شحادة ابو بقر يكتب : الرأي العام الأردني في زمن الحرب
لم يكن الرأي العام الأردني تاريخيا إلا مع الأردن، والسبب بديهي هو أن الأردن هو الوطن ولا خير في من لا يقف بصدق ووطنية مع وطنه في زمن الشدة والحروب حتى لو كان عاتبا أو حتى غاضبا من بعض مسؤولي وطنه.
لن نعيد قراءة التاريخ منذ تأسيس الدولة الأردنية الحديثة ومواقف الأردن العملية والنظرية من قضية فلسطين وعذابات شعبها الشقيق ععلى مدى ٧٦ عاما. فقط سنتوقف عند العقد الأخير لنقرأ ما يلي.
وقف الأردن منفردا ضد صفقة القرن أيام ترامب وتحدى الجميع في رفضها وأعلن مرارا على لسان الملك شخصيا أن كلا للتوطين والوطن البديل وأن لا تغيير في الموقف من القدس. لكن الكثرة تتناسى ذلك في غمرة الحرب الهمجية التي تشنها دولة الإحتلال الإسرائيلي على غزة ولبنان وما تقترف من جرائم فظيعة، ويحلو للكثيرين من تجار اليوتيوب وأخواته من خلف الحدود صب جام كلامهم على الأردن كما لو كان هو من يرتكب تلك الجرائم ويتناسون العدو الغاشم.
الأردن أول من بادر لدعم الأهل في غزة المحاصرة ومنذ العام ٢٠٠٩ بقوافل العون الممتدة. وهو اول من كسر الحصار عليها خلال الحرب وبمشاركة من الملك شخصيا وولي عهده وابنته كريمته، والأردن هو ثالث أكبر داعم للأشقاء هناك وقد سير حتى الآن ٣٥٧٧ شاحنة من الدعم وسط الحرب فضلا عن الإنزال الجوي المتتابع.
والأردن أول من أقام مستشفيات ميدانية في غزة ونابلس ومحطات طبية في رام الله وجنين. لكن لا أحد إلا قلة تأتي على ذكر ذلك.
والأردن ومنذ تولي الملك عبدالله الثاني العرش لم يترك مسؤولا عالميا أو دوليا ولا مؤتمرا ولا لقاء ثنائيا إلا وكرس جهد الملك على التحذير مما يجري اليوم والتأكيد على أن لا سلام ولا أمن ولا إستقرار في الشرق الأوسط إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف. لكن أحدا لا يذكر ذلك إلا ما ندر من منصفين.
الأردن هو رئة فلسطين وقضيتها وشعبها الشقيق عبر العقود وهو المدافع الأول والمناصر الأول وبلا منازع عن فلسطين وحقوق شعبها المشروعة.
والأردن هو وطن المهاجرين والأنصار ثلث سكانه من اللاجئين العرب والذين يتقاسم شعبه معهم لقمة العيش وفرصة العمل وحبة الدواء. لكن لا أحد آلا ما ندر من يأتي على ذكر ذلك .
الأردن وبقيادة الهاشميين خاض حروب فلسطين كلها بلا تردد جيشا وشعبا معا وقدم مواكب الشهداء والمصابين والتضحيات الحسام لكن لا أحد يذكر ذلك آلا من رحم ربنا .
الأردن لم ولن يتخلى عن دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق حقا لا آدعاذ لأن مصيرنا واحد وهدفنا واحد وهو إنهاء وكنس الإحتلال البغيض عن أرض فلسطين الحبيبة الطهور .
اليوم الرأي العام الأردني كله تضامن وتعاطف ودعم للأهل في فلسطين وليس لأي منا أن يزايد على آخر في هذا.
اليوم الرأي العام الأردني يجب أن يكون مع الأردن الوطن مقدرا ظروفه وتضحياته التي لا تعادلها تضحيات ومع فلسطين الحبيبة ما أمكنه ذلك ولكن دون أن نتأثر بمحاولات المشككين من خلف حدودنا والذين لم يقدم أحد منهم لأهلنا في فلسطين ولقضيتها غير الحكي وتوجيه الإتهامات الظالمة للأردن تحديدا ولكل منهم دافع شخصي لا أكثر .
الرأي العام الأردني في زمن الحرب لا بد وأن يتوحد تماما حول الأردن وقوته وسلامته وقيادته وجبشه وقوى أمنه ومؤسساته. وبالذات في هذا الزمن الاستثنائي العصيب الذي تطل فيه عيون الذئاب من جهات شتى. الله من أمام قصدي.