سمر حدادين : غاب القانون الإنساني الدولي وحضر الموت والدمار
على مدى عشرين عاما كنت مؤمنة بالقانون الدولي الإنساني وبدور المنظمات الحقوقية، على تنوع قضاياها، بأنها قادرة على الدفاع عن المظلومين، وأن اتفاقية جنيف تستطيع أن تحمي المدنيين والصحافيين في حالات الصراع والحروب، إلى أن جاءت الحرب على قطاع غزة، حيث انهارت معها كل القيم الإنسانية أمام نظرة الخوف والريبة لطفل فقد عائلته ومنزله والوسادة التي كان يرخي رأسه عليها بعد تعبه من اللعب مع أقرانه.
غياب تام وصمت مطبق من المنظمات الحقوقية التي ما فتئت تتشدق بالدفاع عن حقوق الأقليات واللاجئين والاطفال والمرأة والصحافيين.
تلك المنظمات التي تنهال ببيانات الاستنكار والشجب من كل صوب وحدب للدفاع عن حقوق أراها اليوم أقل أهمية بالمقارنة مع الحق بالحياة وبالمأوى الآمن وبالغذاء والدواء.
حرمان أهل غزة من الحق بالحياة والغذاء والدواء هو بلا شك يرقى الى جريمة ضد الانسانية لا بل جريمة حرب لا ينبغي السكوت عنها، كما وصفها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مساء الاحد، عندما أكد أن «منع الغذاء والمياه والكهرباء عن المدنيين الأبرياء في قطاع غزة جريمة حرب يجب أن يدينها العالم ويرفضها».
وللأسف، غابت المنظمات الحقوقية والانسانية الدولية، ولم تأبه بقصف المستشفيات وتدمير البيوت ونسف أحياء بكاملها وقتل سكانها وتشريدهم، واكتفت بتصريحات وبيانات خجولة.
أين المنظمات التي تدافع عن حق الكلمة وحرية التعبير، أمام استشهاد ١١ صحافيا صحافية وتدمير مكاتب إعلامية، كنت اعتقد، بسذاجتي وإيماني بالقانون الدولي الإنساني، أن ارتداء الصحافي/ة لسترة الصحافة تحمي أصحاب القلم من الاستهداف وفقا لاتفاقية جنيف التي تمنع التعرض لهم، لكن في هذه الحرب انهارت كل القيم.
بعد أن تضع الحرب أوزارها، التي وصفتها الزميلة منى عوكل، صحافية من غزة، بأنها حرب حياة او موت، وأنها تختلف عن أي حرب سابقة شاركت بتغطية أحداثها، كيف يمكن ان نقنع الجيل الجديد بأهمية ودور المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، فهي كما قالت صحافية أردنية تدربنا على أدوات الضغط على الحكومات لتحصيل الحقوق، وبهذه الحرب لاذت هذه المنظمات بالصمت، رغم أن لديها الأدوات والقوة لممارسة الضغوط على دول صناعة القرار العالمي كي توقف القتل والتشريد، وتسمح بإيصال المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة.
بهذه اللحظة يتبادر إلى ذهني سؤال أو جهه إلى المنظمات الحقوقية التي تصنف إسرائيل بأنها حرة، ودولنا قمعية في مجال حرية التعبير، هل ستغير معاييرها، أم ستتغاضى عن قتل إسرائيل الكلمة واغتيال القلم لإخفاء جرائمها، وتبقي إسرائيل ضمن قائمة الدول الحرة؟
وأخيرا أوجه نداء لهذه المنظمات، ما زالت الفرصة مواتية لكم لتثبتوا أنكم تدافعون عن الإنسان، فهبوا للدفاع عن حق أهل غزة بالحياة. ــ الراي