يقولون إنّ حكة باطن اليد اليمنى بشارة «مصاري داخلة»، بينما اليسرى تنذر بـ«مصاري طالعة». لكن لو قسنا العالم كلّه على هذا المقياس الشعبي، سنكتشف أن سياسات الكبار لا تُصاغ في غرف مغلقة بقدر ما تُصاغ في عيادة جلدية! فحين يسجِّل برميل النفط ارتفاعًا يقفز السعر مع نبض الأسواق، تُصيب واشنطن وخزاتٌ ولو انخفض الغاز فجأةً، ترى موسكو تفرك راحة يدها بقوّة، فتُعيد ترتيب خطوط الأنابيب وتحرّك خرائط نزاعاتٍ بين ليلةٍ وضحاها، وكلُّ هذا لتسكين هرشةٍ تسرّبت تحت القفاز الكرمليني.

وبينما يراقب الاتحاد الأوروبي المشهد، يعيش على كريمٍ موصوف منذ الأزمة المالية: «تقشّف مرطِّب بنسبة صفر بالمئة فوائد». هذا الكريم يُهدّئ الحكة مؤقتًا، ثم يخلّف حساسية مزمنة اسمها خدمة الدين. أمّا بكين، فكلما تذكّرت تايوان شعرتْ بحرارةٍ في الكف، فتغمسها في مرهم «الحزام والطريق»، ويخرج استثمارٌ يربط ميناءً في أقصى الغرب بمصنعٍ في أقصى الشرق، فيرتاح الجلد وتطمئن النقاط التجارية.

حتى قمم المناخ لم تنجُ من هذه العدوى؛ يصفّقون بحرارة تكاد تُقشِّر أياديهم وهم يَعِدون بكوكبٍ أخضر، ثم يخرج كلٌّ منهم ليفرك جيبه الشخصي، تاركًا الأرض تحكُّها حرقة الاحتباس الحراري وحدها. والمنظمات الدولية ليست أحسن حالًا؛ يأتيك صاحب البدلة الداكنة، يربّت على يد دولة نامية فيقول: «اترك الحكة ريثما نمنحك قرضًا بلسمًا»، وما إن يجفّ الحبر حتى تتحوّل الحكة إلى قيدٍ طويل الأمد.

فإذا أحسستَ أنت، يا قارئي الكريم، بلسعةٍ غامضةٍ اليوم، لا تسارع إلى الصيدلية؛ افتح نشرة الأخبار واسأل نفسك: أيُّ لوبي ربح صفقة؟ أيُّ شعب سيدفع الفاتورة؟ تذكّر أنّ العالم بات يبيعنا «الهرش» بفاتورةٍ أكبر من ثمن الدواء. لذلك هرش ضميرك قليلًا قبل أن تهرش كفّك، فلعلّ الحكّة الحقيقية ليست في الجلد بل في القرارات التي تُخاط بخيط مصالح لا يُرى بالعين المجرّدة.