حسين دعسة : بعد مذكرات الجنائية الدولية بإعتقاله .. السفاح نتنياهو في سجن حريته ووهم هتلر الألفية الثالثة.
*بقلم :حسين دعسة
إذ كانت النتيجة من المحكمة الجنائية الدولية وضع محددات قانونية دولية، تقر أمام العالم بأن السفاح نتنياهو؛ بات في سجن حريته، يخطط لنهاية وهم هتلر الألفية الثالثة، فهنا تصح النظرة التالية، إذ على المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، ضرورة الوقوف أمام الدول التي شارت جيش السفاح في الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، كما هي الحرب المفتوحة الشاملة على لبنان، الجنوب ووسط بيروت والبقاع و الخيام ،وهي ذات الحرب التي وصلت الحدود السورية في منطقة المصنع وأطراف هضبة الجولان السوري المحتل.
"الرئيس الكارثة"، السفاح نتنياهو؛ هي صفة التي أطلقت عليه منذ بداية رئاسته للحكومة الإسرائيلية عام 1996 إلى يوم، صدور قرارات المحكمة الجنائية الدولية.
*
في النظرة السياسية والأمنية، السفاح الكارثة، يعيث فسادا وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني واللبناني، يقود جيش الكابنيت الصهيوني، تدعمه بشكل مباشر ومعلن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الاستعمارية، وتقف أمامه في داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، الملفات القضائية المثارة في المحاكم الإسرائيلية بتهم الفساد والرشوة وخيانة الأمانة داخل الحكومة والمؤسسات الصهيونية، ولكنه أصبح يحمل صفة "مجرم دولي"، كأحد أبرز المطلوبين عالمياً على لائحة المحكمة الجنائية الدولية.
هل سينجح المجتمع الدولي مع المحكمة في القبض عليه، أن سيبقى ملاحق دوليا، سجين حرية الوهم، هتلر الألفية الثالثة، وكيف سيكون (خارج إسرائيل /داخل الكيان) والمحاكم الإسرائيلية داخلياً، تقف عاجزة عن ملاحقه جنائيا؟.
أما خارجيا دوليا، فهو "رهين المحبيسن"، وبالتالي، ينتظر سقوطه سياسيا وأمنيا، أي أن إمكانية القبض عليه ووضعه خلف القضبان،بات ليس مستحيلا.
.. والواضح، أن الداخل الإسرائيلي، رسميا وأمنيا رفضت الولاية القضائية للمحكمة التي مقرها لاهاي، وأنكرت ارتكاب جرائم حرب في غزة.
*كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
في التقارير وعن طبيعة الحدث دوليا، فقد حث المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "كريم خان" في بيان الخميس 21/11 الدول الأعضاء وغير الأعضاء في المحكمة على التعاون بشأن مذكرات الاعتقال الصادرة بحق زعيمين إسرائيليين وقيادي في حماس.
مذكرات الاعتقال بحق السفاح نتنياهو ووزير الدفاع السابق المتطرف يوآف غالانت والقيادي في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس محمد الضيف، دخلت حيز الرؤية والتنفيذ، ذلك أن
المحكمة الجنائية الدولية قالت:إنّ هناك "أسباباً منطقية للاعتقاد بأنّ نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم"، معتبرةً أنّ "قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري"، وعليه :أوامر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت "تنصف الضحايا في غزة وعائلاتهم".
بيان المحكمة القانوني حدد ان : "ثمة أسباب منطقية تدعو للاعتقاد بأنّ نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات ضد المدنيين"، و أنّ "جرائم الحرب المزعومة تشمل القتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية".
*قرار المحكمة الجنائية الدولية، لم يكن نتاج ايدولوجية سياسية أو فكرية ضد إسرائيل.
أنّ قرار المحكمة الجنائية الدولية، لم يكن نتاج ايدولوجية سياسية أو فكرية، أو ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني ولا يمكن اعتباره "معاد للسامية"، كما صرح بذلك السفاح الذي قال انه: لن يتراجع حتى تحقيق أهداف الحرب.
.. ويبدو ان رد الفعل الإسرائيلي، كما أعلن عنه مكتب السفاح يقوم على الرفض، وهذا لا يؤخر من قوة مذكرات الاعتقال الدولية، وأن رفض الكيان الصهيوني، ليس له أي قيمة، فقد قال السفاح عبر مكتبه:"نرفض بشكل قاطع (أكاذيب) الجنائية الدولية، كما ترفض إسرائيل باشمئزاز الإجراءات والاتهامات السخيفة والكاذبة الموجهة إليها من الجنائية الدولية"، مضيفاً:"لن نستسلم لضغوط الجنائية الدولية".
وزير الحرب السابق غالانت فاعتبر أن قرار المحكمة "سابقة خطيرة".
وفي تسابق للادانة، كانت تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر، أنّ: المحكمة الجنائية فقدت "كل الشرعية". وهو ما كتبه عبر منصة "إكسX": "هذه لحظة سوداء للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فقدت فيها كل شرعية لوجودها ونشاطها. وإنّها أداة سياسية في خدمة العناصر الأكثر تطرّفاً التي تعمل على تقويض السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط".
الرئيس الإسرائيلي ، في حكومة اليمين المتطرف التوراتية، إسحاق هرتسوغ قال : "هذا يوم أسود للعدالة، هذا يوم أسود للإنسانية"!.
وزير الأمن القومي التوراتي المتطرف إيتمار بن غفير، فقد حدد بأن الرد على هذا القرار؛ بفرض الاستيطان والسيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة" أي الضفة الغربية المحتلة.
كتب أحد كتاب الأعمدة في صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن :مذكرات الاعتقال تمثل "أدنى نقطة على الإطلاق لإسرائيل في معركتها من أجل الشرعية الدولية والدعم"، بحجة أن نتنياهو قد يتغلب على العواقب من خلال تجنيد إدارة دونالد ترامب "لإعلان الحرب الشاملة" على المحكمة الجنائية الدولية. وبالفعل، اقترح أحد كبار مستشاري ترامب أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية المتورطين.
* الرئيس بايدن.. ومجلس الأمن القومي الأميركي يرفض!
لم يجد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بادين، إلا انتقاد المدعي العام، للمحكمة الدولية الجنائية كريم خان. وأعرب عن دعمه لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس.
ونسي بايدن أن الولايات المتحدة الأميركية رحبّت، على هامش الحرب الروسية الأوكرانية، بمذكرات جرائم الحرب الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
مجلس الأمن القومي الأميركي رفض قرارات مذكرات الاعتقال وأكد أنّ :"الولايات المتحدة ترفض بشكل قاطع قرار المحكمة (الجنائية الدولية) إصدار مذكرتي توقيف بحقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الأسبق يؤآف غالانت".
.. ولفت :"ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء حرص المدعي العام على طلب مذكرات توقيف والأخطاء المقلقة في العملية التي أدت إلى هذا القرار"، كما أنّ الولايات المتحدة ترى أنّ "المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بولاية قضائية في هذه القضية".
*السلطة الفلسطينية وحركة "حماس.
.. وفي تزامن، أفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية (وفا) بأن السلطة الفلسطينية أصدرت بيانا رحبت فيه بقرار المحكمة الجنائية الدولية.
وطالبت السلطة جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وفي الأمم المتحدة بتنفيذ قرار المحكمة، بحسب الوكالة.
ووصفت السلطة الفلسطينية القرار بأنه "يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته".
من طرفها، رحّبت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) اليوم الخميس بأمرَي الاعتقال في حقّ نتنياهو وغالانت، داعيةً في بيان "محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكافة قادة الاحتلال"..
، دون الإشارة إلى مذكرة اعتقال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس محمد الضيف، الذي في حالة غياب منذ ادعت دولة الاحتلال الإسرائيلي اغتياله قبل أشهر.
إذ أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي إنها قتلت" الضيف" في ضربة جوية، لكن حركة حماس، لم تؤكد أو تنف ذلك.
الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية، لفت إلى أنه سيواصل جمع المعلومات فيما يتعلق بوفاته المزعومة.
حماس في بيان طالبت العدالة والانصاف:
"أن هذه الخطوة التي حاولت الإدارة الأميركية المتواطئة مع جرائم الحرب الصهيونية تعطيلها لأشهر، ومحاولة ثنيها عن أداء واجبها في محاسبة الاحتلال على جرائمه المتواصلة في قطاع غزة، تشكل سابقة تاريخية مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة ستة وسبعين عاماً من الاحتلال الفاشي".
* نظرة في حيثيات إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت والضيف.
عمليا:كان أصدر قضاة في المحكمة الجنائية الدولية، مذكرات اعتقال بحق السفاح نتنياهو ووزير الدفاع السابق المتطرف يوآف غالانت والقيادي في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس، إبراهيم المصري، المعروف باسم محمد الضيف عن اتهامات بالضلوع في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
.. تؤشر بيانات المحكمة الجنائية الدولية التي أعلنت فيها أوامر الاعتقال، إلى حيثيات مهمة، تنشرها "الدستور" وفق مصادرها:
*اولا:رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ورئيس الدفاع السابق غالانت.
- -1:
"وجدت المحكمة أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن السيد نتنياهو... والسيد جالانت ... يتحمل كل واحد منهما المسؤولية الجنائية عن الجرائم التالية باعتبارهما ضالعين بالاشتراك مع آخرين في ارتكاب: جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وجرائم ضد الإنسانية متمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال غير الإنسانية".
-2:
- "وجدت المحكمة أيضا أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن السيد نتنياهو والسيد جالانت يتحملان المسؤولية الجنائية باعتبارهما رئيسين مدنيين عن جريمة الحرب المتمثلة في إدارة هجوم متعمد ضد السكان المدنيين".
-3:
- "وجدت المحكمة أن السلوك المزعوم للسيد نتنياهو والسيد جالانت يتعلق بأنشطة الهيئات الحكومية الإسرائيلية والقوات المسلحة ضد السكان المدنيين في فلسطين، وتحديدا المدنيين في غزة".
- -4:
"الجرائم المزعومة ضد الإنسانية كانت جزءا من هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين في غزة".
- -5:
"هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن كلا الشخصين حرم، عن عمد وعن علم، السكان المدنيين في غزة مما لا غنى عنه لبقائهم على قيد الحياة، مثل الغذاء والماء والعقاقير والإمدادات الطبية، فضلا عن الوقود والكهرباء، في الفترة من الثامن من أكتوبر تشرين الأول 2023 إلى 20 مايو أيار 2024 على الأقل".
- -6:
هناك "أسباب وجيهة للاعتقاد بأن السيد نتنياهو والسيد جالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب".
- -7:
"بالتقييد أو المنع المتعمد لوصول الإمدادات الطبية والعقاقير إلى غزة... يصبح الشخصان مسؤولين أيضا عن التسبب في معاناة كبيرة للمحتاجين للعلاج عبر أفعال غير إنسانية".
- -8:
هناك "أسباب وجيهة للاعتقاد بأن سلوكهما حرم جزءا كبيرا من السكان المدنيين في غزة من حقوقهم الأساسية، ومنها الحق في الحياة والصحة، وأن السكان استُهدفوا على أساس سياسي أو وطني أو كليهما".
*ثانيا:زعيم حماس القيادي محمد الضيف.
- - 1:
أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية "مذكرة اعتقال بحق السيد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف باسم "الضيف"، لاتهامه بالضلوع في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مزعومة على أراضي دولة إسرائيل ودولة فلسطين منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 على الأقل".
- -2:
"وجدت المحكمة أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن (الضيف)، القائد الأعلى للجناح العسكري لحماس (كتائب القسام) في وقت ارتكاب السلوك المزعوم، مسؤول عن جرائم ضد الإنسانية تتمثل في القتل والإبادة والتعذيب والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي، فضلا عن جرائم حرب تتمثل في القتل والمعاملة القاسية والتعذيب واحتجاز الرهائن والاعتداء على الكرامة الشخصية والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي".
- -3:
هناك "أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه في يوم السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، بعد وقت قصير من تسبب إطلاق عدد كبير من الصواريخ في إطلاق إنذار "تسيفا أدوم" في عدد من البلدات في إسرائيل في الفترة من 0620 إلى 0630 صباحا (بالتوقيت المحلي)، دخل رجال مسلحون هذه البلدات، وأيضا إلى موقع مهرجان سوبر نوفا، وهو حدث موسيقي حضره بضعة آلاف... نفذ أعضاء حماس، ولا سيما مقاتلو كتائب القسام، عمليات قتل جماعي داخل أو حول، أو داخل وحول، بلدات كفار عزة وهوليت ونير عوز وبئيري وناحال عوز، وكذلك في مهرجان سوبر نوفا... وتشكل عمليات القتل هذه جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب تتمثل في القتل".
-4:
- "في ضوء عمليات القتل المنسقة... لمدنيين في بضعة مواقع منفصلة، وجدت المحكمة أيضا أن هذا السلوك وقع كجزء من عملية قتل جماعي لأعضاء من السكان المدنيين، ومن ثم خلصت إلى وجود أسباب وجيهة للاعتقاد بأن الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الإبادة قد ارتكبت".
- -5:
"احتجاز الرهائن ضمن عملية السابع من أكتوبر تشرين الأول استهدف التفاوض على إطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين محتجزين في إسرائيل".
-6:
- "أثناء احتجازهم في غزة، تعرض بعض الرهائن، معظمهم من النساء، للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الجماع القسري، والتعري القسري، والمعاملة المهينة والمذلة. وبناء على المواد المقدمة، وجدت المحكمة أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن جرائم تعذيب ارتكبت كجريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب، وأن الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى ارتكبت كجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وأن المعاملة القاسية ارتكبت كجريمة حرب، والاعتداء على الكرامة الشخصية ارتكبت كجريمة حرب".
*حرب إبادة ومجازر وتجويع وتهجير.
خلال عام وأكثر ارتكبت قوات الجيش الإسرائيلي الكابنيت، ما يزيد عن 3 آلاف و838 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية، منذ بداية الحرب على غزة، بحسب بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وتشن إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حربا على غزة خلفت أكثر من 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم..
.. في مقابل ذلك تزامناً، مع مذكرات الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، تابعت الأنشطة الإسرائيلية الفرنسية الاصل" يائيل ليرر" جمع 3600 توقيع لوقف الحرب في غزة.
.. وبحسب ومنصة إسرائيلية أكدت أن يائيل ليرر جمعت 3600 توقيع لوقف الحرب في غزة "على الفور"، وأطلقت نداء يدعو المجتمع الدولي لاعتماد وتنفيذ إجراءات انتقامية في كافة المجالات من أجل هذا الهدف.
النداء الذي وقعه حتى الآن آلاف الإسرائيليين، والذي نشرته صحيفتا غارديان وليبراسيون، يدعو من خلاله الإسرائيليون إلى "ممارسة ضغوط دولية حقيقية على إسرائيل من أجل وقف فوري ودائم لإطلاق النار"، ويقولون للعالم "نحن نناشدك: أنقذنا من أنفسنا".
يأتي هذا الطلب غير المسبوق لمشاركة المجتمع الدولي، كالأمم المتحدة ومؤسساتها والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، فضلا عن كل دول العالم، يوضح مدى الإلحاح الذي يشعر به الموقعون، ويشير إلى أن العقوبات ضرورية، وهي الطريقة الوحيدة لوقف الاندفاع المجنون لإسرائيل نحو العنف.
ولم تنفع الوساطات كما يقول الموقع، فجمدت قطر وساطتها، ولم تجدِ القرارات الدولية، فبقي القرار الذي صوت عليه مجلس الأمن في حزيران 2024، نائما إلى جانب القرارات التي لم يتم تنفيذها قط، ولم تحرك قرارات محكمة العدل الدولية في كانون الثاني وأيار الحكومة الإسرائيلية ولا الدول التي تدعمها.
بحسب تصريحات الناشطة ليرر إنها ذهبت في تموز إلى إسرائيل، "بلدها الذي لم تقطع علاقاتها به قط"، فوجدت أن المجتمع الإسرائيلي يعيش انجرافا خطيرا للغاية، وأن الغالبية العظمى ليس لديها وعي واضح بما "نفعله، نحن الإسرائيليين، في غزة. إنهم لا يفهمون جانب الإبادة الجماعية لما نقوم به".
وأشار الموقع إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية لا تعرض سوى بعض الآثار في بعض الأحيان، مثل أن الجيش يقتل مسؤولين من حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مؤكدة أن انجراف المجتمع الإسرائيلي قوي للغاية، لدرجة أنه لا يمكن لأي تغيير أن يأتي من الداخل.
وتقول ليرر إنّ هناك حاجة إلى عمل خارجي، فمنذ أكثر من عام، "تنشر وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم مقتل عشرات الأشخاص في قطاع غزة وفي لبنان، وبين الجنود الإسرائيليين أيضا. والأمر الملح هو وقف هذا الآن، لكن الإسرائيليين المعارضين للحرب، مثل الموقعين على هذا النداء، يشكلون أقلية ضئيلة. ونحن يائسون. نحن بحاجة إلى من ينقذنا من أنفسنا".
وأكدت أن هذه هي المرة الأولى التي تتجاوز فيها الدعوة لفرض العقوبات أقصى اليسار، حيث وقع على المذكرة أساتذة فخريون وسفير سابق ومدع عام سابق، وبعض أقارب المحتجزين وأقارب الأشخاص الذين قتلوا في السابع من تشرين الأول.
وذكّرت أن إسرائيل ليست مثل روسيا، ولا تستطيع شن حرب بمفردها، فهي تحتاج إلى دول أخرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فواشنطن تزودها بالسلاح لأنها لا تنتج طائرات مقاتلة ولا صواريخ، وأوروبا تجعلها أكبر شريك تجاري لتستفيد من المزايا نفسها التي تستفيد منها أي دولة أوروبية تقريبا، وبالتالي "فنحن بحاجة إلى حظر الأسلحة".
*قادة وشخصيات مجرمة في مواجهة "الجنائية الدولية".. أوامر بإعتقالهم.
المحكمة الدولية أعلنت في بيان رسمي، أنها رفضت الاعتراضات التي قدمتها إسرائيل، المتعلقة بعدم وجود صلاحيات للمحكمة للنظر في الأحداث الجارية في قطاع غزة والضفة الغربية، ومطالبتها بوقف كافة التتبعات بحق المسؤولين الإسرائيليين، والمستندة على الفصلين 18 و19 من إعلان روما.
في السياق الأممي، أن قبول إسرائيل بشرعية المحكمة ليس ضرورياً لتواصل هذه الأخيرة عملها، وأن قضاتها توصلوا إلى نتيجة "تفيد بوجد أرضية معقولة للاعتقاد أن كلا من نتانياهو وغالانت، مسؤولان عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومهاجمة السكان المدنيين، بين الثامن من أكتوبر 2023، والعشرين من ايار "2024.
.. هنا من أرشيف المحكمة الجنائية الدولية، قادة وشخصيات مجرمة في مواجهة .. أوامر بإعتقالهم.
*الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
إصدار مذكرات بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير الدفاع آنذاك، سيرغي شويغو، إلى جانب عدد من المسؤولين في روسيا، بداية آذار 2023.
المذكرة طالبت باعتقال بوتين وشويغو بتهمة جرائم حرب في أوكرانيا، وكذلك دورهما في إصدار التعليمات بتنفيذ "الترحيل غير القانوني للأطفال في أوكرانيا".
وكانت تلك المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الدولية مذكرة بحق مسؤول بارز في دولة تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
*الرئيس السوداني عمر البشير.
أصدرت المحكمة مذكرتي اعتقال بحق الرئيس السوداني السابق، عمر حسن البشير، عامي 2009 و2010 طبقاً لتهم بالمسؤولية وراء جرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب في إقليم دارفور، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية.
البشير رفض الاعتراف بمذكرات الاعتقال، وتحدى المحكمة، عبر السفر إلى عدد من الدول الأفريقية، التي تجنبت اعتقاله أو تسليمه.
ولم يكن توجيه الاتهام وإصدار مذكرتي الاعتقال بحق البشير معزولاً، بل تم توجيه تهم مماثلة لعدد من المسؤولين البارزين في نظامه.
*الرئيس الليبي معمر القذافي.
واجه الزعيم الليبي، معمر القذافي، مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في حزيران عام 2011، صحبة ابنه، سيف الإسلام، وعدد من المسؤولين في نظامه، على رأسهم، عبد الله السنوسي، مدير المخابرات.
ومن اللافت أن المحكمة وجهت تلك التهم إلى كبار المسؤولين في نظام القذافي، رغم أن ليبيا ليست عضواً في الجنائية الدولية ولم تصادق على تأسيسها، مثلما هو الحال بالنسبة لإسرائيل، التي أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها ووزير الدفاع السابق.
*رئيس ساحل العاج لوران غباغبو.
واجه رئيس ساحل العاج السابق، لوران غباغبو، مذكرة اعتقال من الجنائية الدولية، عقب الأحداث الدامية التي شهدتها بلاده، والقتال العنيف بين أنصاره من جهة، وأنصار زعيم المعارضة آنذاك، الحسن واتارا، عقب الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2010، والذي انتهى بتنحيته بالقوة في العام الموالي.
وبعد محاكمة طويلة، استمرت إجراءاتها لنحو 10 سنوات، وتضمنت حضور 82 شاهداً، حصل لوران غباغبو ومساعده بلي غودي أخيراً على البراءة من التهم الموجهة إليهما، ووقف كافة التتبعات بحقهما عام 2019.
*الرئيس الكيني ويليام روتو.
أما الزعيم الأفريقي الآخر الذي واجه مذكرات الاعتقال للجنائية الدولية، فهو الرئيس الكيني الحالي، ويليام روتو، الذي واجه تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، عقب أحداث العنف، التي اندلعت عقب الانتخابات عام 2007.
روتو حصل على البراءة عام 2016، عندما كان يشغل منصب نائب رئيس كينيا، ثم تم انتخابه رئيساً عام 2022.
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية، تأسست عام 2002، كتتويج لمجهود طويل يهدف لتأسيس نظام قضائي دولي فعال، يضمن تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومعاقبة الأفراد أو الكيانات التي تنتهك حقوق الإنسان وقانون الحرب واتفاقيات جنيف الأربعة الخاصة بمعاملة الأطراف المتحاربة للمدنيين أو العسكريين أثناء الحرب.
وبدأت تلك الجهود منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، مع تركيز "لجنة الخبراء لتحديد المسؤوليات"، التي نظرت في الأسباب التي أدت إلى الحرب، وكان من مهامها اقتراح أسماء مسؤولين من ألمانيا والنمسا، لمحاكمتهم من أجل جرائم حرب، وأبرزهم آخر إمبراطور لألمانيا، فيلهلم الثاني، الذي لجأ إلى هولاندا.
لكن التطور البارز حدث عقب الحرب العالمية الثانية، مع إحداث محكمة نورمبرغ، لمقاضاة قادة ألمانيا النازية، والمحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى، لمحاكمة العسكريين اليابانيين عن الجرائم التي اقترفوها منذ غزوهم للصين بداية الثلاثينات.
وبعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفياتي، الذي ترافق مع تغييرات سياسية جذرية في أوروبا، اتخذ بعضها طابعاً عنيفاً، أصدر مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، القرار 808، في ايار 1993، الذي أحدث بموجبه المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، من أجل محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وجهت محكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، اتهامات لأفراد من كرواتيا والبوسنة والهرسك وصربيا. ويعتبر سلوبودام ميلوزوفيتش أعلى مسؤول تم تقديمه للمحاكمة أمامها، لكن وفاته أثناء التحقيقات والمداولات القضائية منعت إصدار أي حكم بحقه، وليتم أخيراً حلها في كانون الاول 2017.
وفي عام 1994، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 955، الذي أحدث بموجبه محكمة الجنايات الدولية لرواندا، والتي نقل مقرها إلى مدينة آروشا، بتنزانيا. وقامت المحكمة بإجراء تحقيقات وإصدار أوامر اعتقال بحق المسؤولين عن الإبادة الجماعية خلال الحرب الأهلية بين قوميتي الهوتو والتوتسي، في رواندا.
استمرت جهود تطوير القضاء الدولي، داخل أروقة الأمم المتحدة، وبدأت في نيويورك عام 1996 سلسلة الاجتماعات التحضيرية، التي عقدتها مجموعة من جمعيات المجتمع المدني الدولية، تحت شعار "التحالف من أجل المحكمة الجنائية الدولية"، وتبنت بعض الدول الفكرة.
وبعد مفاوضات مضنية، تم التوصل لما عرف باسم "إعلان روما للمحكمة الجنائية الدولية"، الذي وقعت عليه 120 دولة، مع امتناع 21 دولة عن التصويت، واعتراض 7 دول، 4 منها عربية، وهي العراق وقطر واليمن وليبيا، بالإضافة إلى إسرائيل والصين والولايات المتحدة.
وبذلك بدأت إجراءات تركيز المحكمة وإداراتها وانتخاب القضاة الذين سيعملون في مقرها بهولاندا.
أولى مذكرات الاعتقال الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية صدرت في تشرين الاول 2005، وهي متعلقة بالاتهامات التي وجهت لحركة "جيش الرب" في أوغندا، بانتهاك حقوق الإنسان، واقتراف جرائم حرب.
رغم أن قرار إحداثها كان بمبادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن الجنائية الدولية ليست مرتبطة بالمنظمة الأممية هيكلياً أو إدارياً، على عكس محكمة العدل الدولية، التي هي جزء من منظمة الأمم المتحدة.
وواجهت الجنائية الدولية انتقادات لاذعة طيلة عملها الذي بدأ رسمياً عام 2005. فالقادة الأفارقة طالما انتقدوا عملها الحصري على حالات من القارة الأفريقية دون غيرها، لعدة سنوات، ما دفع كلا من جنوب أفريقيا وبورندي بالتهديد بالانسحاب منها عام2016.
كما وجهت روسيا انتقادات لاذعة للجنائية الدولية، واصفة مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق بوتين، بأنها "حركة استفزازية لا معنى لها". ومثلما كان عليه الحال مع الرئيس السودانين عمر البشير، تحدى بوتين قرار المحكمة وقام بزيارة منغوليا في سبتمبر الماضي، وتتحدث تقارير صحفية عن إمكانية سفره إلى الهند في المستقبل القريب.
.. وفي السياق:
مذكرات الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية اليوم بحق السفاح نتانياهو و المتطرف غالانت، هي سابقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكونها أول مرة يواجه فيها مسؤول إسرائيلي اتهامات خطيرة من هيئة قضائية دولية، بخصوص الإجراءات التي يتخذها ضد الفلسطينيين.
ورغم كون مذكرات الاعتقال لا تعني بالضرورة الاعتقال، خصوصاً وأن إسرائيل لا تعترف بسلطة المحكمة، إلا أن المدعي العام ، كريم خان، يرى أن سلطة المحكمة تشمل الجرائم المحتملة التي حدثت في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يمكنه من الشروع في ملاحقات قضائية غير محدودة.
*السفاح قد لا يجد "مكان تحت الشمس”.
" الدستور"، تحاول هنا القاء الضرر على حياة السفاح نتنياهو السياسية، وهي التي جعلته نتيجة وجود اليمين المتطرف التوراتي، يتوهم بأن لديه قدرات على تغيير العالم، تحديدا المنطقة وكل الشرق الأوسط، وهنا قراءة في كتاب "مكان تحت الشمس” لـ بنيامين نتنياهو
تعود هذه القراءة إلى تاريخ 05/12/2019، كتبتها المحلل السياسية نبال خماش، تتلخص الأفكار فيها حول شخصية السفاح نتنياهو، تستند إلى فصول الكتاب الذي ترجم إلى اللغة العربية، وعدي اللغات الأوروبية.
تتلخص محاور الكتاب في :
*1:الرئيس الكارثة
بنيامين نتنياهو، أو بيبي، كما كان يحلو للرئيس الأمريكي بيل كلينتون أن يسميه، أو "عطا الله” وفق اللهجة الشعبية للفلسطينين، وهي ترجمة حرفية لاسمه الثاني. ومع تعدد الأسماء، هناك تنوع في الصفات التي ارتبطت به، مثل "الرئيس الكارثة” وهي صفة أطلقت عليه منذ بداية رئاسته للحكومة الإسرائيلية عام 1996 إلى يومنا هذا، ودلالة هذه الصفة قدرة هذا الرجل الفائقة على الاحتيال والتفلت من الأزمات في وقت واحد. وترى فيه نسبة غير قليلة من المقارنات والتحليلات السياسية لكتّاب من اليسار الإسرائيلي تحديدا، الشخصية الصهيونية الأمثل القادرة على الوصول بإسرائيل إلى الكارثة. وإذا كانت هذه قناعة اليسار الإسرائيلي، الذي تزعمه لفترة غير قليلة شمعون بيريز، الذي عرضنا لكتابه "الشرق الأوسط الجديد” في الحلقة السابقة، فإن نتنياهو، باعتباره من رموز اليمين المتشدد في إسرئيل، يتهم اليسار الإسرائيلي باعتبارهم "نسوا معنى أن يكون المرء يهوديا”.
*2:عام الوهم في 1993.
لتوضيح معنى أن تكون مفيدا لليهودية، وفقا لرؤية السفاح نتنياهو، لا بد من إعادة ترتيب الأولويات السياسية، التي عرضها على نحو تفصيلي في كتابه "مكان تحت الشمس”.
صدر الكتاب بلغته الأم، العبرية، عام 1993، وبعد ثلاثة أعوام من صدوره، تولت دار نشر أردنية "دار الجليل” ترجمته إلى العربية. وإذا أردنا تصنيف الكتاب بحسب دلالات عنوانه والطروحات السياسية الواردة فيه، يمكن إدراجه ضمن الواقعية السياسية، وإذا أردنا تفصيلا أكثر ضمن مستويات الواقعية، فإن الكتاب يعدّ نموذجا واضحا للصيغة الواقعية المتطرفة، التي تعرف بـ ” الواقعية الهجومية "، وهي نظرية تعكس تصورا مقدمًا بالأساس للدول العظمى بهدف تعظيم معالم قوتها وسيطرتها ضمن مبدأين أساسيين: توازن القوى، وإلقاء التبعات على الآخرين. وهما عنصران يلمس القارئ حضورهما في كل صفحة من صفحات الكتاب الذي يقع في 438 صفحة.
*3:الهوية اليهودية
استعرض السفاح نتنياهو في الفصل الأول والثاني من الكتاب النشأة التاريخية للفكر الصهيوني، واعتبره صاحب الفضل الحقيقي في الحفاظ على الهوية اليهودية، وحذر من خطورة التخلي أو التراخي في التمسك بهذه المبادئ، معتبرا أي تنازل عن أساسيات هذا الفكر بمثابة تفريط بمصدر من مصادر الحياة الأساسية. وأهم بند من بنود هذه الأفكار، وفق شروحات المؤلف، المحافظة على أمن إسرائيل. فالأمن مطلب لا يتقدمه أي مطلب آخر، يتقدم الاقتصاد، والسياسية والسلام. والأمن وفق عرض الكتاب مرتبط بالأرض، وبناء على هذه الرؤية وجه نتنياهو نقدا شديدا لمبدأ التفاوض مع الفلسطينيين والعرب عموما الذي كان قائما على مبدأ ” الأرض مقابل السلام "، ويقضي فحوى هذا الشعار العريض، أن تتنازل إسرائيل عن المساحات التي أخضعتها لسلطتها بالقوة، مقابل حصولها على السلام، أما الشعار الذي اعتمده ضمن رؤيته الشاملة فقائم على مبدأ ” السلام مقابل السلام ".
*4:عدم قابلية التفاوض على الجولان.
الترجمة العملية لهذا المبدأ، بالمقارنة مع الخطوات التي اتخذها نتنياهو على الأرض مؤخرا، نجدها حاضرة في: عدم قابلية التفاوض على الجولان باعتبارها تشكل العمق الاستراتيجي لإسرائيل، ضم كامل مدينة القدس تحت السيادة الإسرائيلية. كما استطاع نتنياهو خلال الأشهر الماضية الحصول على تأييد أمريكي بشأن كلا البندين. ولاكتمال الخطة التي رسم معالمها للحفاظ على أمن إسرائيل، أعلن عن نيته ضم غور الأردن والضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني، إضافة إلى ضمان استمرار التفوق العسكري والتكنولوجي الإسرائيلي في المنطقة.
*5:انطلاقة الاستيطان اليهودي.
عن "الحق الموضوعي” لليهود في فلسطين، يذكر المؤلف أن هذه البقعة كان يقطنها قبل قدوم المجموعات اليهودية مجموعة من السكان ” الكسالى ” الذين "لا فائدة منهم”. وأنهم لم يبادروا في إحداث تبدل حقيقي في شكل ونمط الزراعة بفلسطين، رغم خصوبة الأرض ووفرة المياه فيها، وأن مظاهر التطوير والتحديث والاستثمار القصوى للأرض، بدأت مع انطلاقة الاستيطان اليهودي في فلسطين أواسط القرن التاسع عشر. والموضوعية العلمية تقتضي الإقرار بصحة بعض ما ذكره نتنياهو، فالواقع التاريخي يحدثنا أن الحياة الزراعية حتى العقد الثاني من القرن العشرين، ليس في فلسطين وحدها، كانت بدائية، ووسائل الإنتاج المستخدمة لم يطرأ عليها أي تغيير منذ قرون طويلة، وهذا راجع بالأصل إلى نمط الاقتصاد في السلطنة العثمانية، القائم أساسا على الجباية دون إدخال إجراءات إصلاحية لأي من القطاعات الاقتصادية، وفي المجال الزراعي تحديدا، كانت السلطنة تجبي من المزارعين ثلاثة أرباع ناتجهم السنوي، وتترك لهم الربع يتدبرون معيشتهم من خلاله، فكانت النتيجة الطبيعية أن يعزف الناس عن الاشتغال بالأرض وتطويرها، فتردى الوضع الزراعي بعموم المنطقة، بما فيها فلسطين، حتى إذا جاءت الجماعات الاستيطانية اليهودية إلى المنطقة، أخذت تستثمر بما لديها من معارف وخبرات اكتسبتها نتيجة احتكاكها بالمجتمعات الأوربية، وأحدثت بالفعل نقلة حقيقية في كافة المجالات المرتبطة بالزراعة.
*6:الرجل الأبيض.
النقطة الأهم المرتبطة بهذه المسألة على وجه التحديد، التي أغفلها السفاح نتنياهو وأسقطها بالكامل في سرده التاريخي، وهي أن الصيغة التي اقتحمت من خلالها القوى العالمية إلى المنطقة مطلع القرن العشرين، كانت تحت شعارات ومبررات حضارية بحتة، وأن هذه المبررات تنسجم مع الرسالة الإنسانية التي تكفل الرجل الأبيض تأديتها من خلال الارتقاء بالشعوب المتأخرة والنهوض بها، وتنمية قدراتها وإمكاناتها على نحو يؤهلها لكي تحكم نفسها. غير أن أيًا من هذه الوعود لم يتحقق، والقليل الذي أنجز في هذا الشأن لم يأت اكتماله إلا تلبية لحاجة تعزز من مظاهر الهيمنة الاستعمارية في المنطقة، وفي مقدمتها التمهيد لاستقبال مزيد من الهجرات اليهودية واستيطانهم في هذه الأرض، كمرحلة أولى تعقبها مرحلة إعلان الكيان الصهيوني.
*7:نظريته العنصرية..
معالجته الإيديولوجية والتاريخية للعديد من الجوانب المرتبطة بالصراع العربي – الإسرائيلي، يعيد السفاح نتنياهو بلورة نظريته العنصرية إزاء العرب بالمجمل، باعتبارهم أمة لا نفع منها، ولا يمكن أن تستقيم في نهج الحضارة إلا من خلال سياسات القوة، وأنه لا يمكن الوثوق بهم، متلونون، يبدلون آراءهم ومواقفهم بسرعة عجيبة، وأن قادتهم السياسيون يتخذون من القضية الفلسطينية فزاعة لتحقيق أهدافهم الشخصية، وهذه النقطة تحديدًا لا يمكن المجادلة بشأنها، وتتوافق بالكامل مع تجربة كافة الأنظمة السياسية المحيطة بفلسطين.
*8:صيغة القوة.
وبناء على هذه النظرية العنصرية تجاه العرب، يؤكد صاحب الكتاب في أكثر من موضع أن الوسيلة الأنجع للتعامل معهم ينبغي أن تكون مبنية وفق صيغة القوة. وبناء على هذه النظرة رسم الكاتب معالم العلاقة بين إسرائيل والدول العربية وصولا إلى مرحلة السلام، باعتبار أن ” قوة الردع المعتمدة على قوة الحسم” هي الصيغة الوحيدة التي يمكن من خلالها العبور إلى واقع السلام، وهي صيغة تنسجم مع الدول العربية باعتبار أن أنظمتها استبدادية، وهي بالضرورة صيغة مغايرة تماما للصيغة التي تعتمدها إسرائيل في تعاملها مع الأنظمة الديمقراطية حول العالم. واستكمالا لهذه الرؤية لا يعترف نتنياهو بأي حق من حقوق الشعب الفلسطيني التي تتعارض مع مصلحة ” الدولة اليهودية” واشتراطاتها، وفي مقدمتها ضمان أمن إسرائيل وحمايتها من أي اعتداء محتمل. واستكمالا لهذه النظرة يرفض الكاتب في طرحه فكرة التخلي عن الضفة الغربية وهضبة الجولان، باعتبارها مسألة تتعارض مع الاستراتيجية الأمنية لإسرائيل، إضافة لاعتماد هذه الأخيرة على هاتين المنطقتين في البعد المائي الضامن لاستمرارية تزويد الكيان بالماء النقي. واستكمالا للواقع المستقبلي الذي يسمح لإسرائيل أن تأخذ مكانا بارزا تحت شمس المنطقة، أكد الكتاب في أكثر من مكان على أهمية التطبيع مع الدول العربية، وتحديدا الدول النفطية، وهي الدول التي وصف بنيامين قياداتها بعد زيارته ومسؤولين إسرائيليين لعدد من عواصمها، باعتبارهم "الحلفاء”. غير أن الكتاب أغفل بالكامل، الثمن أو التعهدات التي من المفترض أن تلتزم بها إسرائيل لمرحلة ما بعد التطبيع.
*9:وجود إسرائيل.. وإيران.
حجم القلق الذي يسكن عقل المؤلف مما يعتبره الخطر الحقيقي الذي يهدد وجود إسرائيل ممثلا بالجمهورية الإيرانية، ففي أكثر من موضع يستحضر نتنياهو المخاوف من امتلاك إيران السلاح النووي، خصوصا في ظل حكم إسلامي راديكالي، وهي حالة من شأنها إذا اكتملت بنجاح أن تحدث تغييرا عميقا في موازين القوى بالمنطقة لصالح طهران، وهذا التغيير قد يتطور ويأخذ في التصاعد وصولا إلى حرب إقليمية. ولمواجهة هذا التهديد فإنه يحث في كتابه الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية إلى اعتماد سياسة الحصار والمقاطعة، وصولا لإجراء تغيير هيكلي في الجمهورية الإسلامية. وعبر السنوات الماضية لمس الجميع لحظات التحفيز التي أثارها رئيس الوزراء الإسرائيلي للقوى الدولية بهدف توجيه ضربة عسكرية قاصمة لإيران، وفي كل مرة كانت تعصف بدعواه أحداث وتطورات سياسية وعسكرية تعارض فكرته في التصعيد، ومع تكرار التحفيز وتوالي الإعراض أدرك غالبية المتابعين أن القرار العسكري لا يحظى بقبول وحماسة لدى المجتمع الدولي، وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية.
*10:حرب الوكلاء.
وباعتبار أن الصيغة المقترحة إسرائيليا لا تحظى بقبول دولي، فإن الصيغة الواقعية المتاحة لكلا الطرفين، الإسرائيلي والإيراني على السواء، باتت محصورة ضمن ما يمكن تعريفه بتوافق الطرفين على صيغة مشتركة من التوظيف المتبادل للعناوين الخلافية العريضة، بحيث يظهر كل طرف حدود قوته ونفوذه في مساحة جغرافية على الأرض العربية من خلال اللجوء لما يعرف بـ ” حرب الوكلاء ” والاكتفاء بهذه الصيغة الدامية باعتبارها ترجمانا واقعيا لحالة الصراع بينهما. وهذه الحالة من التوظيف يمكن تلمسها في العديد من مشاهد النزاعات والخلافات التي تحفل بها المنطقة.
*11:استبدال الصيغة الأصلية لفكرة السلام.. كيف؟.
تمكن نتنياهو من الوصول إلى رئاسة الحكومة في كيانه، وتمكن خلال فترات رئاسته، من تحقيق جزء غير قليل من رؤاه التي شرحها في كتابه، ابتداء من استبدال الصيغة الأصلية لفكرة السلام باعتبارها صيغة تبادلية الأرض مقابل السلام والاستعاضة عنها بصيغة أحادية، سلام مقابل سلام، ونجاحه كذلك في إعلان دولته باعتبارها دولة قومية يهودية، وتكثيف الاستيطان، وانتزاع اعتراف الولايات المتحدة باعتبار القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، والتعامل مع الجولان باعتباره جزءا لا ينفصل عن الكيان الصهيوني، والعلامة الفارقة في إنجازات هذا الرجل، نجاحه في اختراق منظومة دول الخليج العربي، والانخراط معها في عملية تطبيع مع أنظمتها السياسية، أما خطوته اللاحقة، التي عبر عنها من خلال وعده لناخبيه في حملته الانتخابية الأخيرة، التي تقاسم الفوز بها مع منافسه بيني غيتس، فستكون ضم غور الأردن والضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني، وهو الوعد ذاته الذي أطلقه منافسه غيتس لاحقا. ودلالة هذا التنافس، أن الحالة المتشددة التي كانت تضمن لنتنياهو بصورة دائمة وصولا آمنا للرئاسة، قد انقلبت عليه، بفضل تماهي منافسيه مع الحالة ذاتها، لا بل والمزاودة عليه من خلالها، وهي حالة يمكننا من خلالها تلمس واقع المنطقة في المراحل المقبلة، وأن لا شيء في الأفق سوى مزيد من التأزيم، ومزيد من الغطرسة الصهيونية.
.. وحتما ، تعيش دولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، مأزق سياسي قانوني دولي، وهذا أمر مهم في المرحلة الأتية من الصراع المفتوح على حروب جبهات عديدة لحرب الكابنيت الصهيوني، الذي ما زال يمارس حرب الإبادة والمجازر، وهناك من يدعي في الغرب حق إسرائيل السفاح في الإبادة الجماعية. ــ الدستور المصرية
*huss2d@yahoo