الأخبار

د محمد العزة يكتب : خطاب العرش: القضية الفلسطينية أولوية أردنية ومسؤولية عربية

د محمد العزة يكتب : خطاب العرش: القضية الفلسطينية أولوية أردنية ومسؤولية عربية
أخبارنا :  

اذا ما وسعنا البيكار لقياس زوايا الرؤية السياسية لتتبع مجريات الأحداث واخر التطورات ومرونة ديناميكية التحركات السياسية للقيادة الهاشمية والديبلوماسية الاردنية بين العواصم العربية والعالمية وما يصدر عنها من تصريحات وعناوين تضمنتها الخطابات من على المنابر الوطنية والعربية والدولية، المخطوطة بعناية بعد دراسة معمقة وتقييم موضوعي للنتائج ومدى تطابقها للتوقعات ورصد اتجاه الأهداف للعناصر الفاعلة من الدول المعنية والمنخرطة في رسم سياسات المنطقة الجديدة، سواء تلك التي تعتبر طرفا في فعاليات الحدث العسكري والسياسي وصناعته أو المشتركة والمشاركة في الوساطة بين الأطراف لإيجاد الحل بينها، هنا سنجد أن الاردن يبذل جهدا استثنائيا قياديا متقدما، ونموذجا واعيا وراشدا كلاعب أساسي في حراك السياسة ويقوم بدور الطرف الناضج والقارئ الجيد لما يسعى كل من الأطراف لمصالح وتحقيق إنجاز يمكنه من الحصول على مكتسبات لصالحه أو لصالح حلفائه أو أدواته أو على حساب مصلحة الآخر.
عامل الخبرة والتجربة السياسية الأردنية على مدار تاريخ الدولة وحصيلة تواتر الاحداث التي مرت بها من ازمات وصعوبات والتعامل معها، منحتها ميزة الحرفية والعقلانية والكيفية لتجاوزها، ومكنتها من الاشتباك المباشر مع اي حدث والدخول في صلبه وتحليله والقدرة على اتخاذ القرارات بمرجعية ومنهجية مؤسسية والتي تحرص على أن تصب نتائجها في مصلحته اذا كان الحدث ذو شأن داخلي، أو في مصلحة عمقه العربي اذا ما كان يخصه، ولعل هذا كان واضحا في ما جاء به خطاب العرش الاحد الماضي , 2024/11/18 الذي القاه الملك عبدالله الثاني ابن الحسين خلال افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الامة، وأكد فيها رسوخ الهوية الأردنية وانتمائها العربي، والالتزام بالثوابت الوطنية الأردنية إزاء ملفاته الداخلية أو قضايا امته العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية كأولوية رئيسية في السياسة الأردنية الخارجية، وفي السياق نفسه تم التحذير وضرورة الوقاية ومواجهة الآثار السلبية من التداعيات التي قد تقع أو ستقع على المنطقة على الصعيد العربي والصعيد الإقليمي، نتيجة الصراع المستعر والمستمر بين أصحاب وأطراف المشاريع الإقليمية والحرب الغاشمة التي تشنها الثكنة العسكرية الاسرائيلية على اهلنا في غزة والضفة الغربية رغم الإجراءات والدعوات لوقف آتون هذه الحرب المشتعلة والمجزرة المفتعلة ضد شعبنا الفلسطيني.
هذا الجهد الكبير يقوم به الاردن لوحده في ظل ظروف استثنائية أيضا، يسعى فيها ويعمل جاهدا لأجل الوصول إلى الحد الاعلى والأقصى من تشكيل حالة موقف صلب تؤدي إلى فرض الاردن رقما صعبا وتحافظ على موقعه في معادلة التسويات والاتفاقيات المتداولة ضمن مشاريع القوى الكبرى العالمية والإقليمية والعربية ( العناصر الفاعلة )، في رسالة أن أي طريق للحل لابد أن يكون عبر البوابة الأردنية وليس الالتفاف عليها وإهمالها وتجاهلها.
يهدف الدور الاردني اليوم على التخفيف والتقليل من مضار وآثار تداعيات هذا الصراع، لكن هذا لا يعني أنه قادر على منعها دون عمق عربي استراتيجي، وحالة تضامن عربية قُطرية في أضعف الايمان، اذا ما اتفقنا أن الكل على مستوى قيادات الحكم أو النخب السياسية العربية الحكومية والبرلمانية والحزبية والشعبية يعلم أن حالة التضامن والتشاركية أصبحت حاجة ملحة وضرورية، لا سيما في ظل المستجدات والظروف الطارئة على سطح طاولة الاجتماعات للدول العربية بجانب ملف القضية العربية المركزية القضية الفلسطينية، وتعد هذه الملفات من الأهمية بل أصبحت رئيسية كونها أصبحت أحد مصادر وعناصر التهديد الأمني لها وأحد عوائق المشروع التنموي، فلا يخفى صراع الهويات الطائفية على السلطة في العراق بالإضافة إلى الموضوع الكردي التركي، لنتجه إلى مصر والخلاف على ملف سد النهضة مع اثيوبيا، وفي سوريا لا يحتاج الأمر الى شرح طويل، لبنان والمحاصصة الطائفية وتنافس الوصاية السياسية عليه وتعطيل الحياة البرلمانية الديمقراطية. فيه، السودان والحرب الأهلية والجنوب والشمال وملف الانفصال، معاناة اليمن أحد مخططات الربيع العربي الاسود كما هو حال ليبيا وتونس، ليظهر ملف الصحراء المغربية وجبهة البوليساريو والجزائر، حتى الخليج العربي والتهديد الإيراني وملف جزره المحتلة والمشروع الإيراني ومفارقات وتناقضات وتوافقات التعامل معه بين نظرة العلاقة واسس التعامل معه.
مع هذا المناخ السياسي المتقلب جاء الخطاب الملكي ليقرع جرس الانذار من اخطار صعود تيار التطرف والإرهاب في المنطقة جراء ممارسات التيار اليميني الديني الاسرائيلي الهمجية الغوغائية والوحشية التي تهدد الامن والاستقرار في المنطقة، الذي هو في حقيقة الأمر وظيفته التي يسعى على إنجازها، وهنا جاءت دعوة الملك للمنظومة العربية بضرورة مراجعة ادائها والعودة إلى حالتها الاولى من التضامن والتكاتف والتحالف، لضمان أمنها وحماية استقرارها ضد أي مخططات ضدها، وعليه فإن على مجموعة الدولة العربية تحمل مسؤولية ايجاد الحل للقضية الفلسطينية، ومساندة الاردن الذي جعلها أولوية رئيسية للدفاع عن شرعية الحقوق الفلسطينية وبوابة منيعة في وجه تهديدات الثكنة الصهيونية المتطرفة لسيادة الدولة الأردنية والأمة العربية. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك