الأخبار

د. محمد العرب : حضارات الأردن المندثرة: ألغاز الأرض وسراديب الماضي السحيق

د. محمد العرب : حضارات الأردن المندثرة: ألغاز الأرض وسراديب الماضي السحيق
أخبارنا :  

الأردن، تلك الأرض التي تعاقبت عليها الحضارات، ما زالت تخفي في ثناياها أسراراً تتجاوز حدود الزمان والمكان !
منذ القدم كانت الأردن موطناً للشعوب التي تركت بصماتها في الصخور والرمال، لكنها اختفت تاركة وراءها أطلالاً غامضة وكنوزاً منسية ، بين حضارات مشهورة وأخرى غامضة، تبرز في الأردن قصص عن عظمة بشر كانت جزءاً من نسيج التاريخ، لكنها ذابت في غبار النسيان.
إحدى الحضارات المرتبطة بالأردن هي حضارة المؤابيين، الذين استوطنوا مناطق الكرك ومادبا ورغم الآثار الواضحة لمعابدهم ومدافنهم، إلا أن جوانب كثيرة من حياتهم لا تزال غامضة ، اللغة المؤابية المنقوشة على الأحجار تقدم لمحات عن ديانتهم ونظام حكمهم، لكنها لا تروي القصة كاملة ، كيف انتهت هذه الحضارة؟ ولماذا اختفت فجأة في زخم التاريخ؟ ربما يحمل وادي الموجب بعض الإجابات المدفونة.
أما الأنباط، فإنهم تركوا للبشرية إرثاً عظيماً في البتراء لكن رغم شهرتهم، إلا أن هناك مستوطنات أخرى غير مكتشفة تماماً قد تكشف عن أسرار جديدة لهذه الحضارة ، ماذا عن القبائل النبطية التي لم تستقر في البتراء؟ هل يمكن أن تكون هناك مدن خفية تحت الرمال جنوب الأردن؟ النظريات حول اختفائهم تتراوح بين التغير المناخي والهجرات، لكن الصمت المحيط بهم يفتح أبواباً للتأمل والاستنتاج..؟
في وادي فينان، ظهرت حضارات مبكرة قامت على صهر النحاس واستخراجه ورغم أن الموقع يعد من أقدم مراكز التعدين في العالم، إلا أن المعلومات قليلة جداً عن سكانه ، هل كانوا شعباً منفرداً بذاته أم جزءاً من حضارة أوسع تمتد عبر الشرق الأدنى؟ غموض هذه المنطقة يشبه لغزاً عتيقاً يحلم علماء الآثار بفك شيفرته وطلاسمه..!
أما البحر الميت وما ادراك ما البحر الميت ، فيُعتقد أنه يخفي بين مياهه المالحة وأراضيه المطمورة آثار مدن سدوم وعمورة، التي ورد ذكرها في النصوص الدينية ورغم أن الأدلة على وجودها لا تزال خجولة، إلا أن الاستشراف الاثري يشير إلى أن هذه المنطقة قد تكون مسرحاً لحضارة عاشت على أطراف الممكن والمستحيل ، ماذا لو كانت هذه المدن حقيقية، ودفنتها الكوارث الطبيعية والزلازل؟ هل سيكشف البحر الميت عن أسراره يوماً؟
وعلى الرغم من عظمة هذه الحضارات المكتشفة جزئياً ، يبقى السؤال الأهم: ماذا عن الحضارات التي لم تُكتشف بعد؟ الصحراء الأردنية الشرقية، المترامية الأطراف، قد تكون موطناً لحضارات اندثرت بفعل التصحر أو الكوارث الطبيعية. تكنولوجيا التصوير الفضائي كشفت عن أنماط غريبة مدفونة تحت الرمال، ربما تكون آثار مستوطنات مجهولة عاشت وازدهرت قبل آلاف السنين.
ماذا لو كانت هناك حضارة طوتها الطبيعة قبل أن تصل إلينا؟ حضارات قد تكون سبقت الأنباط والمؤابيين بزمن بعيد ، ربما عاش هناك شعب بنى بيوتاً لا تذوب في الرمال وكتب على الصخور قصصاً لم تُقرأ بعد وهذه الفكرة ليست مستبعدة، بل صادمة في احتمالاتها ، الأردن بموقعه الجغرافي الفريد، كان ملتقى طرق للحضارات، وربما كان مسرحاً لوجود إنساني قديم تجاوز حدود ما نعرفه عن التاريخ.
المستقبل يحمل إمكانيات مذهلة لاكتشاف المزيد. التكنولوجيا الحديثة، كالتصوير الجوي والذكاء الاصطناعي، قد تكشف عن حضارات كانت مجرد أسطورة. الأردن ليس فقط أرض الحضارات القديمة، بل ربما يكون شاهداً على أسرار عصور لم تصلنا أصواتها بعد.
وكعاشق متيم بالأردن ارضاً وإنساناً اقترح استخدام الذكاء الاصطناعي في استكشاف الحضارات المندثرة في الأردن من خلال تحليل الصور الجوية والبيانات الفضائية للكشف عن مواقع أثرية مخفية تحت الرمال أو الصخور. تقنيات التعلم الآلي يمكن أن تساعد في تفسير الأنماط الهندسية والمعمارية الظاهرة من الصور لتحديد المواقع ذات الأهمية. إضافةً إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل النصوص القديمة والنقوش التي تم اكتشافها، وربطها بمواقع أثرية أخرى لفهم السياق التاريخي. كما يمكن استخدام الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتنقيب بدقة في المواقع الأثرية دون إلحاق الضرر بها، مما يفتح آفاقاً جديدة لفهم الحضارات التي اندثرت في الأردن. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك