة التي ضربت البلاد. وبينما يُسكن أفراد الكيان، الذين هُجّروا من منازلهم، في الفنادق الفاخرة، هناك 653 ألف مشرّد أمريكي، يعيش 34% منهم في الشوارع، بينما يقيم الباقون في مأوى مؤقت.
أشفق على المواطن الأمريكي المسكين، الذي تُجبَر أمواله على دعم الصهاينة المجرمين رغمًا عنه، في موقف لا تفرضه حتى أكثر الأنظمة الشمولية. في الوقت نفسه، تتدهور مستويات معيشته وتتراجع متوسط اعماره، بينما تتقلص الطبقة المتوسطة التي أصبحت تشكل فقط 50% من المجتمع.
قد نرى اختلافًا في وجهات النظر بين صاحب المال والموظف؛ فصاحب المال، على سبيل المثال، قد يرفض وقف نشاط الأونروا أو اجتياح رفح، بينما قد يتمرّد الموظف على هذا القرار. ولكن عندما يريد صاحب المال فرض إرادته، فإنه بلا شك قادر على ذلك، كما أظهرت الأحداث الأخيرة في الرد الصهيوني على إيران.
من هنا، يمكن القول إن هذه الإبادة الجارية هي حرب أمريكية تُنفَّذ بأيدٍ صهيونية، تحقيقًا لأهداف الولايات المتحدة. ويحق لنا الجزم بأن المقاومة تواجه مباشرةً أكبر وأقوى دولة في العالم، وستسجل صفحات التاريخ أن أفقر دولة في العالم، اليمن، قد تمكنت من هزيمة أكبر دولة في العالم، الولايات المتحدة.
تَذَكَّر أن قرار وقف الإبادة سيصدره صَاحِبُ المال، وسينصاع له المُوَظَّفُ مهما تَمَرَّد! ــ الدستور